مقدمة :
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم)
قالعمرو بن العاص –رضي الله عنه- (ما كان أحد أحب إليَّ من رسول الله –صلىالله عليه وسلم- ولا أجل في عيني منه , وما كنت أطيق أن أملأ عيني منهإجلالاً له ، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت ، لأني لم أكن أملأ عيني منه) رواهمسلم.
قد تعددت الأساليب والطرق قديماً وحديثاً في العناية بحياة رسولالله –صلى الله عليه وسلم- وسيرته وتقديمها للأمة واضحة جلية؛ إلا أني لمارأيت نيل الكفار منه –صلى الله عليه وسلم- في السنوات الأخيرة وتقصيرالكثير منا في الدفاع عنه وعن نصرته؛ أحببت أن أعرض مواقفه المشرقة وصوراًمن حياته الفذة بإيجاز؛ من أجل أن تكون من خير ما ينصره ويدافع عنه؛ وقدوضع هذا المختصر في خمسة موضوعات تحت كل واحد منها جملة من النقاطالمختصرة، الأول: تعريف به صلى الله عليه وسلم.
الثاني: يتضمن صفاته الخلقية.
الثالث: يتضمن صفاته الخُلُقية.
الرابع: ذكرت فيه بعضاً من أعماله.
الخامس: ضمنته شيئاً من عاداته صلى الله عليه وسلم.
وهذامما ييسر الاطلاع عليه ومعرفة محتواه بسهولة ويسر من كافة أفراد المجتمع ،ومن ثم يتيسر الاقتداء به والتمثل بأخلاقه وسلوكه، ولعل هذا العمل اليسيريكون لبنة في مشروع أكبر بإذن الله تعالى.
سائلاً المولى عز وجل أنيبارك في أعمالنا وأعمارنا ، وأن يرزقنا حسن التأسي بسيد الخلق –صلى اللهعليه وسلم- وامتثال أمره في كل شؤون حياتنا .
التعريف به صلى الله عليه وسلم:
اسمه :
هومحمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، وهاشم من قبيلة قريش، وقريش منالعرب، والعرب من ذرية إسماعيل عليه السلام، ابن إبراهيم الخليل عليه وعلىنبينا أفضل الصلاة والسلام.
فهو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق ،فقومه أشرف قوم، وقبيلته أشرف قبيلة ،وفخذه أشرف الأفخاذ، وقد كان أعداؤهيشهدون له بعلوّ نسبه فيهم .
ومن أسمائه الثابتة في أحاديث صحيحة:
( محمد، و أحمد ، وعبد الله ، وخاتم النبيين، ونبي الملاحم، والعاقب, والحاشر, والماحي)
ذكره في القرآن:
ذكرالنبي –صلى الله عليه وسلم- في القرآن باسمه "محمد" في أربعة مواضع: فيسورة آل عمران الآية (144)، والأحزاب الآية (40)، ومحمد الآية (2)، والفتحالآية (29)، وأما "أحمد" فجاءت حكاية عن عيسى عليه السلام في سورة الصفالآية (6).
كنيته: (أبو القاسم).
ولادته :
ولد يوم الإثنين ، الثاني عشر من ربيع الأول في مكة .
عن أبي قتادة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: ذاك يوم ولدت فيه) رواه مسلم .
قال ابن القيم (لا خلاف أنه ولد –صلى الله عليه وسلم- بجوف مكة، وأن مولده كان عام الفيل).
والده ووالدته :
والد النبي –صلى الله عليه وسلم-: هو عبد الله؛ وهو المسمى بالذبيح؛ وقد توفي ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- جنين في بطن أمه.
أمّ النبي –صلى الله عليه وسلم- هي: آمنة بنت وهب القرشية؛ وقد توفيت ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- له من العمر ست سنوات.
نشأته:
نشأ–صلى الله عليه وسلم- يتيماً فكفله جده عبد المطلب، ثم كفله عمه أبو طالب،وطهره الله عز وجل من دنس الجاهلية فلم يعظم صنماً في عمره قطّ, ولم يحضرمشهداً من مشاهد كفرهم وكانوا يطلبونه لذلك فيمتنع ويعصمه الله تعالى منذلك، وهذا من لطف الله به أن برأه من كل عيب ومنحه كل خلق جميل.
رضاعه:
أرضعته–صلى الله عليه وسلم- ثويبة مولاة أبي لهب أياماً، ثم أرضعته حليمة بنتأبي ذؤيب السعدية وأقام عندها في بادية بني سعد قرابة أربع سنين.
زوجاته:
هن أمهات المؤمنين، قال ابن القيم: "ولا خلاف أنه –صلى الله عليه وسلم- توفي عن تسع".
