هل ترى معي أن العالم سوف يتغير قليلًا في المستقبل؟ وأنه سيكون هناك منافسون جُدد أقوياء، يمكنهم سحق بعض المتواجدين الآن، وسوف يسحقونهم بالفعل؟
فإذا أجبت بنعم على كلا السؤالين، فإنك سوف تتفق معي، أنه لا يوجد هناك ما يسمى بإدارة البقاء؛ إذًا إنك تدرك أن النجاح لن يتحقق عن طريق التفكير، والإدارة، والبيع بنفس الطريقة، أو السيطرة على أنشطة الآخرين، في واقع الأمر إنه لضرب من الجنون أن يستمر الناس في فعل نفس الشيء مرات ومرات، ويتوقعون نتائج مختلفة.
ذكر نايتنجال في "قم بقيادة المجال" قصة رجل جلس أمام مدفأة، وقال: (أعطني حرارة؛ فأعطيك حطبًا)، وانتظر مدة طويلة في الوقت؛ لأنه قد نسى أن عليه أن يعطي أولًا، وأن يقوم بواجبه أولًا قبل أن يحصل على أي شيء أو يتلقى أية نتائج.
فهناك بعض المدراء لا يزالون يفكرون بهذه الطريقة، وتراهم يتعجبون؛ لأنهم لا يحققون نتائج أفضل؛ أو لأنهم على الأقل لا يحافظون على النتائج التي توصلوا إليها فعلًا.
إن الطريقة الوحيدة لمواصلة البقاء في منافسة العصر التي لن تنتهي أبدًا، في ظل خطى التقدم السريعة في مجال التكنولوجيا، هي أن تُنمي نفسك، وأن تتعلم مهارات جديدة، وأن تصبح قائدًا أفضل، ومحفزًا أفضل، ومدربًا أفضل، وأن تتحكم في إدارة وقتك، وأن تحدد أهدافك، حتى تستطيع صقل مهاراتك، ومهارات الجميع من حولك.
إن القاعدة بسيطة جدًا، فإما أن تتقدم للأمام، وإلا سحقك الآخرون، قال توم بيترز ذات مرة: هناك نوعين من المدراء: السريع والميت، وأنت بحاجة لأن تكون مبدعًا وسريعًا حتى تحفظ بقاءك في سوق العمل، إن الكثير من المدراء كانوا يعدون مرؤوسون متميزون، وكانت تقاريرهم تشهد بإمتيازهم؛ وذلك قبل أن يحصلوا على لقب "مدير"، لكن لم يكونوا مستعدين لتحمل المطالب الكثيرة التي لا تنتهي، التي تأتي مع لقب المدير.
لذا عزيزي القاريء، سوف نبدأ في سلسلة أسرار قادة التميز ـ إن شاء الله ـ، والتي سوف تساعدك على الآتي:
1. أن تجد حلًا وإجابة لكل التحديات اليومية التي تقابلك.
2. أن تكتشف التركيب الفعلي الذي يجعلك مديرًا ناجحًا.
3. أن تنمي برنامج نجاحك الخاص.
4. أن تتعلم مهارات إدارية فعالة، وأن تؤلف بينها وبين أسلوبك الشخصي بسهولة.
5. أن يكون تفكيرك أكثر إبداعًا، وأن تملك رؤية قوية.
6. أن تصنع قرارات صائبة، وتحفز نفسك وكل من حولك.
7. أن تتحكم في التوتر، وأن تدير وقتك أفضل.
8. أن تدير الإجتماعات بشكل يحقق إنتاجية أفضل.
9. أن تتصل بالجميع حتى أصعب الناس مراسًا، بالإضافة إلى غير ذلك.
والآن دعنا نبدأ في إكتشاف المفاتيح الإثني عشر للمدراء الناجحين جدًا، وهي كالآتي:
1. القرار الطريق نحو النجاح.
2. التحفيز القوة الدافعة للتميز البشري.
3. التغيير الواقع الحقيقي للحياة.
4. التوتر وضغوط العمل.
5. الإتصال الطريق للقوة الذاتية.
6. تحديد الهدف الطريق نحو السعادة والإنجازات.
7. إدارة الوقت القيمة الحقيقية للحياة.
8. القيادة الطريق لقمة الأداء.
