د. محمد بن إبراهيم دودح
الحقائق المتوفرة اليوم في علوم الكون تدفع لاستقراء منظومة في القرآن تتحدث بالمثل عن أصل الكون ومصيره؛ استجابةًًً للأمر بالتدبر ويقينًا بتحقق الوعد في قوله تعالى: "لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" الأنعام: 67 , وقوله تعالى: "وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا" النمل: 93, مع الاستئناس بفهم العلماء بغير قطع بِمُرَاد الله تعالى؛ وأعرض هذه المقاربة من باب التدبر لآيات الكتاب العزيز ومحاولة تنزيلها على الواقع الخفي زمن النبوة الخاتمة؛ لا على أنها تفسير.
(أولا) حقائق فلكية في القرآن الكريم
(1) الحركة الذاتية للأجرام السماوية:
اعتمد التصور السائد حتى القرن السابع عشر مبدأ مركزية الأرض وحركة الشمس حولها وفق الظاهر وأن النجوم ثوابت على فلك شفاف كالزجاج لا يُرى تدور بدورانه, وأن الكواكب بالمثل لا حركة ذاتية لها وإنما تدور بدوران أفلاكها, ولكن القرآن قد عارض الوهم السائد في جملة مواضع منذ القرن السابع وقدم مفاهيم جديدة بإعلانه أن الكون طرائق وكل الأجرام تتحرك بذاتها وتجري في مداراتها؛ كُلٍّ له فلك orbit يخصه يقطعه بسرعة محددة في فترة مقدرة, قال تعالى: "وَالْنّجُومُ مُسَخّرَاتٌ بِأَمْرِهِ" [النحل:12]؛ أي مسيرات بتقديره تعالى, قال ابن كثير: "النجوم الثوابت والسيارات في أرجاء السماوات.. كل منها يسير في فلكه الذي جعله الله تعالى فيه يسير بحركة مُقدرة لا يزيد عليها ولا ينقص منها.., كما قال تعالى: "يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ" [الأعراف: 54] وتجري الشمس بالمثل بحركة ذاتية في فلك أو مدار مقدر الأجل؛ وكذلك القمر, في قوله تعالى: "وَسَخّرَ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلّ يَجْرِي لأجَلٍ مّسَمّى" [الرعد:2] و[فاطر:13] و[الزمر: 5] وقوله تعالى: "وَسَخّرَ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلّ يَجْرِيَ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى" [لقمان: 29] ولفظ (كُلّ) يفيد الجمع ويعمم النبأ بأن الشمس والقمر حركتيهما مقدرة ليشمل كل الأجرام في الكون بما في ذلك كوكب الأرض؛ وإن لم يُذكر سواهما, وقوله تعالى: "كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" [الأنبياء: 33]؛ يعني تعدد الأفلاك وتعدد آجال قطعها مع وحدتها جميعا في فلك كوني واحد يضمها, وهذا أبلغ لبيان كمال عظمة الله تعالى وقدرته ووحدانيته, ولفظ (كل) يلزمه إضافة تُبَيِّنُه فتقول (كل الأشجار خضراء) و(كل الأزهار يانعة), وفي (كلٍّ يجرى) جاء التنوين عِوَضًا عن الإضافة استغراقًا في الشمول بلا حاجة لتبيين اعتمادًا على السياق؛ وهو يتعلق بحركة جرمين فيعمم الوصف ليشمل كل الأجرام, قال ابن عطية: "والشمس والقمر في ضمن ذكرهما ذكر الكواكب (والنجوم)، ولذلك قال (كل يجري لأجل مسمى)؛ أي كل ما هو في معنى الشمس والقمر من (المسخرات).., وقال ابن عباس..: قدر لكل منهما سيراً خاصاً.. بمقدار خاص من السرعة", وقال الألوسي: "(كُلٌّ يَجْرِى) يسير في المنازل.. (لأجل مُّسَمًّى) أي وقت معين.. (ليُتم دورته) وهو المروى عن ابن عباس، وقيل كل يجري لغاية ينقطع دونها سيره.. وهذا مراد مجاهد من تفسير الأجل المسمى بالدنيا..، والتفسير الحق ما رُوِىَ عن الحبر, وأما الثاني فلا يُناسب (مقام) التسخير والتدبير؛ ثم إن غايتهما متحدة والتعبير بكل يجري صريح في التعدد".
(2) نسبية حركة الأجرام السماوية والأرض:
نسبية حركة الأجسام بديهة في القرآن, فترد أنباء حركة النجوم وكل أجرام الكون خالية من النسبة للبشر, ولكن النجوم وفق الرؤية الظاهرية علامات ثوابت يَهتدي بها الرَّحال والبَحَّار مثل المعالم الجغرافية كالجبال والأنهار, ويوافق القرآن مبدأ النسبية المُعْلَن حديثا فَيُقْرِن ثبات النجوم بالنسبة إلى البشر بلفظ (هم) ولفظ (لكم), قال تعالى: "وَعَلامَاتٍ وَبِالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ" النحل: 16, وقال تعالى: "وَهُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ النّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرّ وَالْبَحْرِ" الأنعام : 97.
ومن الثابت فلكيا اليوم أن الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس, ولكن لا يُعاين حركة الأرض حول الشمس ومعها القمر إلا مراقب خارج النظام الشمسي, ويعاين المراقب الأرضي دوما كل المعالم السماوية تمر عليه؛ ولذا منذ القدم والناس يظنون أن الأرض مركزًا للكون ويًعُدُّونَهَا ساكنة لا تدور حول الشمس, ولكن في قوله تعالى: "وَكَأَيّن مّن آيَةٍ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ" يوسف 105؛ يخالف القرآن الكريم ما يَعُدُّون ويتوهمون وينسب المرور لهم هم فيوافق الحقائق الثابتة اليوم معلنًا منذ القرن السابع الميلادي أنهم كما يمرون على المعالم الأرضية وهم على ظهر المركوبات ولا يعتبرون يمرون بالمثل ولا يعتبرون على المعالم السماوية وهم على ظهر الأرض بحركتيها اليومية والسنوية.
وتتم الأرض دورة كاملة (360 ْ) حول نفسها أمام الشمس بالنسبة إلى نجم بعيد يعتبر نقطة ثابتة في الفضاء في مدة تُعرف فلكيا باليوم النجمي Sidereal day , وهي تقل بحوالي أربع دقائق عن الفترة بين شروقين متتابعين والمعروفة فلكيا باليوم الاقتراني Synodic day , ويرجع الفارق في الزمن إلى تحرك الأرض حول الشمس أثناء حركتها حول نفسها, وطول اليوم النجمي: 23 ساعة و56 دقيقة و4.09966 ثانية (86164.09966 ثانية) واليوم الاقتراني: 86400 ثانية.
وبالمثل يقطع القمر دورة كاملة (360 ْ) في شهر نجمي Sidereal month : 27 يوما و7 ساعات و43 دقيقة و11.5 ثانية (27.32166088 ثانية), ولكن بسبب حركة الأرض حول الشمس أثناء حركته حولها لا يُعاين هلال الشهر الجديد إلا بعد شهر اقتراني Synodic month : 29 يوما و12 ساعة و44 دقيقة و2.8 ثانية (29.530588 يوما).