وأسماؤهن:عائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وسودة بنت زمعة،وزينب بنت جحش، وأم سلمة هند بنت أبي أمية، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان،وميمونة بنت الحارث، وجويرية بنت الحارث، وصفية بنت حيي بن أخطب. رضي اللهعنهن جميعاً.
أولاده :
الذكور ثلاثة: القاسم، وعبد الله، وإبراهيم؛ وقد ماتوا صغاراً لم يتجاوزوا السنتين بالاتفاق.
الإناثأربع: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة؛ وقد أدركن البعثة، ودخلن فيالإسلام، وهاجرن مع النبي –صلى الله عليه وسلم-، ومات كل أولاده قبله إلافاطمة فإنها ماتت بعده بستة أشهر.
بعثته:
لما كمل له -صلى اللهعليه وسلم- أربعون سنة أشرق عليه نور النبوة وأكرمه الله برسالته وبعثهإلى خلقه، وجعله رسولاً إلى الناس كافة، فأقام بمكة بعد النبوة ثلاث عشرةسنة يدعو الناس إلى توحيد الله وعبادته وينذرهم الشرك، ثم هاجر إلىالمدينة فمكث بها عشر سنين أقام بها دولة الإسلام وأمر الناس ببقية شرائعالدين الحنيف، ثم توفاه الله عز وجل وله من العمر ثلاث وستون سنة.
هجرته:
أقامالنبي –صلى الله عليه وسلم- في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى الإسلاموعبادة الله وحده لا شريك له، ولما ازداد عناد كفار مكة وتكبرهم عن قبولدعوة الحق، رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يؤسس دولة الإسلام فيالمدينة ويقيم شريعة الله في الأرض، فهاجر إليها –صلى الله عليه وسلم-وكان دخوله إياها يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول.
ولكونالهجرة النبوية أعزّ الله بها الإسلام وارتفعت راية الحق؛ فقد رأى عمر–رضي الله عنه- ومن معه من الصحابة أن يكون للمسلمين تاريخاً جديداًيؤرخون به يستعملونه في كتاباتهم.
خصائصه :
خصّ الله نبيه محمداً –صلى الله عليه وسلم- من بين سائر الأنبياء والمرسلين بخصائص منها:
أنهخاتم النبيين، وصاحب المقام المحمود يوم القيامة، وكون رسالته إلى الثقلينالجن والإنس، ونزول القرآن الكريم الذي أذعن لإعجازه الإنس والجن،والإسراء به إلى بيت المقدس والمعراج إلى السموات العلى إلى سدرة المنتهىإلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام.
ومن الخصائص التي خصّ الله بها نبيه–صلى الله عليه وسلم - على هذه الأمة: أنها فرضت عليه أشياء لم تفرض علىغيره وحرمت عليه أفعال لم تحرم على سائر أمته وحللت له أشياء لم تحلل لهم,ومن أمثلة ذلك: تحريم الزكاة عليه وعلى آله ووجوب التهجد بالليل عليه,والزيادة على أربعة نسوة, وأنه لا يورث.
فضائله:
عن وائلة بنالأسقع –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول:"إن الله عز وجل اصطفى كنانة من ولد إسماعيل عليه السلام, واصطفى قريشاًمن كنانة, واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم" رواه مسلم.
وعنأبي هريرة –رضي الله عنه- قال: "فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامعالكلم, ونصرت بالرعب, وأحلت لي الغنائم, وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا,وأرسلت إلى الخلق كافة, وختم بي النبيون". متفق عليه.
وفاته:
وتوفيرسول الله –صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين 12/3/11هـ وله من العمر ثلاثوستون سنة، ولما توفي دخل عليه أبو بكر –رضي الله عنه- فقبله بين عينيهوقال طبت حياً وميتاً يا رسول الله، ولما أدرج –صلى الله عليه وسلم- فيأكفانه وُضع على شفير القبر ثم دخل الناس أرسالاً يصلون عليه فوجاً فوجاًلا يؤمهم أحد، ثم دفن –صلى الله عليه وسلم-، قال أنس –رضي الله عنه-: "لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- المدينة أضاءمنها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وما نفضناأيدينا من التراب إلا وقد أنكرنا قلوبنا"، ويختص النبي –صلى الله عليهوسلم- ببعض الخصائص مما يتعلق بوفاته منها: أنه يقبر حيث يموت، وأن الأرضلا تأكل جسده، قال –صلى الله عليه وسلم-: (إن الله حرم على الأرض أن تأكلأجساد الأنبياء) رواه أبو داود وصححه الألباني.
