تعريف التدريس الإبداعي
أ. التدريس لغةً: تشتق كلمة التـدريس مـن الفعـل (دَرَسَ) فيقـال درس الكتـاب ونحـوه، أي قـام بتدريـسه وتـدارس الكتاب، درسه وتعهده بالقراءة والحفظ لئلا ينساه(مجمع اللغة العربية، 1998:255).
وقد جاء في لسان العرب «مادة درس: درس الكتاب يدرسه درسا ودراسة ودارسه من ذلك كأنّه عانده حتى انقاد لحفظه، وقد قرأ بهما: وليقول درستَ وليقولوا دارستَ، وقيل درستُ قرأت كتب أهل الكتاب ودارست ذاكرتهم( ابن منظور،2005: 184).
وجاء في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿أَم لَكُم كَتَاب فيه تَدرسون﴾ (القلم، الآية ،37)، وغيره من الآيات التي ذكرت هذا المصطلح. حتـى قيـل إن (إدريـس ) عليه السلام سمي بهذا الاسم لكثرة دراسته كتاب الـلـه تعالى، وأن اسمه (اخنوخ ) بخاءين معجمتـين بـوزن مفعول(الرازي، 1991: 302).
وفي الإنكليزية يقصد بالفعل درس(teach ) أن تعطي الطـلاب معلومات لمـساعدتهم عـلى تعلم شيء ما (oxford ,2000)
التدريس اصطلاحًا: ذكر زيتون أن التدريس يندرج تحت ثلاث عمليات أساسية زيتون(2001):
الأولى: عملية التصميم "التخطيط "ويتم بمقتضاها تنظيم مدخلات التدريس في صـورة خطـة تدريـسية
بشكل معين لتحقيق أهداف تعليمية محددة.
الثانية: عملية التنفيذ، ويتم فيها تطبيق هذه الخطة واقعيا في الفصول الدراسية .
الثالثة: عملية التقويم، ويتم فيها الحكم على مدى تحقيق نظام التدريس لأهدافه .
ويعرّف التدريس بأبسط مفهوم له على أنه: "ما يقوم به المعلم في الصـف من أجل نقل معارف معينة، وإكساب المتعلمين مهارات محددة ينظمنها محتوى مساق دراسي مقرر عليهم "(بوز، 2005: 18)
بينما نجد ان إبراهيم يشير للتدريس بأنه: توفير الشروط المادية والنفسية التي تـساعد المـتعلم عـلى التفاعل النشط مع الموقف التعليمي بهدف إكسابه الخبرات المطلوبة وفقـا للأهـداف التربويـة(إبـراهيم،2010: 6).
تستخدم كلمة التدريس للدلالة على العمليات التي يقوم بهـا المـدرس في المراحل المتقدمة، الثانوية والجامعيـة، وهـي تسـتخدم في عمليـات التفاعـل والحوار بين المدرس والطالب ضمن ما يعرف بالتعليم النظامي داخـل غرفـة الصف، أو في المحاضـرات، أو في المختبر، ويقتصـر عليها؛ فالتـدريس كـما يـرون، عملية أخذ وعطاء، أو حوار أو تفاعـل بـين المـدرس والطالـب؛ فكلمـة تـدريس تنطوي على المشاركة والتفاعل في الوصول إلى الحقيقة كهدف أساسي للتـدريس من خلال استخدام طـرائق وأسـاليب تُمكّـن المعلـم مـن الوصـول إلى الحقيقـة وليس تدريس الحقيقة فقط(داود، 2014: 32).
وهناك من يُعَرف التدريس بأنه: مجموعة النشاطات التي يقوم بها المعلم في موقف تعليمي لمساعدة طلابه في الوصول إلى أهداف تربوية محددة. ولكي تـنجح عمليـة التـدريس لابد للمعلم من توفير الإمكانات والوسائل المناسبة واستخدامها بطرق وأسـاليب متبعـة للوصـول إلى أهدافه(شبر، 2014: 24).