(3) نسبية حركة القمر:
القرآن الكريم هو الوحيد؛ من بين كل ما يُنسب سواه للوحي, الذي مََيَّز بين مواقيت الشهر والسنة بمعاينة تغيرات أوجه القمر وبين دورة المنازل النجمية بالحساب الفلكي, قال تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ" [يونس: 5]؛ والواو في (عدد السنين والحساب) تدل على مغايرة المذكورين مع الملازمة في حدث, و(عدد السنين) إحصاء لزمن مبني على الرؤية فيقتضي أن (الحساب) يفيد زمن يُعرف بالحساب, وباللف والنشر في مصطلح اللُّغويين عاد (عدد السنين) على نور القمر, وعاد (الحساب) على دورة القمر فلكيا بالنسبة للمنازل النجمية, وقال تعالى: "وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ" [يس: 39] وبالنسبة للمنازل النجمية يبدأ القمر دورته هلالا وينتهي لنفس هيئة العود المقوس الذي يحمل التمر تمثيلا لهلال آخر الشهر بإجماع المفسرين؛ وهي فترة أقل بغير المحاق, وبالحساب الفلكي تقل الدورة فعلا بالنسبة للنجوم بفارق حوالي يومين عن الشهر القمري.
وهي تماثل فترة المحاق, والأهلة مواقيت فلكية للعرب زمن التنزيل يميزون بها أوائل الشهور, وفي قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ" [البقرة: 189]؛ استيفاء بإضافة لفظ (الحج) اعتبارًا للسنة القمرية في العبادات وتأكيدًا على أنها اثنا عشر شهرًا.
(ثانيا) الوصف الفلكي لمدار القمر
القمر يواجه الأرض بوجه واحد, وبسبب نقصان دائرية المدار القمري يمكن أن يُعاين حوالي 59% من جانبه غير المقابل للأرض في ظاهرة تُعرف فلكيا بالترنح Libration , ويتغير بعده كذلك بنسبة ثابتة في كل دورة من بعده الوسطي؛ ولكنها غير مدركة بالعين المجردة لذا يعدون بعده ثابتا وخاليا من نسبة التغير ومداره كامل الاستدارة Perfectly circular .
وتتغير سرعة القمر بنفس نسبة تغير بعده؛ تزيد بالاقتراب وتنقص بالابتعاد, ويمكن تحليلها عند أي نقطة إلى مركبة مماسية ثابتة وأخرى تتغير نتيجة نقص الاستدارة, وأثناء دوران القمر حول الأرض ليتم دورة يقطع في نفس الوقت زاوية H في مداره حول الشمس بالنسبة لنجم, وإذا توقفت الحركة حول الشمس فلن يعمل في الاتجاه الأصلي إلا مركبة السرعة الوسطية V cos. H ؛ بدليل أن النسبة الباقية تعادل تماما قيمة نسبة التغير في بعده وسرعته 2e نتيجة الحركة حول الشمس.
(ثالثا) أعلى سرعة في القرآن والفيزياء
في قوله تعالى: "وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" قياس, واليوم والسنة مقيدان بعُرف بيئة التنزيل وسنواتهم قمرية 12 شهرا, والقاعدة أنه: لا زمان بغير حركة, واليوم ناتج عن حركة الأرض حول نفسها والشهر ناتج عن حركة القمر حولها؛ فيكون معنى القياس أن المسافة في يوم بسرعة مقدرة؛ لا تزيد عن المسافة بحركة القمر في ألف سنة.
والتعبير (مِمَّا تَعُدُّونَ) أي تحسبون وتظنون وتتوهمون؛ عائد سياقًا على حركتي الأرض والقمر, وهو تحديد لمتعدد فيوافق المعرفة الحديثة بأن حركة الأجسام نسبية؛ وهو يُجَرِّد حركة القمر من نسبة تغير بعده التي لا تدركها العين المجردة؛ وكأن الأرض ثابتة لا تدور حول الشمس كما يَعُدُّون؛ فيُقيم علاقة ثابتة بين الأرض والقمر في نظام معزول, والتعبير (مما تعدون) بتضمنه معنى الظن والتخمين غير المطابق للواقع يعني أن الأرض تدور حول الشمس بخلاف ما يتوهمون, قال حفيد الألوسي: "(الشمس إذن) ليس لها حركة حول الأرض بل للأرض حركة حولها", وقال جوهري: "أرضنا (إذن) دائرة غير دائرة نحن نراها ساكنة ولكنها دائرة لا تهدأ.., ومن جملة سيارات شمسنا هذه الأرض التي نحن عليها والقمر ملتزم بها ويدور عليها ومعها على الشمس, دوران الأرض (إذن) حول الشمس ليس غير مخالف للقرآن فحسب؛ بل له منه دلائل".
كيف يُمكن إذن فهم السياق في الدلالة على سرعة قصوى في قوله تعالى: "وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" [الحج: 47] لقد أعلن القرآن أن ساعة النهاية قد "جَاءَ أَشْرَاطُهَا" [محمد: 18] وأن أمر الساعة يصل بغتة لا يسبقه نذير لسيره بأقصى سرعة, وأن قوى الدمار قادمة بأكبر سرعة لا ينبغي معها مزيد استعجال؛ فيفهم منه أن الكون في التفاف؛ تطوى أبعاده, ولا نرى منه إلا الماضي ولا نعاين اقتراب لأجرامه سوى الأقرب, وأقرب مجرة (الأندروميدا) على بعد 2 مليون سنة ضوئية وتبدو بالفعل مقتربة بسرعة حوالي 300 كم\ثانية, فالقرآن إذن ينذر صريحًا بقرب النهاية, قال تعالى: "أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ" [النحل:1]؛ ولا سبيل بغير قرينة صارفة إلا حمل الإتيان على ظاهره, ولذا استعجلوا العذاب تهكُّمًا بالنبأ؛ فجاء البيان كاشفا تقديره تعالى في الكون لأبلغ سرعة تبلغها قوة تهكُّمًا بهم, ولا زمان بغير حركة؛ واليوم زمان يعكس فلكيًّا حركة الأرض حول نفسها والشهر زمان يعكس حركة القمر حول الأرض, والحركة نسبية تقتضي معيار لتقديرها, وهو في القياس "مِمَّا تَعُدُّونَ"؛ أي باعتبار سكون الحركة حول الشمس كما يعدون.