قبره:
قبر النبي–صلى الله عليه وسلم- في حجرة عائشة رضي الله عنها، وكانت حجرتها بجانبالمسجد النبوي, فلما مات أبو بكر وعمر رضي الله عنهما دفنا بجانبه في حجرةعائشة, وبقي القبر على حاله تلك زمن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم, فلما كانزمن الدولة الأموية أراد الخليفة الوليد بن عبد الملك أن يقوم بتوسعةالمسجد النبوي من جهة الشرق فوسعه فأحاط المسجد بالقبر من ثلاث جهات وذلكسنة 88 هـ, ولا يزال قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- على هذه الحال غيرداخل في المسجد لأن المسجد لم يحط به من جميع الجهات وقد قال النبي –صلىالله عليه وسلم- : " اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
صفاته الخَلْقية:
صفته:
كان–صلى الله عليه وسلم- معتدل القامة ليس بالطويل ولا بالقصير، ولم تكنبشرته شديدة البياض ولم يكن أسمر بل كان بياضه إلى السمرة مشرباً بحمرة،وكان حسن الجسم بعيد ما بين المنكبين، وكان في وجهه تدوير، شديد سوادالعينين طويل أهدابهما ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر حسن الصوت،وكان كثيف اللحية أشعر المنكبين والذراعين وأعالي الصدر.
خاتم نبوته :
عنالسائب –رضي الله عنه- قال : " نظرت إلى الخاتم بين كتفي النبي –صلى اللهعليه وسلم- فإذا هو مثل زرّ الحجلة "أي أن الخاتم في ظهره الشريف قطعة لحمظاهرة قدر بيضة الحمامة.
ضحكه:
عن عبد الله بن الحارث –رضي الله عنه- قال: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
وعنه قال: "ما كان ضحك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلا تبسماً" رواه أحمد وصححه الألباني.
عن جرير –رضي الله عنه- قال: "ما حجبني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم" رواه البخاري ومسلم.
كلامه :
كان–صلى الله عليه وسلم- طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة، ولا يتكلم فيمالا يعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وكان يتكلم بكلام مفصل ليسبهذٍّ مسرع لا يحفظ، ولا منقطع تتخلله السكتات، عن عائشة –رضي الله عنها-قالت: "كان كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلاماً فصلا يفهمه كل منسمعه " رواه أبو داود وصححه الألباني، "وكان يتكلم بكلام بيّن يحفظه منجلس إليه" رواه البخاري ومسلم، "وكان ربما يعيد الكلمة ثلاثاً لتعقل عنه"رواه البخاري.
مشيه :
كان أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها,وكان يمشي حافياً ومنتعلاً، وكان إذا مشى لم يلتفت، وكان يمشي مشياً يعرففيه أنه ليس بعاجز ولا كسلان. (السلسلة الصحيحة للألباني) .
جماله:
عنأبي الطفيل –رضي الله عنه- (وكان آخر من مات من الصحابة) قال: رأيت رسولالله –صلى الله عليه وسلم- وما على وجه الأرض رجل رآه غيري، رأيته أبيضمليح الوجه". رواه مسلم.
عن البراء –رضي الله عنه- قال: " كان رسولالله –صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً، ليس بالطويلالبائن ولا بالقصير" رواه البخاري.
وعن كعب بن مالك –رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا سرّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر" متفق عليه.
صفاته الخُلُقية:
ظنّه بالله:
عنجابر –رضي الله عنه- قال سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم- قبل موته بثلاثةأيام يقول: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى" رواه مسلم.
والنبي–صلى الله عليه وسلم- أقرب عباد الله إلى الله وأزكاهم عنده، وهو الذي سبقإلى كل خير واقترب من كل فضل، وكان يوصي أصحابه ومن بعدهم بالظن الحسنبالله عز وجل.
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال النبي –صلى اللهعليه وسلم- "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني،فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خيرمنهم" رواه البخاري ومسلم.
خُلُقه:
عن أنس بن مالك –رضي اللهعنه- وكان صبياً قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من أحسن الناسخلقاً، فأرسلني يوماً لحاجة فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لماأمرني به نبي الله –صلى الله عليه وسلم-، فخرجت حتى أمُرّ على الصبيان وهميلعبون في السوق، فإذا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد قبض بقفاي منورائي، قال، فنظرت إليه وهو يضحك، فقال : يا أنيس : ! هل ذهبت حيث أمرتك؟قال قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله! قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين،ما علمته قال لشيء صنعته: لما فعلت كذا؟ أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا".رواه مسلم.
حياؤه:
قال أبو سعيد الخدري –رضي الله عنه-: "كانالنبي –صلى الله عليه وسلم- أشد حياءً من العذراء في خدرها, فإذا رأى شيئايكرهه عرفناه في وجهه) رواه مسلم.
