قبل أن تُكتشف المُضادات الحيوية كانت الأمراض تفتك بأعداد مهولة من البشر، إلى أن وُجد الحل للحد من العدوى أواسط القرن الماضي، وأصبحت المُضادات تحاصر المرض وتفتك بالبكتيريا المُسببة له في وقت قياسي، ما دفع بالناس للإفراط في استخداماتها واللجوء إليها حتى من دون استشارة الطبيب أحياناً، الأمر الذي أصبح يُشكل خطراً على صحتهم.
عالم المُضادات الحيوية، والطريقة السليمة للتعامل معها واستخدامها، تُفيض في الحديث عنه الصيدلانية مروة البدر؛ فإلى الحوار:
السبيل : ما هي الأشكال الدوائية للمضادات الحيوية؟
- تعددت أشكال المضادات الحيوية في العصر الحالي التي يتم تصنيعها، فهناك مضاد حيوي على شكل أقراص وكبسولات وأشربة وحقن في العضل أو في الوريد، ومنها على شكل مراهم جلدية وكريمات ومساحيق وتحاميل وقطرات، وغير ذلك من الأشكال، فقد أخذت ألواناً وأشكالاً مختلفة.
السبيل: من يحدد المُضاد الحيوي المناسب للبكتيريا؟ هل هو فقط الطبيب أو أن الأمر بيد الصيدلي أيضا؟
- يقوم الطبيب بتحديد المضاد الحيوي المناسب للمريض بناءً على عدة عوامل، ويمكن أن يقوم الصيدلاني بعض الحالات بصرف المضاد الحيوي المناسب. ورغم هذا، فإن كثرة استخدام المضادات الحيوية وعدم ترك جهاز المناعة للمريض في مقاومة المرض له آثار سلبية وأخطار على صحة المريض، وعلى زيادة مقاومة البكتيريا وشدة الأمراض.
ويقوم الطبيب بتحديد المضاد الحيوي الملائم من خلال:
- التشخيص السريري والمخبري لمعرفة نوع البكتريا والمضاد الملائم لها.
- عوامل تتعلق بالمريض، ومنها:
- العمر والجنس والوزن.
- حالة أعضاء الجسم خاصة الكبد والكلى, فلهم دور في تحليل وتصريف الدواء من الجسم.
- حالة الجهاز المناعي للمريض، فله دور أساسي في تحسس الجسم من الدواء.
- شدة العدوى.
- إذا كانت المريضة حاملا أو مرضعة.
- إذا كان المريض يعاني من أمراض أخرى أو يتناول أدوية أخرى.
السبيل: ما الأخطاء الشائعة للتعامل مع المضادات الحيوية من قبل المرضى؟
يتسبب بعض المرضى بعدة أخطاء قبل استخدام المضاد الحيوي وعند استخدامها، ومنها:
1- استخدام الدواء دون استشارة طبية, من خلال زيارة الطبيب أو استشارة الصيدلي عن الدواء المراد استخدامه.
فإن استخدام دواء قد وصف لمريض ما لا يعني أن استخدامه شخص آخر له نفس الأعراض, فالأعراض هي ليست الوحيدة المسؤولة عن تحديد المضاد، فهناك عدة عوامل أخرى تحدد نوع العلاج مثل نوع البكتريا ومكان الالتهاب وشدته وغيرها كما ذكر سابقا.
2- استخدام المضاد بطريقة خاطئة أثناء العلاج:
- فهناك أشخاص لا يلتزمون بمواعيد العلاج, وهذا بدوره قد يضاعف المرض وقد يسبب مشاكل أخرى في العلاج وصعوبة التعامل مع االبكتريا التي أصبحت لديها مقاومة ضد المضاد, فمثلا يؤخذ العلاج ثلاث مرات في اليوم (أي كل 8 ساعات) فينسى المريض أو يتأخر بأخذ الدواء المطلوب، مما يقلل من تركيز الدواء داخل الجسم، ويصبح الجسم خاليا لساعات من الدواء، وهذا يزيد حالة المريض سوءا.
- عدم إكمال المريض الدواء كله وإيقافه عند انتهاء الأعراض, وهنا أقول إن انتهاء الأعراض لا تعني الشفاء إنما أصبحت البكتيريا ضعيفة وقليلة وقد أوشكت على الانتهاء، وأن وقف المضاد يؤدي إلى مقاومة البكتريا وعودة المرض مرة أخرى, وهنا قد يحتاج المريض إلى نوع آخر من العلاج لكي يتعافى.