وفي قوله تعالى: "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" [السجدة: 5] جاء اللفظ (يعرج) موافقا للفيزياء في وصف الحركة في الفضاء بانحناء, ويكفيك تفرد القرآن بتثنية النبأ بلا تعارض لتجزم بأنه كلام العليم وحده تعالى بأسرار الخلق, ووفق السياق السرعة في الكون مقدرة ولا تزيد في اليوم عن مسافة ألف سنة, قال قتاده: "يقول مقدار مسيره في ذلك اليوم ألف سنة", وقال القرطبي : "في يوم كان مقداره في المسافة ألف سنة", وقال الطبري: "لأن المسافة مسيرة ألف سنة", وقال الرازي: "واليوم هنا زمان", وقال الزمخشري: "(وهو) يقطع مسيرة ألف سنة في يوم واحد", والقياس عند ابن عباس: "(هو) مقدار سير الأمر", وقد أصابت ضربة معوله عين النبع بقوله: "لسرعة سيره يقطع مسيرة ألف سنة في يوم", وأورد الألوسي عبارة تكشف ما جال بالخواطر قبل أن يتفجر النبع؛ قال: "لم تبعد هذه السرعة.. (عن) سرعة حركة الأضواء”, واستخدم حفيده العبارة: "شدة سرعة الضوء", والدليل على تحرك الضوء بسرعة غير لحظية لم يُقدَّم إلا عام 1676؛ عندما تمكن أولاس رومر Ole Roemer من قياسها للمرة الأولى في التاريخ بملاحظة تأخر مرور أقمار المشترى خلفه عندما تكون الأرض في الجهة الأبعد على مدارها حول الشمس, وبقسمة طول القطر الأكبر على زمن التأخر حصل على القيمة 227 ألف كم\ثانية, ووفق مبدأ النسبية قيمة سرعة الضوء في الفراغ لا تبلغها مادة ولا تتجاوزها قوة, والأجسام الأسرع (التاكيونات Tachyons ) مجرد افتراض نظري إذا وجدت أجسام سالبة الكتلة, يعني وفق مبدأ النسبية لا يبلغ قيمة سرعة الضوء أي جسيم له كتلة تزيد عن الصفر؛ فإن كانت أقل من الصفر يتجاوزها.
والمراقب الأرضي يَعُد القمر تابعًا للأرض فحسب؛ والقمر في الواقع أثناء دورانه حول الأرض يدور حول الشمس مع الأرض, وبالنسبة لنجم يمثل نقطة ثابتة في الفضاء يتغير اتجاه القمر كل دورة كاملة (360 درجة) حول الأرض بزاوية H (شهر نجمي 360 سنة نجمية) قيمتها حوالي 27 درجة, وتغيير القمر لاتجاهه كل دورة حول الأرض ناجم عن زيادة التسارع Acceleration نتيجة الحركة حول الشمس, ولذا لو توقفت حركته حول الشمس فلن يعمل في الاتجاه الأصلي سوى مركبة السرعة الوسطية؛ وهي حوالي 0.89 (جيب تمام H : د. منصور حسب النبي), وقيمتها ثابتة على كافة نقاط مدار القمر, وتمثل المركبة المماسية للسرعة الوسطية؛ فهي إذن القيمة الفعلية المسئولة عن الحركة الأمامية للقمر (Zeilik & Smith, Astrophysics, p53 ), ولو توقفت الحركة حول الشمس وبقي القمر محافظًا على دورانه حول الأرض فستكون سرعته بنفس قيمة النسبة المسئولة عن حركته الأمامية وليست قيمة السرعة الوسطية, والنسبة المتبقية من قيمة السرعة الوسطية الناجمة عن الحركة حول الشمس لا تأثير لها على الحركة الأمامية للقمر في مداره لأنها متعامدة عليها, وإنما تغير في بعده فتجعل مداره ناقص الاستدارة Ellipse , لذا قيمتها تماثل نسبة التغير في بعد وسرعة القمر 2e ؛ وهي حوالي 0.11, ونصف قيمتها يماثل درجة نقصان استدارة المدار e ؛ وهي حوالي 0.055 (الموسوعة البريطانية),
وباستبعاد نسبة التغير إذن في البعد وفق معيار القياس باعتبار ما يَعُدُّون من توقف حركة الأرض والقمر حول الشمس والتي لا يعاينها إلا مراقب خارج النظام الشمسي؛ يتحقق النظام المعزول Isolated system عن تأثير الشمس على حركة القمر حول الأرض, ويصبح مدار القمر كامل الاستدارة بدون نسبة التغير في البعد التي لا يلاحظها المراقب بالعين المجردة.
الزاوية H = (27.32166088.365.25636) 360 = 26.92847817 درجة, ونسبة السرعة الثابتة بسبب الحركة حول الأرض = جيب تمام H = 0.8915725423, ونسبة السرعة الوسطية بسبب الحركة حول الشمس = 2e = 1 – جتا H = 0.1084274577, ودرجة نقصان استدارة المدار e = 0.05421372885 (حوالي 0.055).
والقيمة الوسطية لسرعة القمر حوالي 1.023 كم\ثانية (Laros Astronomy, p.142 ), وإذا أمكن إثبات المطابقة تثبت المقاربة, وباعتبار ما يعدون من سكون حركة الأرض حول الشمس؛ القيمة 1.022794272 (حوالي 1.023) كم\ثانية تحقق تمامًا في العلاقة القرآنية قيمة سرعة الضوء في الفراغ المتفق عليها منذ عام 1983 في مؤتمر باريس.
سرعة القمر في النظام المعزول = 1.022794272 0.8915725423 = 0.9118952893 كم ثانية.
المسافة التي يقطعها القمر بحركته المجردة كل دورة حول الأرض = السرعة (كم ثانية)* زمن الدورة (بالثواني)
= 0.9118952893 27.32166088 * 24 * 60 * 60 = 2152612.269 كم.
المسافة المجردة في ألف سنة قمرية (12 ألف دورة) = 2583134723 كم.
إذن الحد المقدر للسرعة في الكون = مسافة ألف سنة قمرية يوم (في النظام المعزول)
= 2583134723 كم 86164.09966 ثانية = 299792.458 كم ثانية؛ وهي نفس القيمة تماما المعلومة منذ عام 1983 في الفيزياء لسرعة الضوء في الفراغ = 299792.458 كم ثانية (موسوعة أكسفورد, ص316).
(رابعا) استنباط أبعاد مدار القمر
وصف مدار القمر حول الأرض باستخدام القيمة الأدق لسرعة الضوء في العلاقة القرآنية يتفق مع الوصف الفلكي؛ مع ملاحظة أن متوسط المسافة بين المركزين هي متوسط نصفي المحورين الأكبر والأصغر, ونصف المحور الأكبر هو متوسط أقصى وأقل بعدين, وبُعد القمر عن الأرض يُقاس بين السطحين ويضاف نصفي القطرين؛ ويُعْفَى عن بعض التقريب.
التحقق:
وفق العلاقة القرآنية البعد الثابت للقمر: 342598.8832 كم, ومتوسط البعد المرصود: 384263.6095 كم, وقيمة نصف المحور الأكبر: 384546.3752 كم, وقيمة نصف المحور الأصغر: 383980.8437 كم, وأقصى بعد: 405394.0681 كم, وأقل بعد: 363698.6823 كم, وهذه القيم توافق النتائج في الموسوعة العالمية Wikipedia بفارق مئوي لا يكاد يذكر, وهي على النحو التالي؛ درجة نقصان الاستدارة: 0.0549, ونصف المحور الأكبر: 384399 كم, وأقصى بعد: 405696 كم, وأقل بعد: 363104 كم, وتوافق النتائج كذلك في كتاب الفلكيان زيليك ونيلسون؛ درجة نقصان الاستدارة: 0.055, ونصف المحور الأكبر: 384405 كم, وأقصى بعد: 405547 كم, وأقل بعد: 363263 كم.