لذا يمكن القول إنّ التدريس يُعد موقفًا يتميـز بالتفاعـل بـين المعلـم والتلميـذ، ولكـل مـنهما أدوار يمارسها من أجل تحقيق أهداف معينـة، وهـذا يعنـي أنّ التلميـذ لم يعـد ذلـك الوعـاء الـذي يمـلأه المعلـم بالمعارف والمعلومات(دعج، 2020: 22).
بناءً على ما تقدم يمكن أن نعرف التدريس بأنه: عملية مخطط لهـا مـسبقًا يقـوم فيهـا المعلـم بنقـل معلومات ومهارات إلى المتعلم وفق اهداف تعليمية محددة خاضعة للتقويم في ظـل بيئـة تـؤثر وتتـأثر في عملية التعلم.
التدريس الإبداعي: يشير إلى استخدام المعلم أسلوب تدريسي يتم فيه استخدام المادة التعليمية وسيلة لتنمية القدرة على الإبداع بصورة خاصة ليصبح الهدف الأول للتربية هو القدرة على التفكير الإبداعي ثم يأتي بعد ذلك اكتساب المعرفة(جروان،1999: 92).
التدريس الإبداعي: مجموعة من المبادئ الإرشادية وخطوات التدريس الفعالة التي يظهرها المعلم في نشاطه التعليمي داخل غرفة الصف أو خارجها بشكل استجابات حركية أو لفظية تتميز بعناصر السرعة والدقـة في الأداء والتكيف مع ظروف الموقف التدريسي، وتعمـل عـلى اسـتثارة وتنميـة التفكـير الإبـداعي لـدى المتعلمـين(2000, Joseph).
ويعد التدريس الإبداعي بمثابة مجموعة من المهارات التدريسية التي تتسم بالدقـة والإتقـان والسرعة في الأداء، فهو مجموعـة مـن السـلوكات التـي يمارسـها المعلـم بأقـل مجهـود وتكـاليف أثنـاء التخطيط والتنفيذ والتقويم من أجل الوصول بالمتعلم إلى رؤية أو اكتشاف علاقات جديدة ومتنوعة أو حلول أصيلة مبتكرة للقضايا والموضوعات التي يدرسها(حسانين، 2003: 29).
ويشير عمر حسن مساد(2005: 105) أن التدريس الإبداعي في مجمله يعتمـد عـلى إحـداث تغييرات في طرق وأساليب التدريس، وتأخذ هذه الأساليب طريقها إلى الواقع الحي، عن طريـق بـرامج تربوية تقوم على تنمية الفكر المنتَج والخلاق وإثارة التفكير الإبداعي لـدى المتعلمـين، والتـدريب عـلى الخيال الخصب والحلول الجديدة والمتعددة , واللا مألوفة للمشكلات والقضايا المختلفة.
ويرى طارق السويدان(2008: 22) أن التدريس الإبداعي يمثـل نمـط مـن السـلوك التـدريسي الفعّال الذي يستخدمه المعلم معتمدا فيه على القدرات الإبداعية، لإحداث تفاعل تدريسى بينـه وبـين متعلميه بشكل يجعلهم منطلقين بأفكارهم، قادرين على تنمية قدراتهم الإبداعية، وذلـك مـن خـلال استراتيجيات وأساليب تدريسية حديثة، وتجهيز مواد وأنشطة مبتكرة من شأنها تساعد المتعلمـين عـلى التفكير الإبداعي.
ويشير مفهوم التدريس الإبداعي إلى إقرار عدد من الاتجاهات التربوية المستحدثة في التدريس، ويتضمن الخبرات والمهارات والطرق المناسبة، وتدبير فرص التعليم التي تحقق أقصى حد ممكن للتعلم لكل طالب، كما يتضمن التدريس الإبداعي الشعور بعدم الرضا عن النتائج التي توصلت إليها الإجراءات القائمة وضرورة وجود أفكار تربوية جديدة والاستعداد لتجربة أفكار أخرى وتقويمها لمعرفة مدى الإفادة منها في التدريس(الصيفي،2009 :250).
