المقدمة:
كوننا عرب ، و نعيش في الوطن العربي حيث تنتشر نطاقات البيئة الصحراويةبدرجاتها الثلاث : بيئة صحراوية جافة ،بيئة صحراوية متطرفة الجفاف ،والأخيرة البيئة الشبه الجافة، فمن الجدير بنا التعرف على خصائص بيئتنا ، وكيف بإمكان الحيوانات و النباتات التأقلم معها. و أكبر مثال هو سفينةالصحراء(الجمل).
وضع الإبل في المملكة الحيوانية: Animal Kingdom
صف: الثدييات Mammilia.
مجموعة: وساديات الأقدام Tylopoda.
العائلة: الجملية Camelidae.
ورغم أن الجمل يَجْتَرّ الطعام فإنه من الخطأ القول بأنه من رتبةالمجترات؛ لأن رتبة المجترات لها 4 غرف للمعدة، أما الحيوانات وِسَادياتالقدم فتتكون المعدة عندها من ثلاث غرف فقط.
الجمل والبيئة الخارجية
الجمال تستطيع أن تعيش في جو بارد أو حار.. إلا أن تكيفها على العيش في المناطق الحارة والجافة يُعَدُّ منظومة عجيبة تستحق النظر.
لا يفضل الجمل وحيد السنام العيش في المناطق الممطرة، بل يفضل المناطقالتي تمر بها فترات حرارة طويلة من الجفاف قد تصل إلى ثمانية أشهر.
ومن ثَمَّ يتمتع بنظام متميز يمكنه من التكيف مع الجفاف والحرارةالعالية.. كما يلعب شكله الخارجي دورًا هامًّا في هذه الظروف القاسية.
شكل الجمل
يتراوح لون الجمل من البني إلى الرمادي، وفي حالات نادرة اللون الأبيض،العينان كبيرتان وبارزتان أشبه بعين الغزال، الأهداب طويلة وكثيفة ويوجدغشاء رقيق تحت الجفن يحتوي على غدد كاملة التطور، وظيفتها حماية القرنيةمن الرمال في البيئة الصحراوية.. الجمل له فَم كبير واللسان طويل وصلب كييسهل من عملية التقاط المواد الشوكية.. تختلف الأسنان في الإبل عنها في أيحيوان آخر.. حيث تمتاز بقواطع في الفك العلوي، بينما لا توجد إلا في الفكالسفلي في الحيوانات الأخرى.. ولها أنياب قوية تميزها عن المجتراتالحقيقية.. عدد أسنان الإبل هو "34".
الشفة العليا سميكة ذو حساسية شديدة للأشواك، يغطيها شعر كثيف بمقارنتهابالشفة السفلى المتدلية. الشفة العليا مشقوقة طوليًّا في المنتصف، وبهاأخدود يتصل بفتحة الأنف حتى يمكن للرطوبة التي تتكون على فتحتي الأنف أنتمر إلى الفم..
يغطي فتحتي الأنف شعر كثيف يمنع الرمال من الدخول إليهما، بل محاطتانبعضلات قوية تمكنهما من الانغلاق في العواصف الرملية.. والأنف ترتعشدائمًا لتبريد هواء الشهيق.
القدم ذو أصابع واسعة ومفرطحة، تغوص في وِسادة جلدية.. وفي أثناء السيرتتفرطح هذه الوسائد نتيجة الضغط عليها مانعة القدم من الغوص في الرمال..ويسير الجمل بحركة تأَرْجُحِيَّة.. يمشي فيها على الأرجل اليمنى تارة، ثمينتقل على الأرجل اليسرى تارة أخرى..
الجمل له سنام مميز، يخزن به الدهن مع بعض الأنسجة الليفية كمخزن للطاقة..ولا يتسرب الدهن إلى تحت الجلد كالحيوانات الأخرى.. وهو يقع في مركز الجسمبارتفاع 50سم ومحيطه يبلغ ما يقرب من 200سم.. الجمل العربي أكثر طولاً منالجمل ذي السنامين؛ حيث يبلغ حوالي متر و85 سم عند الكتف، ومترين و15 سمعند السنام، يبلغ وزن الجمل في المتوسط من 450 إلى 600 كيلو جرام محمولاًعلى أربع أرجل طويلة ورفيعة واسعة الخطوات لسهولة الحركة في الصحراء.
الجمل له ذيل قصيرة مجدول ينتهي بخصلة من الشعر.
فرو الجمل ناعم وقصير يبلغ حوالي 30سم في بعض مناطق الجسم.. يتساقط فيالربيع والصيف وينمو في الخريف. يسقط الجمل ما يقرب من كيلوجرامين و 25جرامًا من الشعر في كل مرة.