(خامسا) عمر الكون في القرآن والفيزياء
في قوله تعالى: "سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ. لّلْكافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ. مّنَ اللّهِ ذِي الْمَعَارِجِ. تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" المعارج 1-4؛ السياق يحمل كذلك دلالة على قرب نهاية الوجود وينذر بقوى الدمار القادمة بالعذاب والتي تسعى بالخراب لهذا الكوكب الضئيل المسمى الأرض, وقد وردت فيه قيمة تتعلق بالكون الممكن الرصد والموصوف بلفظ (المعارج)؛ وفي مواضع بالآفاق وطرائق بروج الأجرام والسماوات, ولكن؛ لماذا العدول في وصف آفاق الكون بالمعارج!, وإذا كانت القيمة (ألف سنة في يوم) هي مقدار أكبر سرعة مقدرة في الكون؛ فما معنى الزيادة (خمسين)!.
وفق الفيزياء كل المسارات في الكون منحنية ولا تعرف الخط المستقيم, فوافقت القرآن الكريم في وصفه لآفاق الكون وطرائق الأجرام السماوية بلفظ (المعارج), وهو جمع لاسم المكان (مَعْرَج) ويتضمن معنى انحناء الحركة, وفي اللغة: عرج إليه مال إليه, وتعاريج النهر منحنياته, وثوب معرج خطوطه ملتوية, والعرجون العود المنحني الذي يحمل التمر.
ولفظ (تعرج) تأكيد لانحناء المسارات في الكون, قال الألوسي: "العروج في الدنيا.. رُوِِيَ (هذا) عن ابن إسحاق ومنذر بن سعيد ومجاهد وجماعة, وهو رواية عن ابن عباس أيضا", ولفظ (إليه) لا يعني في حق الذات العلية التحيز؛ وإنما يعني أنه دائم الوجود والكل دونه عارض بيانًا لوحدانيته تعالى وتفرده, وقد يرد تمثيلا بمعاني كلها بريئة من التحيز, قال الرازي:"ليس المراد منه المكان بل المراد انتهاء الأمور إلى مراده؛ كقوله تعالى: "وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ", وقال الشوكاني:"كقول إبراهيم عليه السلام: "إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي"؛ أي: إلى حيث أمرني ربي", وقال ابن عطية: "وفي القرآن منه كثير نحو قوله تعالى: "إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ" وقوله تعالى: "فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ" وقوله تعالى: "بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ", وقوله تعالى: "ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا"؛ وهذا كله بريء من التحيز", وقال الألوسي: "(وهذا الوجه) معنى لائق به تعالى مجامع للتنزيه مباين للتشبيه حسبما يقوله السلف في أمثاله", ولا يعني بالمثل "عِندَ رَبّكَ" النِدِّية أو المكان وإنما التقدير في الكون كقوله تعالى: "وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ" [الرعد: 8] وقوله تعالى: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" [القمر: 49].
وأبعد مسافة لا يقيسها لحظيًًّا أو يقطعها جسم مادي محدود السرعة في كون متغير الأبعاد؛ تمنعه الحواجز الزمنية؛ فناسب حضور الملائكة والروح؛ رسل الهداية, مما يعني أن الكون عامر بالساجدين, قال جوهري: "قدم الملائكة لأنهم في عالم الأرواح.. العالم المبرأ عن المادة (لأنه).. لا يُرتقى إلى تلك المعارج إلا بالكشف العلمي أو الخروج عن عالم المادة", والقياس في السياق متعلق ببيان أقصى بعد ممكن الرصد في الكون, قال جوهري: "ليس المراد المدة بل بعد المدى", وقال البيضاوي: "استئناف لبيان ارتفاع تلك (المعارج) وبعد مداها", وقال البغوي: "المسافة من الأرض إلى (منتهى) السماء", وقال الألوسي: "الكلام بيان لغاية ارتفاع تلك (المعارج) وبعد مداها.., والمراد أنها في غاية البعد والارتفاع".
وفي عام 2001 قدر كارليس بينيت Charles Bennett عمر الكون: 13.75 بليون سنة؛ اعتمادًا على تمايز الخلفية الإشعاعية, واكتشف روجر كيريل Roger Cayrel نفس العام عنصر مشع معلوم نصف العمر في نجم, فقدر: 12.5 بليون سنة, واستخدام العناصر المشعة في تقدير العمر أسلوب حديث مفضل يبشر بتقارب التقديرات وقياسات أدق مستقبلا, وقد أعلن هابل عام 1929 أن المجرات العظمى تبدو في ابتعاد بمعدل ثابت متوسط تقديراته حاليا: 24 (30-20) كم\ثانية كل مليون سنة ضوئية؛ فأمكن تقدير عمر الكون وفق قانون هابل: عمر الكون = (سرعة الضوء X مليون)\معدل الابتعاد = 12.5 (10-15) بليون سنة, وأبعد مسافة كونية 12.5 بليون سنة ضوئية باعتبار أن الضوء يقطعها في عمر الكون, واحتاط الفيزيائي هاوكنج واعتمد أقصى حدين إيثارا للدقة: 10 - 15 بليون سنة, والمتوسط أيضا: 12.5 بليون سنة (الكون لستيفن هاوكنج, ص55), وسأحتاط بالمثل وأعتمد في مقاربتي هذه أسلوب الوسطية؛ إيثارا للدقة في التقدير.
واليوم أقل وحدة زمن وينبني على حركة الأرض حول نفسها, والسنة الكونية Cosmic year أكبر وحدة زمن وتنبني على حركة الشمس حول مركز المجرة في حوالي 250 مليون سنة, والقياس الوارد على سبيل التفصيل: (في يوم كان مقداره ألف سنة)؛ تعبير عن مسافة تقطع في يوم بأكبر سرعة مقدرة, والتعبير المركب: (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) تضمن نفس مقدار السرعة (ألف سنة في يوم) وبقيت (الخمسون) في مقام قياس أبعد مسافة؛ فدلت سياقًا على عدد أكبر وحدة زمن؛ ووفق هذه المقاربة الخمسون إذن بالسنوات الكونية, يعني أقصى بعد في التعبير المركب هو (خمسين) سنة كونية بسرعة (ألف سنة في يوم), وعمر الكون إذن: خمسين سنة كونية (50 * 250 مليون)؛ يعني: 12.5 بليون سنة.
