ما شأن ُ أم المؤمنين وشاني | هُديَ المحبُّ لها وضَلَّ الشَّاني |
إنّي أقول مُبيِّناً عن فضلها | ومُتَرجِماً عن قولها بلساني |
يا مبغضي لا تأتِ قبرَ محمدٍ | فالبيتُ بيتي والمكانُ مكاني |
إنِّي خُصِصْتُ على نساءِ مُحمدٍ | بصفاتِ برٍّ تحتهنَّ معاني |
وسبقتُهن إلى الفضائل كُلِّها | فالسَّبقُ سَبْقي والعِنانُ عناني |
قُبِضَ ([2]) النَّبيُّ وماتَ بين ترائبي | فاليومُ يَومِي والزَّمانُ زماني |
زوجي رسولُ الله لم أر غيرهُ | اللهُ زوَّجني به وحبَاني |
وأتاهُ جبريلُ الأمينُ بصورتي | فأحبّني المختارُ حين رآني |
أنا بِكْرُهُ العذرا عندي سِرُّهُ | وضجيعُهُ في منزلي قمرَانِ ([3]) |
وتكلّم اللهُ العظيمُ بحجَّتي | وبراءتي في محكم القرآن |
والله عظمني ([4]) وعظّم حُرمتي | وعلى لسان نبيّه برّاني |
والله في القرآن قد لعنَ الذي | بَعْدَ البراءةِ بالقبيح رماني |
والله وبخ من أراد تنقّصي | إفكاً وسبّح نفسه في شاني |
إنّي لمحصنة الإزار بريئة | ودليل حُسن طهارتي إحصاني |
والله أحصنني ([5]) بخاتم رُسْلِه | وأذلَّ أهلَ الإفكِ والبهتانِ ([6]) |
وسمعت وحي الله عند مُحَمّدٍ | من جبرئيل ونورُهُ يغشاني |
أوحى إليه وكنتُ تحت ثيابهِ | فحنا عليَّ بثوبه وحباني ([7]) |
مَنْ ذا يفاخرني وينكر صُحبتي | ومحمد في حجره رباني؟ |
وأخذت عن أبويَّ دين مُحَمّدٍ | وهما على الإسلام مُصْطحبانِ |
وأبي أقام الدين بعد محمدٍ | فالنصل نصْلي والسنان سناني |
والفخرُ فخري والخلافَةُ في أبي | حَسْبي بهذا مَفْخَراً وكفاني |
وأنا ابنةُ الصِّديقِ صاحبَ أحمدِ | وحبيُبه في السِّر ِّ والإعلانِ |
نصر النّبِيَّ بمالِهِ وفعالِهِ | وخروجِه مَعَهُ من الأوطان |
ثانيه في الغار الذي سدَّ الكُوى | بردائه أكرمْ به من ثان |
وجفا الغِنَى حتى تخلّل بالعَبا | زهداً وأذعن أيما إذعانِ |
وتخللت معه ملائكةُ السَّما | وأتته بشرى الله بالرضوانِ |
وهو الذي لم يخشَ لومةَ لائم | في قتل أهَلَ البغي والعداونِ |
قتل الأُلى منعوا الزكاة بكفرهم ([8]) | وأذلَّ أهل الكفر والطغيانِ |
سَبَقَ الصحابة والقرابةَ للهُدى | هو شيخُهم في الفضل والإحسان |
والله ما استبقوا لنيل فضيلةٍ | مثلَ استباق الخيلِ يوم رهانِ |
إلا وطار ([9]) أبي إلى عليائها | فمكانه منها أجلُّ مكانِ |
ويلٌ لعبدٍ خان أل محمدٍ | بعداوةِ الأزواج ِ والأختانِ |
طوبى لمنْ والى جماعة َ صحبْهِ ([10]) | ويكون من أحبابه العمرانِ ([11]) |
بين الصحابةِ والقرابةِ أُلفةٌ | لا تستحيل بنزعة الشيطانِ |
هم كالأصابع في اليدينِ تواصلاً([12]) | هل يستوي كفٌّ بغير بنانِ |
حصرت صدور الكافرين بوالدي | وقلوبُهُمْ ملئت من الأضغانِ |
حب البتول وبعلها لم يختلف | من ملة الإسلام في اثنانِ |
أكرم بأربعة أئمةِ شَرْعِنَا | فهم لبيت الدين كالأركانِ |
نُسِجَت مودَّتُهم سدى في لُحمة | فبناؤها من أثبتِ البُنيانِ |
الله ألّفّ بين ودِّ قلوبهم | ليغيظَ كلَّ منافقِ طَعّان ([13]) |
رحماءُ بينهم صَفَتْ أخلاقُهم | وخَلَتْ قلوبُهم من الشَنآنِ |
فدخلوهم بين الأحبة كُلْفَةً | وسِبابُهم سَبَبٌ إلى الحرمانِ |
جَمع الإلهُ المسلمين على أبي | واستبْدلوا من خوفهم بأمانِ |
وإذا أراد اللهُ نصرةَ عبده | من ذا يطبق له على خذلانِ؟! |
مَنْ حبَّني فليجْتَنِب من سبَّني | إنْ كان صان محبّتي ورعانِي |
وإذا مُحِبِّي قد ألظّ ([14]) بمبغضي | فكلاهما في البغض مستويانِ |
وإني لطيبةٌ خُلقتِ لطيبٍ | ونساءُ أحمدَ أطيبُ النسوانِ |
إني لأم المؤمنين فَمْنْ أبىَ | حبي فسوفَ يبوءُ بالخسرانِ |
الله حبَّبني لقَلْبِ نبيَّه | وإلى([15]) الصراطِ المستقيمِ هداني |
والله يُكرم من أرادَ كرامتي | ويهينْ ربّي مَنْ أرادَ هواني |
والله أسألهُ زيادةَ فضلهِ | وحَمَدتُه شُكراً لِما أَوْلاني |
يا مَنْ يوالي ([16]) بأهل بيت مُحَمّد | يرجو بذلك رَحْمَةِ الرّحمانِ |
صِلْ أمهاتِ المؤمنين ولا تَحِدْ | عنا فتُسلب حُلَّةَ الإيمانِ |
مَنْ ذا يفاخرُني ويُنْكِرُ صحبَتي | ومحمدٌ في حجره ربّاني؟ |
إني لصادقةُ المقالِ كريمةٌ | إيْ والذي ذلَّت له الثَّقلانِ |
خُذْها إليك فإنّما هي روضةٌ | محفوفةٌ بالروح والرَّيحانِ |
صلّى الإلهُ على النَّبيِّ وآلِه | فيهم تُشَمُّ أزاهرُ البستانِ ([17]) |
تَجْلَى النفوس إذا تلاها مسلم | وعلى الروافض غضبة الرحمن ([18]) |