لقد كتبت في مقالات سابقة بسر العلاقة بين السلفيين والبريطانيين وسألت نفسي هل السلفية صناعة بريطانية وهنا أسأل نفسي مرة أخرى هل الإخوان المسلمين صناعة أمريكية عندما قرأت مقالاً في جريدة نيويورك تايمز الأمريكية بعنوان غزل امريكي - اخواني أدركت فيما بعد سر العلاقات بين الأحزاب الإسلامية والغرب وحتى يحلل القارئ بنفسه عنوان مقالتي أنقل ما ورد في الجريدة السابقة وهدا النص كاملاً.
<p>مع اتجاه الإخوان المسلمين في مصر إلى حصد غالبية واضحة في الانتخابات البرلمانية، سارعت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى مراجعة سياستها التي استمرت لعقود طويلة على أساس انعدام الثقة والعداء المتبادل، مؤكدة بذلك على تغيّر جذري في سياستها الخارجية التي ارتكزت على علاقات وثيقة جمعتها بالنظام الديكتاتوري السابق وحكم العسكر.
ليس هذا خبراً عادياً، إنما يعدّّ تحولاً تاريخياً في سياسة خارجية انتهجتها الإدارات الأميركية المتعاقبة..
يثبت هذا التحوّل بالدرجة الأولى اعترافاً أميركياً بالواقع السياسي الجديد في مصر والمنطقة بأكملها، مع وصول الجماعات الإسلامية إلى السلطة، وتحديداً مع دخول «الإخوان المسلمين» في مصر حلبة المنافسة في المرحلة الثالثة والأخيرة من الانتخابات البرلمانية، بعد أن حصدت تقريباً نصف مقاعد البرلمان في الجولتين الأولى والثانية.
من جهة ثانية، يؤكد التحوّل على قبول إدارة أوباما المتزايد بتطمينات جماعة «الإخوان» بأن نوابها يريدون بناء دولة ديموقراطية حديثة من شأنها الإعلاء من الحريات الفردية وتعزيز الأسواق الحرّة والأهم، الالتزام بالاتفاقيات الدولية، وتحديداً اتفاق السلام مع إسرائيل.
في المقابل، يتزايد «إحباط» واشنطن من سياسة المجلس العسكري، وإن كانت في الوقت نفسه تحرص على الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع الحكام العسكريين، إذ لم تهدد الإدارة صراحة بمنع المساعدة العسكرية عن مصر، التي تبلغ قيمتها نحو 1.3 مليار دولار سنوياً.
ومع اتجاه «الإخوان» إلى مواجهة متوقعة مع المجلس العسكري هذا الشهر من اجل استلام السلطة، فإن موقف الأميركيين قد يضفي مزيداً من الشرعية الدولية على نشاط الجماعة الإسلامية.
وأكثر من ذلك، وفقاً لمسؤول أميركي، «سيكون من غير العملي تماماً عدم الانخراط مع الجماعة، وذلك من أجل أمن الولايات المتحدة ومصالحها الإقليمية في مصر»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد طريق آخر أفضل من الانخراط مع الحزب الذي فاز في الانتخابات، وقد نقلنا لهم رسالة حول الأمن الإقليمي، وكذلك القضايا المحلية والاقتصادية».
من ناحية أخرى، يشير السيناتور جون كيري، إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تحتاج للتعامل مع الواقع الجديد، وأشار كيري إلى أن قادة «الإخوان المسلمين» أكدوا له خلال اجتماعه مع مسؤولي حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، أنهم حريصون على العمل مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الأخرى، خاصة في المجال الاقتصادي.
يُذكر أن أولى الاتصالات الأميركية مع «الإخوان» في مصر تعود إلى بداية التسعينيات، على الرغم من انها كانت في السابق محدودة بلقاءات غير معلنة، كذلك مع النواب الذين ينتمون إلى «الإخوان» ولكنهم انتخبوا على أساس أنهم مستقلون.
وقد أثارت مثل هذه اللقاءات حينها حفيظة الرئيس حسني مبارك الذي قال للصحافية الأميركية ماري آن ويفر «حكومتكم على اتصال مع هؤلاء الإرهابيين، وبشكل سري جداً من دون علمنا»، مضيفاً «أؤكد لك ان الإخوان لن يسيطروا على هذا البلد يوماً».
ويقول المحلل في معهد «بروكنغز» شادي حميد «اليوم يدرك الإخوان أن موقفهم قوي للغاية وأميركا تحتاجهم.. فأميركا لا يمكنها التدخل لتغيير النتائج، ولو فعلت فإن البديل الوحيد يكون بوقوفها في وجه الديموقراطية الصاعدة في المنطقة».
من هنا، يؤكد المقرّبون من دوائر صناعة القرار الأميركية بأن هذه العلاقة الناشئة مع «الإخوان» تعدّ تمهيداً لتبلور سياسة خارجية تشمل إسلاميي المغرب وليبيا وتونس في أقل من سنة.
ديفيد كيرك باتريك
«نيويورك تايمز»