والقرآن الكريم يُصَوِّر أطوار خلق الكون الممكن الرصد بستة أيام؛ كبناء مُشَيَّد في أطوار متتابعة كالأيام تمثيلاً وفق تصميم Design منذ الابتداء, ويجعل الأحداث المهمة كل يومين في ثلاث مراحل متساوية, قال تعالى: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ" [السجدة:4] وقال تعالى: "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ" [فصلت: 9]وفي تاريخ الأرض معلم بارز لاكتمال خلقها منذ حوالي: 250 مليون سنة بانتشار الديناصورات عقب هلاك جماعي للأحياء (بداية الحقبة الوسيطة Mesozoic Era ), وهي مدة سنة كونية, والمدهش أن يدل حديث نبوي على مرور دورة زمنية كونية واحدة منذ اكتملت الأرض: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا" رواه البخاري, والزمان وليد حركة الأجرام, وأكبر وحدة زمنية هي السنة الكونية, والسنة الشمسية مبنية على حركة الأرض حول الشمس وطولها حاليا: 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية؛ أي: 365.2422 يوما, أو: 12.368 شهرا, وفي قوله تعالى: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" [التوبة: 36]؛ تصريح بأن السنة عند اكتمال الأرض كانت 12 شهرًا, وتراكم الزيادة (0.368 شهرًا) في 250 مليون سنة يعني أن الزيادة (12.36827 شهرا) تراكمت في حوالي 8.5 (8.4) بليون سنة؛ أي مع نشأة الأرض حركيًّا كدوامة انفصلت على طرف سديم بالمجرة لأنه نفس العمر المقدر لاكتمال تشكل المجرة: حوالي 8.5 (6.5-10.1) بليون سنة, ووفق مخطط الأيام الستة تمثيلا لأطوار خلق الكون وتمييز الأحداث في ثلاث مراحل متساوية؛ المُدهش أن ينتج نفس العمر الجيولوجي المقدر حاليًّا للأرض حوالي: 4.5 بليون سنة, ونفس العمر المقدر حاليًّا للكون حوالي: 12.5 بليون سنة.
وكالنملة؛ كل الأجسام تتألف من جزيئات, وكل جزيء من ذرات, وكل ذرة من جسيمات؛ إلى أن ننتهي إلى نُدَف من الطاقة تسري في عجل في الخلاء, وَكَأَنَّ نسيج ضفيرة تفكك فانتهى إلى خيط رفيع كالوتر فسموها أوتار, فتتكون كل جديلة من جدائل أصغر فأصغر وترجع كلها في بنيتها وأصلها إلى خيط رفيع أو وتر واحد Superstring , وبالمثل أصل كل شيء في الوجود أمر واحد هو أساس كل مادة أو قوة ويسري في الخلاء في عجل بسرعة محددة التقدير, هذه هي آخر صيحة في الفيزياء.
وبعد النجاح في إثبات التوحيد العظيم لقوى ثلاث من القوى الفيزيائية الأربع في الكون (الكهرومغناطيسية والجاذبية والقوة النووية الضعيفة والقوية)؛ مطمع الفيزياء اليوم إضافة الجاذبية وبلوغ حالة تفرد Singularity سادت عند النشأة تفرد فيها الوجود في خيط واحد أو وتر هو أساس كل شيء, هكذا قضت الفيزياء اليوم على الإلحاد وسارت بخطى ثابتة نحو التوحيد الأعظم في أمر تكويني واحد مأمور به عند خلق الكون أساسه لبنة واحدة كلمحة ضوء البرق في الطبيعة والسرعة.
وفي قوله تعالى: "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" [السجدة: 5]؛ يوجز القرآن الكريم في تلك الرائعة البيانية كل قصة الكون, ويلفتك إلى دلائل وحدانية المبدع القدير بوحدة الكون في الأصل والتكوين والنظام في تعبير مُعجز جامع بليغ لم يزد عن لفظين (يدبر الأمر)؛ ولكنه مد التدبير ليشمل كل تاريخ الكون, قال الشيخ طنطاوي جوهري (رحمهم الله تعالى جميعا): "وتنزيل الأمر من السماء يقتضي النظر في منشأ هذا العالم؛ فإن هذه العناصر لم تظهر في بادئ الأمر.. (لتضمنه) تنزيل الله (تعالى) للعوالم من حالها الأول حال البساطة والنور إلى حال الكثافة والتركيب, (ومقتضى) رجوع الأمر إلى الله.. أن هذا العالم سائر من الكثافة إلى اللطافة كما أنه تنزل من اللطيف إلى الكثيف", وقال الألوسي: "فيه إشارة إلى أن الأمر وإن ظهر بالأشكال المختلفة والصور المتعددة أوله وآخره سواء", وقال أبو السعود: "(لأنه) أمر واحد وإن تجددت آثاره", وقال ابن تيمية: "والسماوات وإن طويت وكانت كالمُهل (صهير المعادن).. أصلها باق بتحويلها من حالٍ إلى حالٍ", وقال الزمخشري: "كتبديل الحلقة خاتماً إذا أذيبت.., ونقلت من شكلٍ لآخر", وقال جوهري: "إذن الأمر إن هو إلا تجليات ومظاهر لقدرة المحيط علماً.. طُبعت في هذا الخلاء الفسيح طبعاً ظهرت لنا.. بهيئة حركات وتجلى لعيوننا بهيئة نبات وحيوان وشمس, فما هذا العالم كله إلا حركات.., وهكذا الزرع والحيوان وأجسام الناس".
ولفظ (الأمر) وقع عليه فعل التدبير فاستنتج الأجلاء أنه تعبير عن الكون بأصله المأمور به تمثيلا بلفظ (كن)؛ أي المادة الأولية لتشكيل الكون, قال الألوسي: "الأمر راجع إلى المُراد لا إلى الإرادة (يعني) الأشياء المُرادة المكونة, وقال ابن تيمية: "وفي لغة العرب التي نزل بها القرآن أن يسمى المفعول باسم المصدر.., ولهذا يسمى المأمور به أمرًا, فهذا أمر تقدير كوني لا أمر ديني.., وليس المراد به (أمره) الذي هو كلامه.., (إنما) المأمور الذي كونه اللهُ بأمره.., (و)ألفاظ المصادر يعبر بها عن المفعول فيسمى المأمور به أمرا والمخلوق بالكلمة كلمة, فإذا قيل في المسيح أنه كلمة الله فالمراد به أنه خُلِقَ بكلمة.. كن, وهذا قول سلف الأمة وأئمتها وجمهورها.. وبهذا التفصيل يزول الاشتباه في مسألة الأمر", وقال جوهري: "(يعني) لا وجود في الأصل إلا لمادة واحدة بسيطة والقوى الطبيعية كلها صادرة بالتسلسل عن قوة أصلية واحدة.., ومنها تكونت المادة والكهرباء والمغناطيسية والحرارة والضوء.., (وقد) خلق الله العالم من مادة واحدة ليستدلوا على وحدانيته وقدرته".
وبتلطف لا يلفت عن غرض يعلن القرآن عن وحدة التقدير بيانا لوحدانية الخالق في تركيب يكشف حقائق تؤيد دعوة كل الأنبياء إلى التوحيد؛ يقول العلي القدير: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ. وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَر" القمر: 49و50, قال ابن فارس: "اللمح أصل يدل على لمع شيء", وقال ابن منظور: "لَمَعَ بمعنى أَضَاءَ", وفي بيان وجه التشبيه بومضة الضوء قال الألوسي: "الغرض من التشبيه بيان سرعته", وقال الرازي: "فاللمح بالبصر معناه (ضوء) البرق يخطف بالبصر أي يمر به سريعا وذلك في غاية السرعة", وقال أبو حيان: "لما كان أسرع الأحوال والحوادث في عقولنا هو لمح البصر ذكره.. فهو تشبيه بأعجل ما يحسه الناس", وقال ابن عاشور: "وَلَمَّا كَانَ لَمْحُ الْبَصَرِ أَسْرَعَ مِنْ الْبَرْقِ قَالَ.. بِالْبَصَرِ؛ كَمَا قَالَ.. "وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" النحل: 77.
