صناعة الهدف
من أسباب النجاح في الحياة أن تتعلم كيف تضع أهدافك وتركز عليها وتسعى لتحقيقها، فحياتنا مليئة بأدوار مختلفة، ومساحات متعددة من المسؤولية فقد يكون الشخص زوجاً، وأباً، وتاجراً.. وعندما يُفقد التوازن بين أدوارنا في الحياة وبين أهدافنا وطموحاتنا فإننا نخفق في تحقيق النجاح وقد نضحي بأهدافنا أو نهمل مسؤولياتنا، فوضع الأهداف يساعدنا في عمل توازن بين أعمالنا وطموحاتنا، لذا عليك تحديد أدوارك المختلفة، وجعلها في قائمة مبتدئاً بالأهم منها. مع جعل هذه الأدوار تابعة لقيمك ومبادئك. فاجعل قيمك هي المرشدة لك.
والهدف ببساطة هو الغاية التي تريد أن تحققه وتنجزه؛ فهو يختلف كلياً عن الرغبة والأمنية. لذلك عندما تصنع أهدافك فاجعل في ذهنك الإرادة والعزيمة على إنجاز هذه الأهداف، فالرغبة والأمنية بل والقرارات المجردة ليست ذات جدوى ما لم يصاحبها إرادة تحولها واقعاً محسوساً. إذا كانت الحياة رحلة قصيرة كما قال عليه الصلاة والسلام :" ما لي وما للدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها"؛ فكيف يسير المرء في هذه الرحلة دون دليل أو هدف! لذا كلما كان الهدف واضحاً في الذهن تماماً كلما كان الشخص أقرب للنجاح. ولهذا نجد الأشخاص الذين لديهم أهدافا ينجزون أكثر من الأشخاص الذين ليس لديهم أهدافا وهذا بسبب وضوح الرؤية والمسير.
وهنا بعض الملح مختصرة في صناعة الهدف:
ـ عليك أولاً أن تقرر ماذا تريد ، فكثيراً من الناس لا يعرفون ماذا يريدون بالفعل، أو بعبارة أخرى ما يريدون ليس واضحاً تماماً في أذهانهم، فعند إنشاء الأهداف يتطلب أن تعرف حقيقة ماذا تريد، فهذا يساعدك في تحديد المعلومات التي تحتاجها، وتحديد المهارات المتطلبة لإنجاز ما تريد، والمصادر التي ينبغي أن نستخدمها، والوقت المطلوب لإنجاز ما تريد.
ـ كن إيجابياً وأنت تحدد أهدافك، ابتعد عن استخدام عبارات النفي فبدلاً أن تقول: أنا لن أترك قراءتي اليوم. قل: أنا مشغول اليوم وسأخصص 20 دقيقة للقراءة. فالعبارات الإيجابية تساعدك على العمل بخلاف المنفية.
ـ قسم أهدافك، فالتدرج في تحقيق الهدف يساعدك على الاستمرار دون الشعور بضغوط خارجية. ولتكن بداياتك صغيرة ثم تزداد قليلاً مع مرور الوقت. فأهدافك الكبيرة قسمها إلى مراحل كي لا تصاب بالإحباط واليأس وبالتالي الترك.
ـ ضع الأوليات، عندما يكون لديك عدة أهداف فقسمها حسب الأولوية فهذا يجنبك الشعور بالضغط لكثرة الأهداف، فوضع الأوليات يساعدك في التركيز على المهم منها.
ـ اكتب أهدافك، عند كتابة الأهداف في ورقة فإنك تأكد رغبتك بأن تكون حاضرة في الوجود. والكتابة تذكرك بما تحتاج عمله، وتكون الرؤية لديك أكثر وضوحاً. اكتب بوضوح وباختصار ما تريد تحقيقه فهي تجعلك قادراً على المراجعة ومعرفة ماذا حققت كما إنها تساعدك على عدم نسيان أحد أهدافك خلال مسيرتك، فالتفكير البسيط حول الأهداف ليس كافياً والكتابة تخرجك من الضبابية وتجعلك أكثر إدراكاً بطبيعة الهدف ودرجة انسجامه معك قدراتك ورغباتك، فهي تزيد من فرص النجاح.