3- استخدام المضادات الحيوية في علاج الانفلونزا والزكام، فهناك فهم خاطئ في إمكانية وفعالية المضادات الحيوية, والزكام والانفلونزا هي أمراض فايروسية وليس لها علاقة بالمضادات الحيوية التي يعتبرها معظم الناس الدواء الأمثل, فيجب عدم الإصرار على الطبيب المعالج أو الصيدلي بكتابة أو صرف المضاد, وأن كثرة استخدامه له أضرار على صحة المريض.
4. عدم الالتزام بإرشادات الطبيب والصيدلي في طريقة أخذ الدواء سواء كان يؤخذ قبل الأكل (أي والمعدة فارغة والانتظار نصف ساعة) أو بعد الأكل, وهنك مضادات حيوية، مثل مجموعة التتراسايكلن التي تعمل ارتباطا مع العناصر الثنائية، مثل الكالسيوم الموجود في الحليب ومشتقاته فتمنع امتصاصه، ومن ثم عدم الاستفادة من المضاد.
4- ما هي أنواع المضادات الحيوية؟
هناك أنوع عدة للمضادات الحيوية، ولها تقسيمات كثيرة, وسأتحدث عن أنواع المضادات الحيوية حسب عملها مع ذكر الأمثلة, ومنها:
1- مضادات حيوية تعمل على جدار خلية البكتريا Bacterial cell wall.
مثل البنسلين. والسفالوسبورين. وسيكلوسبرين والباستراسين والفانكوميسين والرستوستين.
2- مضادات حيوية تعمل على جدار السيتوبلازمي Cytoplasmic. membrane.
مثل البوليكسين. والجراسدين. الامفوترسين. النيساتين وهذ المضادات الحيوية تؤثر على خلية البكتريا وخلايا العائل، ولذا فان لها تاثير ضار على الخلية.
3- مضادات حيويه تعمل على تكون البروتينات داخل الخلية.
مثل الاستربتوميسين والتتراسكلين.الكلورامفنيكول. الارثروميسين. والنيوميسين. والكانا ميسين. الباروميسين. والاولياندوميسين واللنكوميسين.
4- مضادات حيوية تعمل على حمض النيوكليك (Nucleic acid)، مثل الرفيامبسين. والاكيتنوميسين. وهذه المضادات تهبط تكون (D.N,A)، ولذا فإنه يمكن اعتبارها مضادات للأورام (Cytotoxic Drugs).
5- هل من أعراض جانبية لهذه المضادات؟
نعم، فمعظم الأدوية لها آثار جانبية غير مرغوبة، بعضها يكون له أعراضا خفيفة لا تشكل خطرا على المريض وبعضها قد يهدد حياته، وذلك لأسباب متعددة، منها ما يحدث بسبب طبيعة جسم الإنسان، أو بسبب خصائص الدواء، أو بسبب زيادة الجرعة الدوائية الموصوفة، أو أحيانا عند استخدام دواء آخر أو مع تناول أغذية معينة أو بسبب عدم التشخيص السليم أو غيرها من الأسباب.
ولهذا، فإن المضاد الحيوي كغيره من الأدوية له آثار وأخطار تعود حسب الحالة الصحية للمريض وعمره وطبيعة تعامل جسمه مع الدواء، ومن هذه الأعراض الإسهال الخفيف أو القيء والحرقان في المعدة أو طفح جلدي وهرش, ومنها ما هو أخطر, مثل صعوبة التنفس وتسارع ضربات القلب, وهنا يجب إيقاف الدواء ومراجعة الطبيب فورا.
هل هناك أدوية معينة تؤثر على المضادات الحيوية وتتأثر بها؟
- نعم هناك بعض الأدوية التي تؤثر على المضادات الحيوية، وتتأثر بها إذا أخذت معها في نفس الوقت، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي: معظم المضادات الحيوية تؤثر على فعالية حبوب منع الحمل إذا أخذت في نفس الوقت، ما يؤدي إلى احتمالية الحمل، لذا على المرأة استخدام وسيلة أخرى لمنع الحمل بعد استشارة الطبيبة المعالجة.
وتتعارض أغلب المضادات الحيوية مع بعضها البعض إذا أخذت في نفس الوقت.
لذلك عند تناول المريض المضاد الحيوي مع أدوية أخرى يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي بذلك، لأن تناول المريض أكثر من دواء في الوقت نفسه قد يزيد فعالية أو تأثير أحد الأدوية على دواء آخر، مؤديا إلى آثار جانبية خطيرة، كما قد يتسبب في إبطال أو تقليل فعالية الدواء الآخر، وقد يؤدي استعمال أكثر من دواء إلى إنتاج مركب آخر له تأثيرات عكسية للدواء الأصلي.
المصدر : جريدة السبيل- مؤمنة معالي