الفرو له سُمْك متوسط حتى يمنع التبخر العالي للمياه في الحرارة العالية..كما أنه غير رفيع حتى لا يسمح بدخول كميات حرارة عالية داخل الجسم.
اللون الفاتح لفراء الجمل يعني أن أشعة الشمس تنعكس على سطح الفرو.. أماعن الجلد فهو سميك داكن اللون يمتص الأشعة فوق البنفسجية المخترقة، ويمنعبالتالي تليف الأنسجة.. المياه القليلة التي تتبخر في درجة الحرارةالعالية تتجمع على سطح الفرو وبالتالي تعطي إحساسًا بالرطوبة.
الجسم الكبير للجمل لا يعتبر عيبًا.. فهو يساعد على اكتساب الحرارة ببطء..كما أن الجمل يستطيع ضبط وضع الجسم بحيث يجعل أقل مساحة ممكنة معرضةللشمس.. ويجلس في فترات الصباح الباكر في محاولة لتفادي أكبر قدر منالأشعة المعكوسة على الأرض الجدباء..
توجد وسائد قرنية تحت الصدر وعلى الركبة ذات فائدة كبيرة أثناء الجلوس،حيث إنها الأجزاء التي تلامس الأرض.. تحمل الناقة جنينها لمدة 13 شهرًا..ويبقى العجل بجانب والدته حتى البلوغ عند سن 5 سنوات، ويعيش الجمل من 40إلى 50 عامًا وتتراوح سرعته أثناء السير ما بين 5 إلى 7 كجم.
17 يوماً بلا ماء !
يستطيع الجمل العربي أن يعيش بدون ماء أو طعام مدة ما يقرب من سبعة عشريومًا.. كما أنه يستطيع أن يعوض الكمية المفقودة من الماء في فترة قصيرةجدًّا.. حيث يمكنه شرب ما يقرب من 100 لتر ماء في عشر دقائق.. حيوان بهذهالمنظومة العجيبة.. لا بد له من امتلاك تركيبة فسيولوجية خاصة تمكنه منتحمل الحرارة بلا ماء.. بل تضبط له العمليات الحيوية في الجسم.. ونظاممماثل يمنع انفجار أو تحلل كرات الدم الحمراء (haemolysis) عند شرب هذهالكمية الهائلة من المياه في هذا الوقت القصير.
يشرب الجمل في الظروف العادية ما يقرب من 25 ß 30 لترًا في المواسم الجافة..
يستطيع الجمل أن يفقد 30% من ماء جسمه ولا يفقد شهيته للطعام حتى في أشد حالات الجفاف..
تكيف الجمل
(1) المقدرة المتميزة في تغيير حرارة الجسم:
حينما يتوفر الماء والطعام للجمل.. فإن حرارة الجسم تتغير بمقدار 2C، إلاأنه تحت الظروف القاسية من الحرارة والجفاف يغير الجمل من حرارة جسمهلدرجة تصل إلى أكبر من 6C. الحرارة المرتفعة للجسم تقلل من فارق الحرارةبين الجسم والبيئة الخارجية؛ ومن ثَمَّ تقلل نسبة التبخر (العرق).. حينماتقل حرارة الجو في المساء.. يقلل الجمل من حرارة جسمه حتى يخرج الحرارةالكامنة بلا نقص يُذْكر في المياه.
(2) الجمل من الحيوانات التي تعرق للتخلص من الماء.. إلا أنه - وفي بعضالأحياء - يلجأ إلى "اللهث" السريع من خلال التنفس تحت الظروف المناخيةالصعبة..
لهث الجمل يتم متتاليًا بدون فترة راحة بين الشهيق والزفير؛ لتهويةالمناطق العلوية وممرات التنفس التي يتبخر المياه من عندها فيقل بذلك معدلالتبخر.
معدل التنفس في الدقيقة يصل إلى 8 مرات، إلا أنه يزيد تحت الظروف المذكورة إلى 12 مرة في الدقيقة.
(3) الجهاز الهضمي للجمل: يتميز بتركيب تشريحي وفسيولوجي يساعده علىالتأقلم على مدى واسع من المواد الغذائية الخشنة.. مريء الجمل طويل بقدركبير أطول من القصبة الهوائية، ومبطن بالغدد التي تفرز المخاط بهدف ترطيبغذاء الإبل.
وتختلف أجزاء المعدة المركبة في الإبل عنها في المجترات الحقيقة.. فعلىالسطح الخارجي للمعدة توجد منطقتان من الأكياس الغُددية ذات وظائف إفرازيةتكمل وظائف الغدد اللعابية وتضيف كميات كبيرة من السوائل..