بكاؤه :
عن عبد الله بن مسعود–رضي الله عنه- قال: (قرأت على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- سورةالنساء حتى بلغت "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاءشهيدا" قال: فرأيت عيني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تذرفان) رواهالبخاري ومسلم.
وعن عبد الله –رضي الله عنه- قال: (أتيت رسول الله –صلىالله عليه وسلم- وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المِرجَل من البكاء). رواهأبو داود وصححه الألباني.
بركته :
عن جابر –رضي الله عنه- قالعطش الناس يوم الحديبية وبين يدي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إناءيتوضأ منه إذ جهش الناس نحوه، فقال: مالكم؟ فقالوا: ما لنا ما نتوضأ بهولا نشرب إلا ما بين يديك، قال: فوضع النبي –صلى الله عليه وسلم- يديه فيالإناء ودعا بما شاء الله أن يدعو، وقال: "حي على الوضوء والبركة منالله"، قال جابر: فلقد رأيت الماء يجري من تحت يده، فتوضأ الناس وشربوا،فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه، فعلمت أنه بركة، فقيل لجابر كم كنتميومئذ؟ قال: ألفاً وأربعمائة. رواه البخاري.
أمانته :
كان النبي–صلى الله عليه وسلم- حتى قبل الرسالة يعرف في قومه بالأمين (أي رجل الصدقوالوفاء) في أقواله وأفعاله وأخلاقه وسلوكه، وشهد له بذلك العدو قبلالصديق؛ ولا أدل على ذلك أنه حين أُمر بالهجرة من مكة إلى المدينة وأرادمفارقة البلد التي عاش فيها؛ جعل علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- في بيتهليردّ الودائع التي كانت عنده لأهلها.
شجاعته:
قال علي –رضيالله عنه- (كنا إذا اشتدّ البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله–صلى الله عليه وسلم- فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه) رواه أحمد وصححهالألباني.
وسأل رجل البراء-رضي الله عنه-: أفررتم عن رسول الله –صلىالله عليه وسلم- يوم حنين يا أبا عمارة ؟! فقال البراء : لكن رسول الله–صلى الله عليه وسلم- لم يفر، ولكن الناس تلقتهم هوازن بالنبل فانهزموا،ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- مقبل على العدو بوجهه على بغلته البيضاءوهو يقول:
أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب " متفق عليه .
صبره واحتماله أذى الناس :
عنابن مسعود –رضي الله عنه- قال: "قسم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قسماًبين الناس، فقال رجل: إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله، فغضب النبي –صلىالله عليه وسلم- من ذلك غضباً شديداً واحمرّ وجهه ثم قال: لقد أوذي موسىبأكثر من هذا فصبر" متفق عليه.
رحمته :
عن أبي هريرة –رضي اللهعنه- : أن الأقرع بن حابس أبصر النبي –صلى الله عليه وسلم- يقبل الحسن بنعلي فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم ! فقال رسول الله –صلىالله عليه وسلم-: "من لا يَرحم لا يُرحم". رواه مسلم.
وعن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: "ما رأيت أحداً أرحم بالعيال من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-" رواه مسلم .
وعن جرير –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل". رواه مسلم.
تفاؤله:
عنأنس –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا عدوى ولاطيرة، ويعجبني الفأل الصالح، قيل وما الفأل؟ قال: الكلمة الحسنة الكلمةالطيبة يسمعها أحدكم".
تواضعه:
عن عائشة –رضي الله عنها- قالت:كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يخيط ثوبه ويخصف نعله ويحلب شاتهويخدم نفسه ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم". رواه أحمد والترمذي وصححهالألباني.
وعن سهل بن حنيف –رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله –صلىالله عليه وسلم- يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم" أخرجه الحاكم وصححه الألباني.
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال:كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يجلس على الأرض ويأكل على الأرض ويحلبالشاة ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير" أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
وعنأبي أيوب –رضي الله عنه- قال: " كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يركبالحمار ويخصف النعل ويرقع القميص ويقول من رغب عن سنتي فليس مني" رواه أبوالشيخ وصححه الألباني.
توكله:
توكل النبي –صلى الله عليه وسلم-على الله أعظم التوكل وقد قال الله له: "فتوكل على الله إنك على الحقالمبين" وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال "حسبنا الله ونعم الوكيل"قالها إبراهيم –عليه الصلاة والسلام- حين ألقي في النار، وقالها محمد –صلىالله عليه وسلم- حين قالوا له: "إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهمإيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل". رواه البخاري.