9. بناء الفريق القوة المطلقة للمؤسسات الناجحة.
10. التفويض الطريق نحو الحرية.
11. الإجتماعات.
12. التوظيف يصنع الاختلاف.
المفتاح الأول: القرار ...طريقك نحو النجاح:
1. قوة إتخاذ القرار:
(إنني لا أستسلم أبدًا، حتى عندما يقول لي الناس إنني لن أنجح أبدًا)
بوب ويكمان
على الرغم من أن محاولات توماس أديسون قد أخفقت نحو عشرة الآف مرة، إلا أنه إستمر فيها حتى نجح في إكتشاف المصباح الكهربائي، وقد أفلس والت ديزني ست مرات قبل بنائه لمدينة ديزني لاند الشهيرة، وعندما رفض 1007 مطعم فكرة دجاج كنتاكي، لم يتوقف كولونيل ساندرز حتى حظى بعد ذلك بالقبول والموافقة، فما هو الشيء الذي يشترك فيه هؤلاء جميعًا؟
بالطبع هو الإلتزام والإصرار، ولكن من أين جاءت لهم هذه القوة؟ إنها بدأت بقرار، فقد إتخذوا جميعًا القرار لأن يفعلوا كل ما هو ضروري لتحقيق النجاح، وبالفعل إستطاعوا أن يجدوا طريقهم نحو النجاح المنشود، ولعلنا نكون أكثر دقة إذا قلنا أنهم صنعوا ذلك الطريق الذي أدى بهم إلى النجاح، ويتفق ذلك مع قول هانيبال: (فإما أن نجد الطريق، أو نصنع واحدًا).
فإذا كانت عملية صنع القرار على هذه الدرجة من القوة والأهمية، وإذا كانت هي الوظيفة الأولى للإدارة؛ حيث أنها تشكل جزءًا أساسيًا في الحياة، فلماذا ننظر إليها على أنها شيئًا صعبًا؟ لماذا إذًا لا يؤديها كل فرد؟ ولماذا تكون سببًا في المشاكل للجميع؟
الإجابة تكمن في الخوف ...الخوف من الفشل؛ ذلك لأن كل قرار يتضمن نوعًا من المخاطرة، والتي قد تعني الخسارة، فكثير من الناس يفضلون البقاء في المنطقة الآمنة، وعدم إستغلال قدراتهم المدفونة؛ لأنهم يخشون إتخاذ قرارات خاطئة، لكن توماس أديسون، والت ديزني، هنري فورد، كولونيل ساندرز، غاندي، وكثيرون غيرهم، قد نجحوا؛ لأنهم إتخذوا القرار، وإلتزموا بتنفيذه.
ربما لا تدري أن لديك من القدرة على تغيير الأشياء أكثر مما تدرك، لكن ذلك لا يكون إلا عندما تقرر أن تكون أنت صانع قرارك، وقد تتساءل: وكيف لي أن أحقق ذلك؟ والإجابة أن تحاول أن تكتشف نفسك، فيقول بابليليوس سيرس: (لا سبيل لأن يعرف المرء ما يستطيع عمله إلا عندما يحاول).
وقد يلجأ بعض المدراء إلى أن يفعلوا أي شيء يجنبهم إتخاذ أي قرار، فقد يجعلون شخصًا آخر يقوم بذلك حتى يجنبهم المخاطرة، ومثل هؤلاء يحتاجون لأن يتعلموا المهارات والأساليب، التي تمكنهم من إتخاذ قرارات سليمة.
2. الأنواع الثمانية لمتخذي القرار:
(اصنع قرارًا، إذا لم يصلح، اصنع قرارًا آخر، وآخر وآخر، استمر في فعل ذلك حتى تجتازه)
بريان تراسي
أول خطوة لإتخاذ القرار السليم، هي أن تتعرف على أسلوبك في صنع القرار، وأيضًا على أسلوب الآخرين، فهناك ثمانية أنواع لمتخذي القرار، وهم كالتالي:
1. مُحب المخاطرة:
ويكون هذا النوع عادة نافذ الصبر، وهو يحب المخاطرة، يتمتع بشخصية قوية، لا يهتم كثيرًا بالمعلومات وهو يتخذ قرارات متسرعة، يمكن أن تؤدي إلى خيبة الأمل أحيانًا.