معدل إفراز اللعاب في الإبل كبير الشبه بالمجترات، إلا أنه يحتوي على كميةبسيطة من إنزيم الأميليز الذي يصل معدل إفرازه في حالة توفر الماء إلى 21لترًا يوميًّا.. ويقل معدله حتى يصل إلى 0.64 لتر عند الإبل العطشى..ويستمر الجمل تحريك فمه مفرزًا اللعاب ويجتر باستمرار حتى يحافظ على رطوبةفمه وسهولة البلع.
ويحتوي اللعاب على نسبة من اليوريا العائدة من الكبد.. حيث تعود مرة أخرى إلى (المعدة)؛ لتستخدم في تصنيع البروتين.
عملية الهضم تعتمد بدرجة كبيرة على وجود الميكروبات في معدة الحيوان، التيتزداد خلال فترة تناقص المياه، ولا تتأثر الجمال بذلك كغيرها من حيواناتأخرى. تغيب الحويصلة الصفراوية في الإبل وذلك حتى:
( أ) تُوَفِّر كمية من الماء تستخدم داخل الحويصلة؛ لتواجد مركبات الإفراز (100 - 150 مليمتر في الأبقار).
google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad);
(ب) تمنع حدوث الالتهابات في الحويصلة التي قد تنتج عن قلة الغذاء والماء.
(جـ) لا توجد أي حاجة لإفراز كميات كبيرة من الصفراء نظرًا لطبيعة غذاء الإبل الفقير في الدهن.
دور كرات الدم الحمراء RBc’s
تستطيع الإبل أن تفقد ما يقرب من 30% من جسمها ماء دون أن تموت، حيث يضبطحجم البلازما في الإبل على حساب سوائل الأنسجة واستخدام ماء العملياتالحيوية، فتظل الدورة غير معوقة.
تحت الميكروسكوب.. تبدو خلية الدم في الجمل بيضوية الشكل، وبالتالي تستطيعالدوران بسهولة في الدم اللزج.. وعند شرب كمية كبيرة من المياه.. تتضخمالخلية إلى 240% من حجمها الطبيعي بلا انفجار (haemolysis)، وذلك للخاصيةالمطاطية لجدار خلية الدم في الجمال.
يرتفع البروتين في دم الجمل إلى 70%، ويزيد الألبيومين إلى 20%.. وجودالألبومين في بلازما الدم يسبب زيادة في الضغط الأسموزي الذي بدوره يؤديإلى الحفاظ على السوائل في الأوعية الدموية.
(5) معدل خروج البول أثناء الجفاف:
ينخفض معدل خروج البول أثناء الجفاف إلى درجة كبيرة جدًّا، ويعتبر أهم آلية مستخدمة بواسطة الجمل للحفاظ على المياه..
تركيز البول يؤدي أيضًا إلى تمكن الجمل من شرب ماء تزيد ملوحته على ملوحة ماء البحر..
يحرج الجمل في الظروف العادية ما يقرب من 7 لترات يوميًّا.. إلا أنه فيظروف الجفاف قد يخرج لترًا في اليوم فقط.. كما يفرز هرمون الفازوبرسين(Vasopressin) الذي يُثَبِّط معدل سريان البول في الكُلْيَة.
يؤدي أيضًا هذا الهرمون إلى خروج كمية كبيرة من البوتاسيوم وكمية قليلة منالصوديوم؛ ليخدم بعد ذلك في الضبط الأوزموزي في أثناء وجود الماء، نتيجةلقلة خروج الماء أثناء الجفاف يزداد تركيز اليوريا الذي يتحول إلى بروتينعن طريق البكتريا، ويرجع من خلال مجرى الدم إلى الأمعاء.
تختلف الكُلْيَة بذلك من الناحية التشريحية عنها في المجترات الحقيقية؛حيث يزيد طول وعدد أنابيب هنل (Loop of Henle) بدرجة كبيرة، مما يساعد علىتركيز البول، ومن ثَمَّ فَقْد كمية أقل من الماء لإخراج نفس الكمية منعناصر البول..
الخاتمة :
ما لاحظناه في تكيف الجمل مع البيئة الصحراوية و التأقلم معها بشكل جميل ،ما هو إلا مظهر من المظاهر التي تدعونا إلى التأمل في خلق الله سبحانه وتعالى .
قال الله تعالى أَلمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِىالسَّموَاتِ وَمَا فِى اْلأَرِض وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةًوَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِى اللهِ بِغَيْر عِلْمٍوَلاَ هُدىً وَلاَ كِتَابٍ مُنيرٍ ( سورة لقمان(الآية20)
ما مظاهرالتكيف في الجمل التي تجعله قادراً على العيش في الصحراء؟