ولم يُعرف تكون الضوء والقوى من دفقات من الطاقة سموها كَمَّات إلا بعد عام 1900, ولفظ (اللمح) واحدته لمحة؛ فهو إذن مركب من دفقات, و(الأمر) المذكر يستقيم وصفه بلفظ واحدة المؤنث باعتبار التركيب, قال القاسمي: "دفقة.. واحدة" هي أساس التركيب, ودل الاستثناء بعد النفي على القصر؛ أي واحدة بلا سابقة ولا مثيل تأكيدًا لوحدانية الصانع القدير, ولفظ (الأمر) يستقيم حمله على المأمور به عند النشأة بكلمة (كن) تجسيدا للمشيئة النافذة والقدرة الكاملة وبديع التقدير, أي المادة الأولية الخام أو القوة الأساسية؛ خاصة مع تشبيهه بضوء البرق في طبيعة الانتقال والسرعة الواحدة الثابتة التقدير, قال ابن تيمية: "والأمر الكوني كقوله..: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر".., فهذا أمر تقدير كوني لا أمر ديني شرعي".
ووحدة أمر التكوين المأمور به عند التكوين وتفرده؛ أَوَ لاَ تكفي دليلاً على وحدانية الخالق وتفرده!, وأي مستند للإلحاد طالما أيقنت الفيزياء أن للكون ابتداء وتسابق النوابغ في تقدير العمر!, قال الفيزيائي هاوكنج "طالما أن للكون ابتداء فلا بد أن يكون له خالقًا"؛ بهذه الكلمات قد أعلن الغاية من مآثر الفيزياء وتاريخ الكشوف العلمية في كل الميادين, وأضاف سواه قائلا: "الفرقعة العظمى Big Bang مرتبة بتدبير لا تصنعه مصادفة, لأن التخطيط والتصميم Design الذي نعاينه في الكون يعني وجود سبب أكيد يُوَجِّه؛ وإلا يستحيل وجود نظم ثابتة, إن الكون الذي نعاينه لم ينشأ مصادفة, هذا هو جواب الفيزياء", وإن لم يكن بتقدير؛ كيف صُنِعت إذن من أمر موحد الطبيعة بنية كل ذرة ومجرة بإبداع غاية في التنوع وترتيب غاية في الإحكام!, وقد انتهت الفيزياء إلى أن القوى والمواد وجهان لعملة واحدة؛ فالذرة يمكنها استقبال الطاقة الحرة وإطلاقها, وليست كتلة الأجسام سوى طاقة مجمدة وظلت طبيعة بنيتها هي الحركة في عجل, وخطى أينشتاين خطوة ضخمة بتوحيد المادة والطاقة وفق سرعة واحدة ثابتة القيمة (E =mc2 ), وثبات التقدير في الكون برهان ساطع يشهد للفطين بوحدانية المُبدع القدير.
(سابعا) معادلة رياضية تنطق بالتوحيد
في قوله تعالى "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" السجدة: 5؛ يتعلق السياق ببيان دلائل التوحيد, وقد كشف وحدة كل تكوين؛ ذرة أو مجرة, في المنشأ والبنية والمصير في لبنة واحدة فائقة الضآلة من مادة أساسية واحدة, وببيان إمكان التحول بين المادة الجامدة والطاقة الحرة وَحَّدهما في تلك اللبنة الأساسية, وكشفت العلاقة (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) وجهًا من وحدة التدبير ببيان سرعة واحدة مقدرة لكافة الأشكال الحرة في الكون, ولكنها جعلت المقياس حركة أجرام في علاقة ثابتة منذ النشأة؛ فدلت على وحدة الأجرام في المنشأ والنظام.
(1) العلاقة الأساسية في النظام المعزول هي: (c = 12000 V' T'/t' )؛ حيث c سرعة الضوء, V' سرعة القمر, T' شهر نجمي, t' يوم نجمي, ويمكن صياغتها كالتالي: (24.98270483 V'T'/t' = ), وحينئذ تكون (T' = t' )؛ ولذا تكون قيمة سرعة دوران الأرض الأولية Initial earth حول نفسها = 24.98270483 كم\ثانية, وبتراجع القمر الأولي Initial moon في النظام المعزول إلى طرف الأرض ستتبقى قيمة الفارق حاليا بين بعده في النظام المعزول والمرصود: 41664.7263 كم لتمثل نصف قطر الأرض: r = (R - R' ), وهي أكبر بحوالي 6.5 مرة من نصف قطر الأرض حاليا: 6371 (6357-6378) كم فتعني أن النشأة سديمية, ويكون زمن دورة الأرض حول نفسها: 10478.73711 ثانية (حوالي 2.9 ساعة), وهو في حدود القيمة المفترضة حاليا (حوالي 2.5 ساعة) لتوليد قوة طرد مركزية كافية لفصل القمر.
البعد الثابت في النظام المعزول R' = 342598.8832 كم, ومتوسط البعد في النظام المرصود = R ( /cosin H R' ) = 384263.6095 كم, ونصف قطر الأرض r = (R' - R ) = 41664.7263 كم, وسرعة دوران الأرض حول نفسها = 24.98270483 كم\ثانية, وزمن دورتها ( 2π r/ v t' = ) حول نفسها (اليوم النجمي الأولي): 10478.73711 ثانية.
(2) بافتراض أن قيمة r ثابتة كبصمة للأرض الأولية؛ ستعادل القيمة (r/R ) نسبة تغير البعد ( 2e ) والتي تعكس نصيب الشمس في متوسط بعد القمر أو سرعته نتيجة حركته مع الأرض حول الشمس, وفي حالة التماس بتواجد القمر على طرف الأرض الأولية: (r/R = 2 e = 1 - cos. H = 1 )؛ إذن: (cos. H = zero ), و(H = 90ْ ) والسرعة الوسطية للقمر (V ) = (V'/cos. H )؛ ستكون (V/cos. H ) = (V'/zero = ), ومعنى أن سرعة القمر لا نهائية أنه في حالة انفلات وهروب من الأرض, ومعنى أن الزاوية H = 90 ْ؛ هو انعدام مركبة سرعته في الاتجاه الأصلي بعد دورة حول الأرض؛ وهذا معناه أن كل سرعة القمر المتصل حينئذ بالأرض والشمس ناجمة عن الحركة حول الشمس وموجهة في اتجاه واحد في حالة هروب من الأرض أثناء هروبها من الشمس, فالأرض إذن قد نشأت مع القمر كتوأمين؛ وبعد استقلالهما عن الشمس فاقت سيطرة الأرض عليه مع الزمن سيطرة الشمس, والأصل واحد؛ مادة سديمية مكنت من هروبه وتميزه يُفترض تجانسها.
