يَتذَبْذبُ الشَّيءُ عندما يُغَيِّرُ مَوقِعَه أو حالَتَه بِنَمَطٍ مُنْتَظِمِ التّكْرارِيَّة. وتُوَصَّفُ الذَّبْذباتُ بتَرَدُّدِها وسَعَتِها.
الذَّبْذباتُ حرَكاتٌ مُنْتَظِمةُ التكراريَّة. وعَددُ تَكرارِها في الثانية يُسَمَّى الترَدُّدَ؛ ويُقاس بالدَّورةِ في الثانية أو الهِرْتْز (هز). أجنِحَةُ النَّحلة أثناءَ الطَّيران تَتذَبْذبُ صُعودًا ونُزولاً بِحَوالى 150 مرَّةً في الثانية، أي بترَدُّدٍ يُساوي 150 هِرْتزًا ويُسْمَع كَطنينٍ.
السَّعَة
كثيرٌ من أنواعِ الذَّبْذبات يَحْدُثُ حوْلَ وَضْعِ السُّكون. فوَتَرُ الغيتار، مثلاً، يكونُ في وَضْعِ السُّكون عندما يكونُ راكِدَ الحرَكة ومُمْتَدًّا على استِقامتِه. وعِنْدَ نَقْرِه، يتَحَرَّكُ الوَتَرُ صُعودًا ونُزولاً بِمَقاديرَ مُتَساويَةٍ على كلا جانِبَي وَضْعِ السُّكون. والبُعْدُ الأَقْصى لِلْوَتَرِ عن وَضْعِ السُّكون يُسَمَّى سَعَةَ الذَّبْذبة.
وتُوجَدُ أنماطٌ أُخرى من الذَّبْذبات ذاتُ سَعَاتٍ أيضًا. فَسَعَةُ الإشارةِ الكهربائيَّةِ، مثلاً، قد تكونُ قيمةَ الـﭭـُلْطيَّةِ أو التيَّارِ القُصْوى في كُلِّ دَورة.
والمعروفُ أنَّ صوتَ وَتَرِ الغيتارِ يَخْفُتُ بِبُطْءٍ، فتَتَلاشَى قوَّةُ الذَّبْذبةِ تَدْريجيًّا باطِّرادٍ نَتيجَةً لفِعلِ احتِكاكِ الهواءِ ضِدَّ الوَتَر. في مثْلِ هذه الحالات، تكونُ السَّعَةُ هي أوَّلَ وأكبَرَ انحِرافٍ للذَّبْذبة.
سَعَةُ الذَّبْذبة ذاتُ عَلاقةٍ بطاقَتِها. فالأصواتُ الكبيرةُ السَّعَةِ تكونُ جَهيرةً؛ والضَّوءُ الكبيرُ سَعَةِ التمَوُّجاتِ يكونُ ساطِعًا؛ والزَّلازِلُ العَظيمةُ السَّعَةِ قد تكونُ من القُوَّةِ بحَيْثُ تُدَمِّرُ المُدُنَ.
الذَّبْذباتُ والاِهْتِزازات
عُمومًا تُسْتَخْدَمُ كَلمةُ ذَبْذبة بالنِّسْبةِ لِشَيْءٍ يَتحَرَّكُ بِسُرعة. وقد تُشيرُ كَلمةُ اهتِزاز إلى حَرَكاتٍ سَريعةٍ، لكِنْ قد تُسْتَخْدَمُ أيضًا بالنِّسْبةِ لِحَرَكاتٍ بطيئةِ التكراريَّة، كحَرَكةِ الصُّعُودِ والهُبُوطِ في مِياه البَحْر بَعْدَ عُبورِ التمَوُّجات.
الزَّلازل
تتألَّفُ قِشْرةُ الأرضِ من ألواحٍ صَخْريَّةٍ هائلةٍ، تُسَمَّى الصَّفائحَ التِّكْتُونيَّةَ، دائمةِ التّحَرُّكِ البَطيء فوقَ طبَقةٍ من الصَّخْر الصَّهير. أحيانًا تَتَنامى القُوى وتتعاظَمُ عنما تَلْتَقي صَفيحَتان ولا تَنْزاحُ أيٌّ مِنْهُما، فيُؤدِّي ذلك إلى التصَدُّع وإجهادِ الصُّخور على جانِبَي التصَدُّع في نُقْطةٍ تُسَمَّى مَرْكزَ الزَّلزالِ الجَوفيّ (أو بُؤرةَ الزَّلزال) الذي قد يقَعُ على بُعْدِ 500 كيلومتر تحتَ سَطْحِ الأرض. وتَتَفَجَّرُ الطاقةُ المُخْتزنَةُ فَجْأةً ناشِرَةً اهتِزازاتٍ عَنيفَةً في جميع الاِتِّجاهات. والاِهتِزازاتُ التي تَبْلُغُ السَّطْحَ تُسَمَّى زَلازِلَ إذا كانتْ سَعَاتُها قويَّةً بما فيه الكِفاية لِيَتأثَّرَ بِها البَشَرُ. المَوقِعُ السَّطْحيُّ الذي يَقَعُ فوقَ بُؤرةِ الزَّلزال مُباشَرةً يُسَمَّى مَرْكَزَ الزَّلْزال السَّطْحيّ.