ثباته:
لقدلقي النبي –صلى الله عليه وسلم- بمكة من قريش كلّ أذى ووجد منهم كلمعاناة، وربط على بطنه من شدة الجوع وسال دمه في الله، وهو يواجه كيدالكافرين بثبات يهز الجبال وعزم لا يتوقف عند حدّ فقد كان النبي –صلى اللهعليه وسلم- أكبر من أن يذل في الشدائد حتى وهو مطلوب من أعدائه، وصبروصابر على البأساء والضراء ولم يضعف عند قوي أو يتردد عند عظيم، عن أنسرضي الله عنه قال: " قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لقد أُخفت فيالله وما يخاف أحد، ولقد أُوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت عليّثلاثون من بين ليلة ويوم ومالي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريهإبط بلال" رواه الترمذي وصححه الألباني.
ثناؤه
وعن أبي سعيدالخدري –رضي الله عنه – قال "قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : "إنأمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذاً من أهل الأرضخليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً" رواه مسلم.
وعن سلمة بن الأكوع –رضيالله عنه- قال: قدمنا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم - الحديبية، ثمخرجنا راجعين إلى المدينة فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "كان خيرفرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة" رواه مسلم.
وعن أبي أسيد –رضي الله عنه - قال قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "خير دور الأنصار بنو النجار" رواه مسلم.
حلمه:
عنأنس –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أدركه أعرابي فأخذبردائه فجبذه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله –صلى الله عليهوسلم- وقد أثرت فيه حاشية الرداء من شدة جبذته؛ ثم قال: يا محمد مر لي منمال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فضحكوأمر له بعطاء متفق عليه.
وباع يهودي على النبي –صلى الله عليه وسلم -بيعاً إلى أجل، فجاء اليهودي يريد أن يتقاضى حقه قبل الأجل، فقال له النبي–صلى الله عليه وسلم- لم يحل الأجل، فقال اليهودي: إنكم لمطل يا بني عبدالمطلب، فهم به الصحابة –رضي الله عنهم- فنهاهم، فلم يزده ذلك إلا حلماً،فقال اليهودي: كل شيء منه قد عرفته من علامات النبوة وبقيت واحدة وهي أنهلا تزيده شدة الجهل إلا حلماً فأردت أن أعرفها، فأسلم اليهودي. رواه ابنحبان وصحح إسناده ابن حجر.
جوده:
عن أنس –رضي الله عنه- قال: ماسئل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على الإسلام شيئاً إلا أعطاه. قال:فجاءه رجل, فأعطاه غنماً بين جبلين, فرجع إلى قومه فقال: يا قوم! أسلموافإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، قال أنس –رضي الله عنه-: إن كانالرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا, فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه منالدنيا وما عليها. رواه مسلم.
وعن جبير –رضي الله عنه - قال: بينا رسولالله –صلى الله عليه وسلم- راجعاً من غزوة حنين؛ طفق الأعراب يسألونه، حتىاضطروه إلى شجرة فخطفت رداءه، فوقف رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقالأعطوني ردائي؛ فوالله لو كان لي عدد هذه العضاه (الشجر) نعماً لقسمتهبينكم؛ ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذاباً ولا جباناً" رواه البخاري.
دعاؤه:
قدكان –صلى الله عليه وسلم- يتخير من الدعاء أجمعه كما جاء عن عائشة –رضيالله عنها - قالت: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يستحب الجوامع منالدعاء، ويدع ما سوى ذلك "رواه أبو داود وصححه الألباني، وعن أنس –رضيالله عنه- قال: "كان أكثر دعوة يدعو بها النبي –صلى الله عليه وسلم-:"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". متفق عليه.
ذكره لله:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه" رواه مسلم.
وعنأبي هريرة –رضي الله عنه - قال " سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-يقول: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة"رواه البخاري، وعن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: "كنا نعدّ لرسول الله–صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة: "رب اغفر لي وتب علي إنكأنت التواب الرحيم" رواه أبو داود وصححه الألباني.
وعن أبي هريرة –رضيالله عنه - قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "لأن أقول: سبحانالله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحب إليّ مما طلعت عليهالشمس" رواه مسلم.
زهده في الدنيا:
عن النعمان –رضي الله عنه -قال: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يجد ما يملأ بطنه من الدقلوهو جائع" أخرجه الحاكم وصححه الألباني .
وعن ابن عباس –رضي اللهعنهما- قال: "كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يبيت الليالي المتتابعةطاوياً وأهله, لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم خبز الشعير" رواه الترمذيوأحمد وصححه الألباني.
وعن أنس –رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله–صلى الله عليه وسلم- يؤتى بالتمر فيفتشه يخرج السوس منه" أخرجه أبو داودوصححه الألباني.
وكان –صلى الله عليه وسلم- يؤثر الناس على نفسه، فيعطيالعطاء ويمضي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار، وكان متقللاً منالدنيا وقد ملك من أقصى الجزيرة إلى حدود الشام.
