الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الناس خشية لله، واتِّباعًا لأمره، وليس هذا من باب الفخر، ولكنها دعوة من رسول الله للمسلمين أن يتبعوه عن ثقة ويقين...
الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله وأتقاهم له
الرسول ﷺ أعلم الناس بالله، وأتقاهم له:
من أهمِّ الأمور التي عَرَّف الرسول ﷺ نفسه بها أنَّه أكثر الناس خشيةً لله، واتِّباعًا لأمره تعالى، وليس هذا من باب الفخر، أو الحديث من النفس، ولكنَّها دعوةٌ من رسول الله ﷺ للمسلمين أن يتَّبعوه عن ثقة، ويُقَلِّدوه عن يقين، ويعلموا أنَّ حياته هي النموذج الأمثل للأسوة الحسنة.
إذا فهمنا هذا السبب استوعبنا المقصود من تلك الأحاديث التي بيَّن فيها رسول الله ﷺ أنَّه أكثر الطائعين لله والمتَّبعين له. إنَّه كان يريد من المسلمين اتِّباعه دون زيادةٍ أو نقصان، ودون مبالغةٍ أو إهمال، فهذا هو الدين، وهذا هو الذي أراده الله تعالى عندما قال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرً﴾ [الأحزاب: 21].
أيضًا ذَكَرَ اللهُ تعالى أنَّ للحق طريقًا مستقيمًا واحدًا، وأنَّ للباطل طرقًا كثيرةً منحرفة، ووجب على المؤمنين أن يسيروا في الطريق المستقيم؛ فهو الطريق الوحيد للنجاة. قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153]، ولقد جاء اللهُ بكلمة ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ مشدَّدة للتأكيد على شدَّة الاجتهاد التي ينبغي على المؤمن أن يفعلها لكي يستمرَّ في السير على الطريق المستقيم، ثم بَيَّنَ اللهُ لعباده أنَّ الذي يضمن لهم الهداية لهذا الطريق المستقيم هو الاتِّباع الدقيق لرسول الله ﷺ، فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: 52]، وحَذَّر: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
هكذا صارت المسألة!
اتِّباعٌ دقيقٌ، دون زيادةٍ ولا نقصان، يهدي إلى طريق الله، ومِنْ ثَمَّ النجاة.
ولأنَّ الرسول ﷺ كان حريصًا تمامًا على نجاة الناس، فإنَّه كان حريصًا كذلك على تطمينهم أنَّ ما يفعله، ويقوله، وينتهجه في حياته، ليس إلَّا ما أراده الله من عباده، وأنَّ كلَّ انحرافٍ عن نهجه، ولو بالزيادة، سيأخذ الفاعلَ إلى طريقٍ من الطرق المنحرفة غير طريق الله المستقيم.
نضع هذه الخلفيَّة إذن في أذهاننا ونقرأ الأمثلة الآتية، التي اجتهد الرسول ﷺ فيها أن يُعَرِّف المؤمنين بطبيعة مهمَّته كرسول.
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا[1]، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»[2].
وفي روايةٍ ثانية حرَّموا على أنفسهم بعض الأمور الأخرى، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، «أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ»[3].
لقد أراد الثلاثة أن يُطبِّقوا الزهد بطريقةٍ أكبر من تلك التي قام بها رسول الله ﷺ، متعلِّلين بأنَّ عبادة الرسول ﷺ، القليلة في نظرهم، كانت كافيةً له لأنَّ الله غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر! لم يقبل رسول الله ﷺ هذا الزهد المبالغ فيه، ومنعهم من فعله، وخوَّفهم بأنَّه يتبرَّأ من فعلهم هذا. إنَّ هذا الشطط ضارٌّ بهم وبأهلهم وبمجتمعاتهم؛ لذلك حسم رسول الله ﷺ الأمر برفضه.
لهذا أكَّدت عَائِشَةُ ل غضبَ رسول الله ﷺ عندما يجد مخالفةً لهذا النهج، فقالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ، قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ ومَا تَأَخَّرَ. فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: «إِنَّ أَتْقَاكُمْ وأَعْلَمَكُمْ بِاللهِ أَنَا»[4]. وعن جابر بن عبد الله ب قال: قال رسول الله ﷺ: «قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ لِلهِ وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ»[5].
وعَنْ عَائِشَةَ ل، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ». فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّبِعُ»[6].
هذه هي سُنَّة النبيِّ ﷺ، ولا يُستثنى من ذلك إلَّا ما ذكر رسول الله ﷺ تصريحًا أنَّه خاصٌّ به، وأمر المسلمين ألَّا يتَّبعوه فيه؛ مثل الوصال في الصوم؛ أي الصيام أكثر من يومٍ دون إفطار يفصل بين الصيام، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَاصَلَ، فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَنَهَاهُمْ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى»[7].