التَّواصُل
يَسْتَخْدِمُ البَشَرُ الأَصْواتَ للتَّواصُل؛ لكِنَّ الذَّبْذباتِ الصوتيَّةَ لا تَبْلُعُ مَدًى بَعيدًا في الهواء. فسَعَةُ الأمواجِ الصوتيَّةِ تَنْخفِضُ بتناسُبٍ طَرْديٍّ مع مُرَبَّعِ البُعْدِ عن مَصْدر الصوت، بحيثُ يتَعَذَّرُ سَماعُ صِياحِ شَخْصٍ من مَدًى لا يَكادُ يَتَجاوزُ 100 متر.
بالأجهِزةِ التلِفونيَّة يُمكِنُ نَقْلُ الصوتِ مَسافاتٍ هائلة المَدى. فميكروفونُ الهاتِفِ يُحَوِّلُ الأمواجَ الصوتيَّةَ إلى إشاراتٍ كهربائيَّة؛ ومِجْهارُ الهاتِفِ في الطَّرفِ المُسْتَقبِلِ يُعيدُ تحويلَ الإشاراتِ إلى أمواجٍ صوتيَّة.
التيَّاراتُ الكَهْربائيَّةُ المُتَذَبْذبة
التيَّارُ الكهربائيُّ من بَطَّاريَّةِ مِصْباحِ جَيْبٍ هو دَفْقٌ مُطَّردٌ من الإلكتروناتِ يَسْري في اتِّجاهٍ واحِدٍ فقَطْ. هذا النَّوعُ من التيَّارات الكهربائيَّةِ يُسَمَّى تيَّارًا مُسْتَمِرًّا. التيَّاراتُ الكَهْربائيَّةُ في الأَسْلاكِ التِلفونيَّة لا تَسْري في اتِّجاهٍ واحدٍ فقَطْ. فهي تَعْكِسُ اتِّجاهَ سَرَيانِها تَكْرارًا، جَيْئةً وذَهابًا، بالتَّساوُقِ مع الرِّقِّ المُتْذَبْذب في الميكروفون. وتَتَذَبْذبُ الإشاراتُ الكهربائيَّةُ من الميكروفون بترَدُّداتٍ بين 40 و 15000 هِرْتْز (15 كيلوهِرْتز).
التيَّاراتُ الكَهْربائيَّةُ المُتَذَبْذبةُ تَخْفُتُ باطِّرادٍ على مدَى مَسارِها عَبْرَ الأَسْلاكِ، لكِنَّها تَسْري أبْعَدَ بكثيرٍ من الأمواجِ الصوتيَّة المُنْتَقِلَةِ عَبْرَ الهواء. والإشاراتُ التلفونيَّةُ تُعَزَّزُ، كُلَّ بضْعَةِ كيلومترات على امتِدادِ الأَسْلاك، بِدَاراتٍ كهربائيَّةٍ تُسَمَّى مُضَخِّمات.
الأَمواجُ الرَّاديُويَّةُ المُتَذَبْذِبة
الأَمواجُ الرَّاديُويَّةُ هي ذَبْذباتُ مَجالاتٍ كهرمِغْنيطيَّة (كهربائيَّةٍ ومِغْنَطيسيَّة) تَنْتَقِلُ عَبْرَ الفَضَاء. ويُمكِنُ إنتاجُها بواسِطةِ مُرْسِلاتٍ تَسْتَخْدِمُ داراتٍ كهربائيَّةً لِتَوليدِ تيَّاراتٍ تَتذَبْذَبُ بترَدُّداتٍ تَتَراوحُ بين مِليون وألفِ مِلْيون هِرتْز.