2. مُتجنب المشاكل:
هذا النوع من متخذي القرار قد يفعل أي شيء لتجنب إتخاذ أي قرار، وهو يفضل أن يقوم شخص آخر بذلك بدلًا منه، ويكون قراره عادة أن يتجنب المشكلات، وهو من النوع الذي يلقي باللوم على الآخرين الذين يجعلونه مضطرًا لاتخاذ قرار.
3. المُتردد:
لا يستطيع هذا النوع عادةً أن يصدر قرارًا نهائيًا، فإذا ما اتخذ قرارًا فهو غالبًا يعود فيغيره، وطريقته المهزوزة في اتخاذ القرارات؛ تجعله سببًا في إشاعة الفوضى والإرتباك بين مرؤوسيه.
4. صاحب المنطق:
لا يتخذ هذا النوع أي قرار، إلا بعد أن يجمع أكبر كم ممكن من المعلومات، وعملية جمع المعلومات هذه قد تستغرق الكثير من الوقت، حتى أنه في بعض الأحيان يأتي القرار متأخر وقت لا ينفع الندم.
5. المحقق:
ويكون هذا النوع كثير الشكوك، وهو يحب أن يكتشف الأمور بنفسه، وأن يحقق ويسأل من حوله، قبل أن يتخذ القرار الذي يكون بناءًا على ما جمعه من معلومات.
6. العاطفي:
وتصدر قرارات هذا النوع عن عاطفته ومشاعره، وهو يثق في حدسه، ولا يحب عادة أن يجرح أحدًا، وبعد أن يستمع إلى آراء الناس يصدر حكمًا يكون نابعًا من مشاعره.
7. الديموقراطي:
وهو يميل إلى أن يجتمع بأعضاء فريق العمل؛ ليسألهم رأيهم في أمر من الأمور، وتكون قرارات هذا النوع بناءًا على إجماع، وتأييد الفريق، والمشكلة التي قد تقابل هذا النوع من متخذي القرار، هي أنه لا يستطيع أن يجد دائمًا أناسًا كي يستشيرهم.
8. صاحب قرار آخر لحظة:
هذا النوع ينتظر حتى آخر دقيقة ليتخذ القرار، أو قد ينتظر حتى يقع تحت ضغط، فحينئذ لا يكون أمامه خيار سوى أن يتخذ قرار.
الآن، أي نوع من هؤلاء أنت؟ وأي نوع تعتقد أنه هو الأفضل؟
يقول الدكتور إبراهيم الفقي: (عادة ما يسألني الناس في الندوات التي أعقدها: ما هو أفضل هذه الأنواع؟ وتكون إجابتي: ليس هناك بين الأنواع الثمانية ما هو أفضل من الآخر، فيمكن أن يكون لك أسلوبك الخاص، الذي يجمع بين هذه الأساليب، والذي يلائم طريقتك في الإدارة، فالهم أن تضع نصب عينيك كلمة واحدة "المرونة"، ثم تصرف وفقًا لذلك، فقد يكون أسلوبك في اتخاذ القرار ديموقراطيًا، ويأتي قرارك وفقًا لموافقة الجماعة.
ولكنك قد تحتاج أحيانًا لأن تكون أكثر إستنادًا إلى المنطق، وتجمع مزيدًا من المعلومات، وفي أحيان أخرى، عندما يكون لزامًا عليك أن تتخذ قرارًا ملحًا، قد تحتاج لأن تثق في حدسك وحده، فالمفتاح هو أن تكون مرنًا، أيًا كان الأسلوب الذي تنتهجه.
وأخيرًا:
يقول د. إبراهيم الفقي: (القرار القاطع لا يدع مجالًا للتردد أو التراجع، بل يعطي الشخص قوة رائعة توجهه إلى تحقيق أهداف حياته)، وسوف نكمل في المرة القادمة ـ إن شاء الله ـ الجزء الثاني من سلسلة أسرار قادة التميز.
أهم المراجع:
1. أسرار قادة التميز، إبراهيم الفقي.
2. أفضل ما في النجاح، كاترين كاريفلاس.
3. قوة التفكير، إبراهيم الفقي.
4. الإنجاز الشخصي، بريان تراسي.