سماحته:
قالأنس –رضي الله عنه - (خدمت رسول الله –صلى الله عليه وسلم - عشر سنين،والله ما قال لي أفٍّ قط، ولا قال لي لشيء: لم فعلت كذا؟ وهل فعلت كذا؟.متفق عليه.
عبادته :
عن المغيرة بن شعبة –رضي الله عنه - أنالنبي –صلى الله عليه وسلم- صلى حتى تورمت قدماه ، فقيل له: أتفعل هذا وقدغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً"متفق عليه.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه" متفق عليه.
مزاحه:
عنأنس بن مالك –رضي الله عنه- أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهر وكانيهدي إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- هدية من البادية, فيجهزه النبي –صلىالله عليه وسلم- إذا أراد أن يخرج, فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: إنزاهراً باديتنا, ونحن حاضروه, وكان –صلى الله عليه وسلم- يحبه وكان رجلاًدميما فأتاه النبي –صلى الله عليه وسلم- يوماً وهو يبيع متاعه, فاحتضنه منخلفه وهو لا يبصره, فقال: من هذا؟ أرسلني. فالتفت, فعرف النبي –صلى اللهعليه وسلم-, فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي –صلى الله عليه وسلم-حين عرفه, فجعل النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: (من يشتري هذا العبد؟).فقال: يا رسول الله! إذاً والله تجدني كاسداً. فقال النبي –صلى الله عليهوسلم-: (لكن عند الله لست بكاسد) أو قال (أنت عند الله غالٍ) رواه أحمدوصححه الألباني.
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه - قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إني لأمزح ولا أقول إلا حقا" رواه الترمذي وصححه الألباني.
وعنالحسن –رضي الله عنه- قال: أتت عجوز على النبي –صلى الله عليه وسلم-فقالت: يا رسول الله! ادع الله أن يدخلني الجنة. فقال: (يا أم فلان! إنالجنة لا تدخلها عجوز) قال: فولت تبكي فقال: (أخبروها أنها لا تدخلها وهيعجوز, إن الله تعالى يقول: (إنا أنشأناهن إنشاءً. فجعلناهن أبكاراً. عرباًأتراباً) أخرجه الطبراني والبيهقي وحسنه الألباني.
يقينه بالله:
لماجدّت قريش في طلب النبي –صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر –رضي الله عنه-بحثوا عنهما في كل مكان: وانتهوا إلى باب "غار ثور" فوقفوا عليه، وكانالنبي –صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر يسمعان كلامهم فوق رؤوسهما ، ولكنالله سبحانه عمّى أبصارهم عن رؤيتهما، فقال أبو بكر –رضي الله عنه-: يارسول الله لو أن أحدهم نظر ما تحت قدميه لأبصرنا، فقال النبي –صلى اللهعليه وسلم- "يا أبا بكر ما ظنّك باثنين الله ثالثهما ... لا تحزن إن اللهمعنا" .متفق عليه. وقد قال الله عز وجل في كتابه: "إلا تنصروه فقد نصرهالله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ... واللهعزيز حكيم" [التوبة:40].
بلاغته وفصاحته :
كان محمداً –صلى اللهعليه وسلم- أفصح الخلق، وأعذبهم كلاماً، وكان يتكلم بجوامع الكلم، وكانيختار في خطابه أحسن الألفاظ، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلىالله عليه وسلم- قال: "بعثت بجوامع الكلم" رواه البخاري ومسلم، أي يجمعالله له المعاني الكثيرة باللفظ القليل.
أعماله:
غزواته وسراياه :
مابدأ النبي –صلى الله عليه وسلم- حرباً قط , إذ كان حريصاً ألا يراق دمإنسان فهو نبي الرحمة , ولقد كان عظيماً في رحمته بالناس عظيماً فياستعداده للحرب , عظيماً في خططه عظيماً في تحقيق النصر واستثماره ، ولقدغزى بنفسه خمساً وعشرين غزوة ، من أهمها الغزوات العشر الكبرى:
(1) غزوة بدر الكبرى : رمضان 2 هـ
(2) غزوة أحد : شوال 3 هـ .
(3) غزوة الخندق : شوال 5 هـ
(4) غزوة بني قريظة : ذو القعدة 5 هـ
(5) صلح الحديبية : ذو القعدة 6هـ
(6) غزوة خيبر : محرم 7 هـ
(7) غزوة مؤتة : جماد الأولى 8 هـ
(Cool فتح مكة : رمضان 8 هـ
(9) غزوة حنين والطائف : شوال 8 هـ
(10) غزوة تبوك : رجب 9 هـ
وأما سراياه فكانت ستاً وخمسين سرية .