ووجود القمر على طرف الأرض في النظام المعزول (R' = r ) يعكس وجوده في النظام المرصود على بعد يماثل ضعف نصف قطر الأرض, وتكون قيمة زاوية انحراف اتجاهه كل دورة حول الأرض نتيجة حركته حول الشمس H = 60 ْ, ويتحقق عندها الاتزان Equilibrium ؛ من حيث تساوي نصيب كل من الشمس والأرض على متوسط بعده وسرعته في مداره حول الأرض, أي: (r/R = 2 e = 1 - cos. H = 0.5 )؛ إذن: (cos. H = 0.5 ), وتقل سرعته إلى النصف بتضاعف بعده؛ وتمثل مركبتها في الاتجاه الأصلي (نصف النصف) قيمة سرعة الهروب من الأرض: 6.245676208 كم\ثانية.
(3) انفلت القمر من الأرض وفق قانون المقذوفات: (V = 2MG/r )؛ حيث V سرعة الهروب وM كتلة الجرم وr نصف قطره, ونشأتهما مع الشمس من نفس مادة سديم متجانس تعني تناسب سرعات الهروب مع الكتل أو أنصاف الأقطار؛ أي: (V13/V23= M1/M2 ), أو: (V1/V2= r1/r2 ), وتقتضي محاولة المقاربة افتراض ثبات الكتل الحالية؛ وهي: الأرض ( 5.9736*1024 kg ), والشمس ( 1.99*1030 kg ), والقمر ( 7.35*1022 kg ), وبتطبيق العلاقة (V13/V23= M1/M2 )؛ حيث كتلة الأرض M1 وكتلة الشمس M2 وسرعة الهروب من الأرض V1 , فيمكن معرفة سرعة الهروب من الشمس V2 : 432.963991 كم|ثانية, وبتطبيق العلاقة (V1/V2= r1/r2 )؛ حيث نصف قطر الأرض r1 ونصف قطر الشمس r2 وسرعة الهروب من الأرض V1 وسرعة الهروب من الشمس V2 , يمكن معرفة متوسط نصف قطر الشمس: 2888290.327 كم, وبالمثل تكون قيمة سرعة الهروب من القمر: 1.441882483 كم\ثانية, ويكون نصف قطره: 9618.756561 كم, وعند اتصال القمر والأرض بالشمس: H = 90 ْ, ومدة دورة القمر حول الأرض T' تماثل مدة دورتها حول نفسها t' , ومدة دورة الأرض حول الشمس Y تماثل كذلك مدة دورة الشمس حول نفسها: (360 * T'/Y = 90)؛ إذن: (Y = 4t' ), ويمكن التحقق بمعرفة طول محيط الشمس R 2π وسرعة دورانها حول نفسها V ( /V = Y R 2π )؛ إذن: (Y = 4t ).
التحقق:
مدة دورة الشمس حول نفسها (432.963991 / 2888290.327* 2π ) = 41914.9484 ثانية.
زمن أربع دورات للأرض حول نفسها (t' * 4 ) = 4 * 10478.73711 = 41914.9484 ثانية.
(4) العلاقة الأساسية في النظام المعزول ( 2πR'/t' *c = 12000 ) يُمكن صياغتها كالتالي: (t' R' = 3.976120966 )؛ إذن بعد القمر يتناسب طرديًّا مع طول يوم نجمي وفق قيمة ثابتة, فإذا كان اليوم في ازدياد فلا بد أن يكون القمر في ابتعاد, والزيادة في طول اليوم النجمي = 86164.09966 - 10478.73711 = 75685.36255 ثانية, وتمت الزيادة في مدى 8.4 بليون سنة منذ نشأة الأرض والقمر في السديم الشمسي كنظام حركي قبل النشأة الجيولوجية, فمتوسط معدل زيادة طول اليوم إذن حوالي ثانية (0.9) كل 100 ألف سنة, وبلغ حوالي 13 ساعة عند النشأة الجيولوجية للأرض, وقيمة البعد الأولي للقمر عن الأرض = 2r = 2 * 41664.7263 = 83329.4526 كم, والزيادة إذن في بعد القمر عن الأرض في مدى 8.4 بليون سنة = 384263.6095 - 83329.4526 = 300934.1569 كم؛ إذن متوسط معدل تباعد القمر سنويا حوالي: 4 سم|سنة (3.6), والمدهش أنها نفس نتيجة القياس بالليزر بعد وضع أجهزة عاكسة على سطح القمر منذ رحلة أبوللو 11 عام 1969؛ وهي كذلك حوالي: 4 سم\سنة (3.82). (Laros astronomy, p62 ).
التحقق:
ينبغي أن تكون الزيادة في بعد القمر وطول اليوم متوافقة مع العلاقة (3.976120966 R'/t' = )؛ وبالفعل حاصل قسمة زيادة بعد القمر على زيادة طول اليوم = 300934.1569\ 75685.36255 = 3.976120966؛ نفس القيمة.
(5) النشأة الحركية للشمس والأرض والقمر في حالة سديمية متجانسة؛ والممتدة في الماضي إلى زمن أبعد من النشأة الجيولوجية تقتضي كثافة متدنية تقل كثيرا عن كثافة الماء وتزيد قليلا عن كثافة الهواء, وقانون الكثافة هو: (3M/4π r3) ؛ حيث M كتلة الجسم و rنصف قطره, وبتطبيقه على الأرض الأولية تكون كثافتها: 19.7170496 كج\م3, وهي بالفعل أقل بحوالي 50 مرة من كثافة الماء ( 1000 kg. /meter3 ) وأكبر بحوالي 15 مرة من كثافة الهواء عند سطح البحر ( 1.3 kg. /meter3 )؛ وتلك صفة سديم Nebula وتتفق مع سبق نشأة السمات الحركية Dynamics للنشأة الجيولوجية.
التحقق:
رغم اختلاف الكتلة M ونصف القطر r لكل من الأرض والشمس والقمر؛ قيمة الكثافة الابتدائية لكل منهم واحدة:
كثافة الأرض = 3*5.9736*1024/{4*3.1415926535898*(41664726.3)3} = 19.7170496 كج\م3.
كثافة الشمس = 3*1.99*1030/{4*3.1415926535898*(2888290327)3} = 19.7170496 كج\م3.
كثافة القمر = 3*7.35*1022/{4*3.1415926535898*(9618756.561)3} = 19.7170496 كج\م3.
(6) يمكن تعيين قيمة ثابت الجاذبية العام G بتطبيق قانون المقذوفات على الأرض عند نشأتها؛ حيث V سرعة الهروب وM كتلتها وr نصف قطرها ( V&artshow-86-140220.htm#178; r/ 2M = G ): 1.36038342*10-19 km.3/kg./sec.2 , وهي تؤيد افتراض بول ديراك Paul Dirac عام 1937 بأنها كانت قديما أكبر؛ وهي بالفعل تبلغ حاليا حوالي النصف: ( 6.67*10-20 km.3/kg./sec.2 ), وأيده برانس ودايك Brans Dicke عام 1961 باستنتاج أن ثابت الجاذبية العام G يقل مع الزمن؛ ولكن بمعدل محدود, ووفق هذا المعدل يُفترض أن تكون G عند نشأة الكون حوالي 3 مرات أكبر من قيمتها حاليا (km.3/kg./sec.2 2*10-19 ).