المَحطَّاتُ اللاَّسلكيَّةُ (مَحطَّاتُ الراديو) تَبُثُّ إذاعاتِها من موسيقى وأصواتٍ مُستَخْدِمَةً داراتٍ تُوَلِّفُ الإشاراتِ الصوتيَّةَ الخَفيضةَ الترَدُّد معَ إشاراتٍ حامِلَةٍ عالِيَةِ الترَدُّد. ثُمَّ تَنْتَقِلُ الإشاراتُ إلى قَضيبٍ فلِزّيٍّ يُسَمَّى الهَوائيّ.
الإلكتروناتُ في الهوائيِّ تتَحَرَّكُ جَيْئةً وذَهابًا بالتَّساوُقِ مع التيَّارِ المُتْذَبْذب؛ فتُوَلِّدُ حَرَكتُها إشعاعًا كهْرَمِغنيطيًّا يَتذَبْذبُ بالتَّساوُقِ مع التيَّاراتِ في الهوائيّ.
الصُّوَرُ والمُعْطَياتُ المَعْلوماتيَّةُ التِّلِفزيونيَّة يُمكِنُ أيضًا إرسالُها بِتَوليفِ إشاراتِ المَعْلوماتِ مع الإشاراتِ الحامِلَة.
اِسْتِقبالُ الأَمواجِ الرَّاديُويَّة (اللاَّسلكيَّة)
تَسْتَخْدِمُ أجهِزةُ الراديو والتلفزيون هوائيَّاتٍ لاستِقْبالِ الأَمواجِ الرَّاديُويَّة. هذه الأمواجُ تَجْعَلُ الإلكتروناتِ في الهوائيّ تَتذَبْذبُ أثناءَ عبُورِها. وهذه التيَّاراتُ الكهربائيَّةُ المُتْذَبْذِبةُ الضَّئيلَةُ تَسْري في الجِهازِ المُسْتَقْبِل حيثُ تَسْتَخْلِصُ داراتٌ الأصواتَ والمَناظِرَ والمَعْلوماتِ الأُخرى التي كان قد غُذِّي بها المُرْسِل. ثُمَّ تُعَزَّزُ هذه الإشاراتُ بواسِطةِ داراتٍ مُضَخِّمةٍ. في حالِ الصوت، تَمُرُّ الإشاراتُ الكهربائيَّةُ المُتذَبْذِبةُ في مِجْهارٍ عَبْرَ حَلزونٍ سلِكيٍّ، يُسَمَّى أحيانًا مِلَفَّ الصَّوت. هذا المِلَفُّ يَتواجَدُ في مَجالٍ مِغْنَطيسيٍّ قَوِيٍّ، وهو مَوصُولٌ بِمَخْروطِ المِجْهار. التيَّارُ المُتَذَبْذبُ يَجْعَلُ مِلَفَّ الصَّوت يَتَحَرَّكُ داخِلَ وخارِجَ المَجال. وهذه الذَّبْذباتُ تُحَرِّكُ مَخْروطَ المِجْهار الذي يَجْعَلُ الهواءَ يَتذَبْذبُ مُعيدًا إنتاجَ الصوتِ الأَصْليّ.
المُضاءَلة
إذا هَمْهَمَ شَخْصٌ بنَغَم مُطَّردٍ، فإنَّ الهواءَ حوْلَه يَتذَبْذبُ بِسَعَةٍ مُطَّرِدَة، وتبقَى شِدَّةُ النَّغَمِ ثابتَةً. فالذَّبْذباتُ ذاتُ الشِّدَّةِ المُطَّردَةِ تُسَمَّى ذَبْذباتٍ غيرَ مُضَاءَلة. وهي تَشْمَلُ النَّغَماتِ التي تُعْزَفُ على آلاتِ النَّفْخِ المُوسيقيَّةِ كالبُوق، والنَّغَماتِ التي تُعْزَفُ بِجَرِّ القَوْسِ على الآلاتِ الوَتَريَّةِ كالكَمان والتْشِللو.
فعندما يُنْبَضُ وَتَرُ غيتارٍ أو يُعْزَفُ نَغَمٌ على بيانو، فإنَّ الذَّبْذباتِ تَتَضاءَلُ باطِّراد، وتَغْدو السَّعَةُ أقَلَّ بفَقْدِ الذَّبْذبةِ طاقَتَها بِمُقاومةِ الهواء – تمامًا ككُرَةٍ مَطَّاطيَّةٍ تتَنَطَّطُ مُرْتَدَّةً عن سَطْحٍ صُلْبٍ يتضاءَلُ ارتِفاعُها بالفَقْدِ الطاقيِّ مع كُلِّ ارتِداد. أمثالُ هذه الذَّبْذباتِ تُسَمَّى ذَبْذباتٍ مُضَاءَلةً.