حجه وعمرته:
لميحج -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة هي حجةالوداع بعد أن فرض الله الحج في السنة التاسعة من الهجرة، فبادر النبي–صلى الله عليه وسلم- بالحج من غير تأخير ، وكان قد حج قبل الهجرة مرتين .رواه الترمذي وصححه الألباني .، وقد اعتمر –صلى الله عليه وسلم- أربع مراتكلهن في شهر ذي القعدة إلا التي مع حجته. متفق عليه.
كتابه:
أنزلالله كتباً على بعض أنبيائه, فأنزل صحفه على إبراهيم –عليه السلام-, وأنزلالزبور على نبيه داود –عليه السلام-, وأنزل التوراة على نبيه موسى –عليهالسلام-, وأنزل الإنجيل على نبيه عيسى –عليه السلام-, وأنزل القرآن علىنبيه ورسوله محمد –صلى الله عليه وسلم-.
مؤذنوه:
له أربعة من المؤذنين: بلال بن رباح، وعبد الله بن أم مكتوم بالمدينة، وأبو محذورة بمكة، وسعد القرظ بقباء -رضي الله عنه-.
خدمه:
منهم أنس بن مالك وربيعة بن كعب وأبو ذر الغفاري وعبد الله بن مسعود –رضي الله عنهم-.
شعراؤه:
كان من شعرائه الذين يذبّون عن الإسلام: كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة ، وحسان بن ثابت –رضي الله عنهم-.
سلاحه:
كان للنبي –صلى الله عليه وسلم- ثلاثة رماح، وثلاثة أقواس، وستة أسياف، ودرعان، وترس، وراية سوداء مربعة ولواء أبيض.
دوابه:
كانللنبي –صلى الله عليه وسلم- عدة أفراس، فأول فرس ملكه يسمى "السّكب"، ولهبغلة تسمى "دُلدل" كان يركبها في الأسفار وعاشت بعده حتى كبرت سنها وقاتلعليها علي بن أبي طالب الخوارج، وكان له ناقته "القصواء" ، وله حمار يقالله "عفير" مات في حجة الوداع.
تعليمه:
عن معاوية –رضي الله عنه- قال في الرسول –صلى الله عليه وسلم-: ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه. رواه مسلم.
وقدكان –صلى الله عليه وسلم- يعطي في تعليمه كل واحد حقه من الالتفات إليهوالعناية به حتى يظن كل واحد منهم أنه أحبّ الناس إليه ، وكان أتم ما يكونتواضعاً للمتعلم والسائل المستفيد وضعيف الفهم.
وقد شهد التاريخ بكمالشخصيته التعليمية حتى قيل : إنه لو لم يكن لرسول الله –صلى الله عليهوسلم- معجزة إلا أصحابه لكفوه لإثبات نبوته .
عاداته:
طعامه:
كانالنبي –صلى الله عليه وسلم- لايردّ موجوداً ولا يتكلف مفقوداً؛ فما قرّبإليه شيء من الطيبات إلا أكله؛ إلا أن تعافه نفسه؛ فيتركه من غير تحريم،وما عاب طعاماً قط؛ إن اشتهاه أكله وإلا تركه، وكان يحب أكل الحلوىوالعسل، وأكل لحم الجزور والضأن والدجاج والحبارى والأرنب وطعام البحر،وأكل الشواء، وأكل الرطب والتمر... وغير ذلك، وكان معظم مطعمه يوضع علىالأرض في السفرة، وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقها إذا فرغ، ولا يأكلمتكئاً، وكان يسمي الله تعالى أول طعامه، ويحمده في آخره.
شرابه :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : "كان أحب الشراب إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الحلو البارد". رواه الترمذي وصححه الألباني .
وعنأنس –رضي الله عنه-: قال: "كان النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا شرب تنفسثلاثاً ويقول: هو أهنأ وأمرأ وأبرأ "متفق عليه وكان من هديه المعتاد الشربقاعداً، ويسمي بالله في أوله ويحمد الله في آخره.
سواكه:
كان يحب السواك وكان يستاك مفطراً وصائماً, ويستاك عند الانتباه من النوم وعند الوضوء وعند الصلاة وعند دخول المنزل.
كحله:
وكان –صلى الله عليه وسلم- يكتحل ثلاثاً وقال: خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر. رواه أبو داود وصححه الألباني.
طيبه:
قدكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يكثر التطيب ويحب الطيب، ولا يرده إذا قدمإليه، وكان أحب الطيب إليه المسك، وكان يعرف بريح الطيب إذا أقبل. رواهالدارمي وصححه الألباني.
عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: "ما شممت مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-".