التحقق:
رغم اختلاف سرعة الهروب V والكتلة M ونصف القطر r لكل من الأرض والشمس والقمر؛ قيمة G واحدة ثابتة:
من الأرض = 6.245676208&artshow-86-140220.htm#178;*41664.7263 25.9736*1024 = 1.36038342 * 10-19 كم3كجث2,
ومن الشمس = 432.963991&artshow-86-140220.htm#178;*2888290.327\ 21.99*1030 = 1.36038342 * 10-19 كم3كجث2,
ومن القمر = 1.441882483&artshow-86-140220.htm#178;*9618.756561\ 27.35*1022 = 1.36038342 * 10-19 كم3كجث2.
(7) المعلوم فيزيائيا أن أي جسم يدور بسرعة V ثم تغير نصف قطره R فلابد أن تتغير سرعته إذا كانت كتلته M ثابتة؛ بحيث تظل القيمة: (V R ) ثابتة, أي أن القيمة (M V R ) تظل ثابتة ما لم يؤثر عليها مؤثر خارجي؛ وفق قانون ثبات العزم الزاوي Conservation of angular momentum , فإذا اقترب القمر من الأرض تزداد سرعته وإذا ابتعد تقل, وبالمثل الأرض في مدارها حول الشمس, وفي النظام المعزول إذن بافتراض ثبات الكتلة تظل قيمة السرعة الابتدائية للقمر على طرف الأرض ثابتة مهما ابتعد عنها, ومضمون العلاقة القرآنية توحيد القمر مع الأرض في المنشأ والنظام بإعادته إلى طرفها في النظام المعزول وبيان قيمة السرعة الابتدائية للنظام (c/ 12000 = V' T'/t' = 24.98270483 كم\ثانية), لكن التعبير المُعْجِز قد أوردها ضمنيًّا في علاقة واحدة وثابتة؛ توحد حركة القوى والأجرام وتكشف قيمة كونية واحدة وثابتة؛ هي سرعة الضوء, والمدهش أن تُسَمِّيها الفيزياء حاليًّا: الثابت الكوني للحركة The Universal Constant of motion .
وباعتبار القيمة (M V R ) ثابتة في النظام المعزول؛ أي أن قيمتها حاليا هي نفسها عند نشأة القمر, يُمكن معرفة كتلته عند النشأة بمعرفة كتلته حاليََّا (7.35*10 22 كجم) وسرعته في النظام المعزول (0.9118952893 كم\ثانية) وبعده (342598.8832 كم), وسرعته الأولية في النظام المعزول (6.2456762075 كم\ثانية) وبعده (41664.7263 كم), إذن: كتلته عند النشأة: 8.8241*10 22 كجم, أي أنه فقد 16.7 % من أصل كتلته؛ وهو ما يتفق مع تبدد غلافه الغازي.
التحقق:
إذا كانت العلاقة القرآنية تعامل الأرض والقمر كجسم واحد في النظام المعزول منذ النشأة؛ فلابد أن السرعة الابتدائية قيمة مخزونة ثابتة على طول عمر الأرض والقمر, يعني (24.98270483 2πR'/ t' = ) حاليا وعند نشأة النظام.
بعد القمر الأولي عن الأرض الأولية: 41664.7263 كم, يوم نجمي عند نشأة النظام: 10478.73711 ثانية, بعد القمر حاليا عن الأرض في النظام المعزول: 342598.8832 كم, يوم نجمي حاليا: 86164.09966 كم\ثانية؛ إذن:
قيمة السرعة الابتدائية عند نشأة النظام = 41664.7263 * 2π \ 10478.73711 = 24.98270483.
قيمة السرعة الابتدائية المخزونة حاليا = 342598.8832 * 2π \ 86164.09966 = 24.98270483.
(8) يقتضي انفلات الأرض كدوامة طرفية بلوغ سرعة دوران الشمس حول نفسها قيمة سرعة الهروب منها؛ فيُمكن إذن التحقق من صحة المقاربة وتطابق العلاقة القرآنية مع الواقع بتطبيقها نفسها على نظام الشمس والأرض حاليًّا وفق قيمة السرعة الابتدائية (432.963991 كم|ثانية): (V = 2π R/t ) ؛ حيث V السرعة الابتدائية في النظام المعزول للشمس والأرض , وt زمن دورة الشمس حاليا حول نفسها عند خط الاستواء , وR بعد الأرض عن الشمس حاليا؛ ويعتبر نظام الشمس والأرض معزولاً ابتداءً, ومدة الدورة الاستوائية للشمس حول نفسها حاليًّا تزيد قليلا عن 25 يومًا , والمدهش أن القيمة 25.12694896 يومًا تحقق تمامًا البعد الوسطي للأرض حاليا (R = Vt/2π ): 149597870 (حوالي 150 مليون ) كم , وهو يستخدم في قياس الأبعاد في النظام الشمسي باسم الوحدة الفلكية Astronomical unit .
(ثامنا) دليل مُدَّخَر للنبهاء ينطق بالتوحيد
في تاريخ الوحي أن "يوما واحدا عند الرب كألف سنة" في سياق بيان "سرعة مجيء يوم الرب" 2بطرس3: 2-14, "قريب يوم الرب العظيم قريب وسريع جدا" صفنيا1: 14, وأنه يجيء بغتة لا يسبقه لبالغ سرعته نذير: "كلص في الليل هكذا يجيء لأنه حينما يقولون سلام وأمان حينئذ يفاجئهم هلاك بغتةً كالمخاض للحبلى فلا ينجون" 1تسالونيكي5: 3, "ليرتعد جميع سكان الأرض لأن يوم الرب قادم" يوئيل2: 1, "ولولوا لأن يوم الرب قريب قادم كخراب من القادر على كل شيء" إِشعياء13: 6, وبكلمة الله (كن) كان الكل: "السماوات كانت منذ القديم والأرض بكلمة الله قائمة..؛ وأما السماوات والأرض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها محفوظة للنار إلى يوم الدين وهلاك الناس الفجار" 2بطرس3: 2-14, "يرسل كلمته في الأرض سريعا جدا يجري قوله" مزامير147: 15, والعلاقة بين اليوم والألف سنة دليل مخبوء للأحباء النابهين على وحدانية الخالق وأبديته تعالى وحده بلا ولد شريك؛ والكل دونه مُقَدَّر المصير: "ولكن لا يخفى عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء؛ أن يوما واحدا عند الرب كألف سنة, وألف سنة كيوم واحد, لا يتباطأ الرب عن وعده" 2بطرس3: 2-14, "من قبل أن توجد الجبال أو أبدأت الأرض والمسكونة منذ الأزل إلى الأبد أنت الله..؛ لأن ألف سنة في عينيك مثل يوم أمس بعدما عبر وكهزيع من الليل" مزامير90: 2-4؛ وإن افتقر القياس للمعيار (مما تعدون) فنقض الكاتب ثبات التقدير بالعبارة: "وكهزيع من الليل" صارفًا القياس إلى أن الله تستوي عنده الأزمان فخالف سياق التحذير بسرعة مجيء يوم الرب: "سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها, فبما أن هذه كلها تنحل أيّ أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب الذي به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب, ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البَر, لذلك أيها الأحباء إذ انتم منتظرون هذه اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس ولا عيب في سلام" 2بطرس3: 2-14.