رسائل لحجاج بيت الله الحرام
عبد المحمود يوسف
المدير التنفيذي لإذاعة طيبة
2011-10-10
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وبعد:
ففي مثل هذه الأيام من كل عام يبدأ الحجيح بالتوجه إلى بيت الله العتيق ؛ لأداء شعيرة الحج وأملا ً في أن يرجعوا من ذنوبهم أنقياء كاليوم الذي خرجوا فيه من بطون أمهاتهم، كما بشر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة) رواه الترمذي في السنن وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وقال الترمذي حديث حسن صحيح .
وأريد في هذا المقام أن أبعث بعدة رسائل ونصائح لحجاج بيت الله الحرام أرجو أن ينتبهوا لها لعل الله أن ينفع بها: فمن ذلك:
1- إخلاص النية لله عز وجل: وأن لا ينوي الحاج بحجِّه رياءً ولا سمعةً ولا يكتب على باب بيته (حجاً مبرورًا)؛ حتى لا يَضِيع كل التعب ويصبح هباءً منثوراً ، فعن أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه- :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ لا يقْبَلُ منَ العْمَلِ إلاَّ ما كان له خالصا ،وَابتُغِيَ به وجْهُهُ» أخرجه النسائي.
واعلم بأن الأجر ليس بحاصل *** إلا إذا كانت له صفتان
لابد من إخلاصه ونقائه *** وخلوه مـن سائـــــر الأدران
وكذا متابعة الرسول فإنها *** شرط كما قد جاء في التبيان
2- الإتيان بأذكار الخروج من المنزل وأدعية ركوب الدابة وأدعية السفر ودعاء دخول القر ية ودعاء النزول بمنزل جديد؛ ليحفظك الله في سفرك وعودتك -في نفسك وأهلك ومالك- ويا حبذا لو اصطحب الحاج معه كُتيِّبا في الأذكار كحصن المسلم أوغيره.
3- توديع الأهل بقوله (أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه) وتوديع الأهل له بقولهم (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك).
4- اختيار الرفقة الصالحة ؛ فهي خير ما يحتاج إليه المسافر في سفره.
5- الحرص على تعلم مناسك الحج وسؤال أهل العلم وسؤال الرفقة الذين معه ولو اصطحب الحاج معه كتاباً فيه بيان أحكام الحج لكان خيراً خاصة من يحج لأول مرة .
6- ملء تلك الأوقات الغالية في تلك البقاع الطاهرة بكثر الذكر والصلاة وسائر الطاعات وعدم تضييعها فيما لايفيد؛ فالطاعة يضاعف أجرها حسب شرف الزمان والمكان وبما في القلب من إخلاص، والصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه ، وفي المسجد النبوي تعدل ألف صلاة فيما سواه، فاحرص على هذا الخير الكثير .
7- الإكثار من الدعاء لنفسك وأهلك وأصدقائك ولجميع المسلمين بخيري الدنيا والآخرة ، فدعوة المسافر مستجابة.
8- التوبة إلى الله عز وجل من كل ذنب وخطيئة وطلب العفو والمغفرة من الله، لترجع –أيها الحاج- وقد كُفِّرت جميع ذنوبك صغيرها وكبيرها.
9- تجنب اللغو والرفث والسباب والشتم والحرص على التحمل وضبط النفس وحفظ اللسان حتى ينال الأجر كاملاً قال الله عز وجل:(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) أخرجه الشيخان. وقد ذكروا أن بدوياً تخاصم مع حاج عند منصرف الناس فقيل له أتخاصم رجلاً من الحجاج فقال :
( يحج لكيما يغفر الله ذنبه *** ويرجع قد حطت عليه ذنوب )
10- الحرص على أن يكون الحال بعد الحج أحسن من الحال قبله ، قالوا: إن من علامة قبول الحسنة أن تجر إلى حسنة بعدها ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من (الحَور بعد الكَوْر) أي من النقصان بعد التمام، وقد قيل للحسن ما الحج المبرور؟ قال أن ترجع زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة.
11- لا تنس طواف الوداع عند إرادة مغادرة البيت فعن عبد اللَّه بن عباس -رضي الله عنهما- قال : «كان الناسُ ينصَرفونَ في كُلَّ وَجْهٍ ، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- : لا ينْفِرْ أحَدٌ حتى يكون آخرُ عَهْدِه بالبيتِ ». أخرجه مسلم. ويستثنى من ذلك المرأة الحائض فقد«رُخَّصَ لها أنْ تَنْقِرَ إذا حاضَتْ) كما في البخاري ومسلم.
12- أخيراً الهدايا للأهل عند الرجوع ولوكانت شيئاً يسيراً ولوكان قضيباً من أراك فهدية الحاج لها وقعها في النفوس.
وفقنا الله جميعاً لحج بيته الحرام وتقبل منا صالح الأعمال، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.