لباسه:
عنأم سلمة رضي الله عنها قالت: " كان أحب الثياب إلى رسول الله –صلى اللهعليه وسلم- القميص" رواه أبو داود وصححه الألباني، وكان كم قميص رسول الله–صلى الله عليه وسلم- إلى الرسغ (مفصل الكف) وكان يلبس ما تيسر من لباس:من الصوف تارة والقطن تارة والكتان تارة.
بيعه وشراؤه:
باع –صلىالله عليه وسلم- واشترى، وكان شراؤه بعد أن أكرمه الله برسالته أكثر منبيعه، وكذلك بعد الهجرة لا يكاد يحفظ عنه البيع إلا في قضايا يسيرة أكثرهالغيره، وأما شراؤه فكثير، ويحفظ عنه أنه أجر نفسه قبل النبوة في رعايةالغنم، وأجر نفسه من خديجة في سفره بمالها إلى الشام واتجاره به حتى نمامالها وكثر. (زاد المعاد).
حجامته :
عن أنس بن مالك –رضي اللهعنه- قال: "احتجم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وقال: إن من أمثل ماتداويتم به الحجامة" رواه البخاري ومسلم، وعنه –رضي الله عنه- قال: "كانرسول الله –صلى الله عليه وسلم- يحتجم في الأخدعين والكاهل، وكان يحتجملسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين" رواه الترمذي وصححه الألباني.
غضبه:
عنعائشة –رضي الله عنها- قالت: رخّص رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في أمرمن الأمور، فتنزه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي –صلى الله عليه وسلم-فغضب حتى بان الغضب في وجهه ثم قال: "ما بال أقوام يرغبون عما رخّص ليفيه؟! فوالله لأنا أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية".
وصاياه عند موته:
عنجابر –رضي الله عنه- قال سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم- قبل موته بثلاثةأيام يقول: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى" رواه مسلم.
وكان من أقواله –صلى الله عليه وسلم- التي قالها في أيامه الأخيرة حين أحس بدنو أجله قوله:
(لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا) رواه البخاري ومسلم.
(أخرجوا المشركين من جزيرة العرب). رواه البخاري ومسلم.
(إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا يراها المؤمن الصالح أو ترى له) صحيح مسلم.
وكانعامة وصيته –صلى الله عليه وسلم- حين حضره الموت قوله: "الصلاة وما ملكتأيمانكم، الصلاة وما ملكت أيمانكم... حتى جعل يغرغر بها صدره ولا يفيض بهالسانه –صلى الله عليه وسلم-". رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
ختاماً :
لو رآك محمد –صلى الله عليه وسلم- لأحبك
قالرسول الله –صلى الله عليه وسلم- "وددت أني لقيت إخواني، قال الصحابة: أوليس نحن إخوانك؟ قال: أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني"رواه أحمد وصححه الألباني.
بين يديك أخي المسلم (10) وسائل لنصرة نبيك محمد –صلى الله عليه وسلم- فلعلك تقوم بمستطاعك منها:
(1) الاقتداء به –صلى الله عليه وسلم- في معاملته لأهل بيته، ومع أهله وجيرانه.
(2) تربية الأبناء على محبته –صلى الله عليه وسلم- .
(3) إجلال النبي –صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه ومحبته أكثر من محبة النفس والأهل.
(4) الحرص على الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- كلما ذكر، وبعد الأذان، ويوم الجمعة.
(5) قراءة سيرته والاهتداء بهديه –صلى الله عليه وسلم- وربطها بحياتنا وواقعنا.
(6) طباعة الكتب وتوزيع الأشرطة التي تعنى بحياته –صلى الله عليه وسلم- .
(7) بغض أي منتقد للنبي –صلى الله عليه وسلم- أو لشيء من سنته.
(Cool مقاطعة كل بلد يسيء للإسلام والمسلمين.
(9) محبة العلماء وتقديرهم لمكانتهم وصلتهم بميراث النبوة.
(10) الفرح بظهور سنته -صلى الله عليه وسلم- بين الناس .
من حقوق النبي –صلى الله عليه وسلم- على أمته:
(1)الإيمان به –صلى الله عليه وسلم- كما أمر الله في كتابه "فآمنوا باللهورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون"[الأعراف: 158].
(2) طاعته –صلى الله عليه وسلم- وامتثال أمره، واتباعه والاقتداء بسنته.
(3) احترامه وتوقيره وتعظيمه، وتقديم محبته على محبة كل أحد.
(4)وجوب التحاكم إليه والرضا بحكمه، كما قال الله تعالى" فلا وربك لا يؤمنونحتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلمواتسليما" [النساء:65].
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: صيد الفوائد - عبد العزيز بن عبد الله الحسين