ويذكر فلمبان (2004: 96) أنّ التدريس الإبداعي هو "مجموعة السلوكات اللفظية وغير اللفظية التي يُظهرها المعلم داخل حجرة الدراسة في أثناء تفاعله مع الطلبة في الموقف الصفي والتي تعمل على استثارة الإبداع لدى الطلبة، وتشتمل على الأسئلة الصفية المثيرة للإبداع، واستجابات المعلم المحفزة للإبداع، وتهيئة البيئة الصفية الداعمة للإبداع".
كما يعرف(2005) Harris التدريس الإبداعي بأنه: "تدريس فعّال يؤكد على التعليم من أجل الفهم العميق كما يؤكد على مهارات الاستقصاء أكثر من تأكيده على إتقان المهارات المعرفية".
ويرى مجدي عزيز(2005) أن التدريس الإبداعي يقصد به "اتسام السلوك التدريسي بسمات إبداعية(طلاقة، ومرونة، وأصالة)، عندما يقوم المعلم باستدعاء أكبر عدد ممكن من الأفكار التربوية المناسبة وتنوع الأفكار والاستجابات التربوية وتعديل الموقف التعليمي، وإعادة تنظيمه بشكل مناسب وإنتاج أفكار واستجابات تربوية جديدة وقليلة التكرار".
والتدريس الإبداعي كما يوضحه Fazelian(2012: 719) يمكن التدريب عليه واكتسابه وتنميته مثل غيره من المهارات، ويتطلب قدرًا من المرونة لدى المعلم، ويرى Harris(2005) أنّ التعلم الإبداعي لن يتم في ظروف صفية أو بيئة تعلم لا يتوافر فيها التدريس الإبداعي؛ لذا ينظر إلى المعلم بوصفه المفتاح الأساسي في تعليم الإبداع، وعليه أن يحدد مدى إبداعه في النشاطات التدريسية الثلاثة الأولى: التخطيط لتدريس إبداعي؛ حيث يحتاج التدريس الإبداعي لخطة تدريسية مرنة يبتعد فيها المعلم عن الخطط التدريسية التقليدية بتقديم نشاطات تدريسية إثرائية في ظل التدريس الإبداعي. والثانية: السلوك التدريسي الصفي لتدريس إبداعي (التنفيذ)؛ حيث إن المعلم المبدع يهيئ المناخ الملائم لأنشطة الإبداع داخل الصف ويوجه انتباه المتعلمين إلى مادة التعلم ويعمل على تنمية بعض الصفات والمهارات لدى المتعلمين كصفات التحدي وحب الاستطلاع والتعبير عن الرأي، والتفاعل مع الآخرين، والتفكير الذي يتسم بالطلاقة والمرونة والأصالة. والثالثة: التقويم لتدريس إبداعي؛ حيث يُعِد المتعلم بنفسه المَهمة أو المشكلة أو تتوافر له الحرية في إعادة تحديدها وتحرير مهام تقويم الإبداع نسبياً من قيود الامتحانات التقليدية وتحديد طبيعة الناتج الإبداعي لمَهمة التقويم في ضوء الهدف الذي يسعى المتعلم لتقويمه.
وبذلك يكون التدريس بأصالته وحداثته إبداعًا يؤدي دورًا فاعلًا في تـوفير سـعادة الإنسـان، وهـو يساهم في الارتقاء بسوية التعلم والتعليم؛ فالتـدريس الإبداعي كـان وسـيبقى ملتقـى العلـوم بجعلهـا أكـثر حيويـة واستثارة لفضول العلماء والمتعلمين ليتعرفوا على علومهم وإمكانات تعلمهم بصورة أكثر موضوعية؛ إذ بـه يتفاعلون معه بأشكال شتى, وفهم العلوم المختلفة ككل متماسك(أبو شريخ،2008: 7).
أعداد: أ. مصطفى دعمس