إنَّ الإيمان بالنبيِّ محمدٍ ﷺ «رسولًا» من عند ربِّ العالمين يعني أنَّ ما يُبَلِّغه للناس هو مراد الله عز وجل منهم، وبالتالي تأخذ أوامرُ الرسولِ ﷺ القدسيَّةَ نفسَها التي تأخذها أوامرُ القرآن الكريم؛ لأنَّ كليهما من عند الله تعالى. هذا يشمل كلَّ تفاصيل حياته ﷺ؛ يقول عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو ب: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ، وَالرِّضَا. فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ، فَقَالَ: «اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ»[8]. وفي روايةٍ عنه -أيضًا- قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ أَشْيَاءَ، أَفَأَكْتُبُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَإِنِّي لَا أَقُولُ فِيهِمَا إِلَّا حَقًّا»[9].
وكان رسول الله ﷺ يرفض أن يُتَّهم في تقواه أو أمانته، لأنَّ هذا الطعن لن يقف عند حدِّ التعرُّض له هو شخصيًّا بالأذى؛ إنَّما سيتطوَّر إلى وجود العذر لعدم اتِّباعه.
من هذا ما روته عَائِشَةُ ل قَالَتْ: كَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ ثَوْبَانِ قِطْرِيَّانِ[10] غَلِيظَانِ، فَكَانَ إِذَا قَعَدَ فَعَرِقَ ثَقُلَا عَلَيْهِ، فَقَدِمَ بَزٌّ[11] مِنَ الشَّامِ لِفُلَانٍ الْيَهُودِيِّ، فَقُلْتُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَيْهِ فَاشْتَرَيْتَ مِنْهُ ثَوْبَيْنِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ[12]! فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ[13]: قَدْ عَلِمْتُ مَا يُرِيدُ، إِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِمَالِي أَوْ بِدَرَاهِمِي! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَذَبَ، قَدْ عَلِمَ أَنِّي مِنْ أَتْقَاهُمْ لِلهِ وآدَاهُمْ لِلْأَمَانَةِ»[14].
وعن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنَ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ[15]، لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا، قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وأَقْرَعَ بْنِ حَابِسٍ، وزَيْدِ الْخَيْلِ، والرَّابِعُ: إِمَّا عَلْقَمَةُ، وإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «أَلَا تَأْمَنُونِي وأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا ومَسَاءً»[16].[17].
[1] عدُّوها قليلة!
[2] البخاري: كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح (4776).
[3] مسلم: كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه (1401)، والنسائي: السنن الكبرى (5324)، وأحمد (14077).
[4] البخاري: كتاب الإيمان، باب قول النبي ﷺ: أنا أعلمكم بالله (20).
[5] البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب نهي النبي ﷺ على التحريم إلا ما تعرف إباحته وكذلك أمره (6933)، ومسلم: كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام (1213).
[6] مسلم: كتاب الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (1110) بلفظ: فَقَالَ: «وَاللهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي»، وأبو داود (2389) واللفظ له، والنسائي: السنن الكبرى (3025).
[7] البخاري: كتاب الصوم، باب بركة السحور من غير إيجاب (1822) واللفظ له، ومسلم: كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم (1102).
[8] أبو داود: كتاب العلم، باب كتابة العلم (3646) واللفظ له، وصححه الألباني، وأحمد (6510) وقال الأرناءوط: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن عبد الله. والدارمي (484) وقال حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
[9] أحمد (7020) وقال الأرناءوط: صحيح لغيره.
[10] ثَوْبَانِ قِطْرِيَّانِ: القطر: نوع منْ البرود، فيه حُمرةٌ، فيها بعض الْخُشُونة. وقيل: هي ملابس جيدة، تنسب إلى قرية قطر.
[11] البزُّ: أمتعة التاجر من الثياب، وقيل: ثياب خاصّة من أمتعة البيت.
[12] أي أن الرسول لا يملك الثمن الآن إنما سيدفعه حين يتيسَّر له المال.
[13] أي اليهودي.
[14] الترمذي: أبواب البيوع، باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل (1213)، وقال: حديث حسن غريب صحيح. والنسائي (4628)، وأحمد (25184)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط البخاري.
[15] ذهبية في أديم مقروظ؛ أي: قطعة صغيرة من الذهب في جلد مدبوغ بالقرظ وهو شجر يدبغ بورقه ولونه أصفر.
[16] البخاري: كتاب المغازي، باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن (4094)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (1064).
[17] انظر: د. راغب السرجاني: من هو محمد، دار التقوى للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1442= 2021م، ص97- 101.