ـ لا تستخف بنفسك، قد تكون الأهداف التي تختارها كبيرة ورائعة وتتطلب وقتاً وجهداً وأنت قادر على بذل ذلك فعليك أن لا تستهين بذاتك، فكثير من الناس عندهم قدراتك وإمكانات ولكنهم لم يحققوا شيئاً لأنهم يزدرون أنفسهم كثيراً، أو إنهم يخافون من الإخفاق والفشل فيتركون الأهداف العظيمة ويتجهون إلى أهداف بسيطة، فكن واثقاً من نفسك مقدراً لذاتك.
ـ كن محددا لأهدافك، تأكد أن الهدف يقول ما تريد تحقيقه، فأحياناً الأهداف تحتاج أن يكون فيها نوع من التفصيل كي تكون أكثر تحديداً. والتحديد يساعدنا في تركيز جهودنا والمعرفة بدقة ماذا علينا عمله. والتحديد يكون في ماذا، ولماذا ، وكيف. مثل: ماذا عليّ عمله؟ لماذا هذا مهم أن أعمله في هذا الوقت؟ ماذا أريد انجازه؟ كيف يمكن عمل ذلك؟ وهكذا.
ـ اجعل أهدافك قابلة للقياس، إذا لا تستطيع قياس الهدف، فإنك لا تستطيع أن تحكم عليه. وعندما يكون الهدف مخصصا فإنك غالباً تستطيع قياسه مثلاً عندما تقول: أنا أريد أن أقرأ ثلاثة فصول من كتاب كذا خلال خمسة أيام. فإنه يمكن القياس بخلاف لو قلت أريد أن أقرأ. فتحتاج أن تكون أهدافك قابلة للقياس كي تعرف هل أنت نجحت أم أخفقت، فحاول أن تضع التاريخ والزمن والكميات كي يمكن قياسه. فاعمل معيار جيد لقياس تقدمك نحو تحقيق الهدف.
ـ اجعلها قابلة للتحقيق، الأهداف وإن كان فيها تحدي إلا إن فيها واقعية، فإذا كانت أهدافك لا يمكن تحقيقها فإن ذلك يعني الإحباط واليأس. والأهداف التي بعيدة عن متناولك من المحتمل أن تحققها إذا استخدمت التدرج التصاعدي وقد يمتد معك الهدف قليلاً وقد يتطلب مزيداً من العزيمة والإصرار ولكن مع مضي الوقت ستحقق الهدف بإذن الله تعالى. وإذا أنت دائماً تنظر إلى النتائج النهائية دون اعتبار للإجراءات والطرائق التي تسلكها فإنك ستفقد الصبر وتعيش في اضطراب.
ـ الاتصال والانسجام بينك وبين الهدف، فإذا كانت الأهداف تعني شيئاً ما لديك، فلا بد أن يكون هناك ترابط عاطفي مع الهدف، فبدون ذلك ستجد صعوبات لا تستطيع أن تتغلب عليها.
ـ كن واقعياً، لابد أن يكون هدفك واقعي وليس خيالي وهمي. وإن كان هناك خيال فيكون من الخيال الإبداعي الذي يمكن تحقيقه.
ـ مراجعة أهدافك، فالمراجعة المتتالية والمتابعة المستمرة تبين لك الخطوات الضرورية التي تحتاجها لتحقيق أهدافك، وتتعرف على التغيرات والإيجابيات والسلبيات التي صنعتها في الهدف، وتجعل هناك مراقبة منتظمة وتوجيه ذاتي مستمر. ولا يشترط في المراجعة التدقيق بل قد لا تستغرق 5 ـ 10 دقائق ولكنها تكون عميقة وشاملة. والله أعلم