احمد المومني عضو نشيط
عدد المساهمات : 168 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 26
| موضوع: الحفاظ على نعمة الماء الخميس ديسمبر 15, 2011 8:48 pm | |
| [right] أيها الأخوة المؤمنون.. الماء أصل الحياة، قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿وجعلنا من الماء كل شيء حي﴾(الأنبياء، من الآية:30).. به تقوم الحياة، ولا شيء في هذا الكون جعله الله -تبارك وتعالى- سبباً لاستمرار الحياة على وجه الأرض أعظم من الماء.. نعمة كبرى.. منة ربانية.. عطية إلهية لبني الإنسان.. يقول الله -تبارك وتعالى-: ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد﴾(إبراهيم، من الآية: 7).الواجب على كل مؤمن أمام نعم الله -سبحانه- أن يتقدم إليه بالشكر، والشكر ليس كلاماً فحسب.. ليس مجرد عبارات تنطلق بها الألسنة فحسب.. إنما هو أفعال يؤديها الإنسان يقيم من خلالها الأدلة والبراهين على أنه عبد لله -تبارك وتعالى- طائع له، على أنه يقوم بحقوق المولى -سبحانه وتعالى- فيما خوله ووهبه إياه.. لذلك عرَّف العلماء الشكر فقالوا: (صرف العبد جميع ما أنعم الله -عز وجل- به عليه فيما خلق لأجله)، أي: أن يصرف الإنسان النعم في ميدان الطاعة والعبادة لله -تبارك وتعالى-، والنعم لا تحصى ولا تعد لأنها تتجدد في كل طرفة عين، قال تبارك وتعالى ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾ (إبراهيم، من الآية: 34)، لا يمكن الإحصاء لأن النعم التي نزلت على الإنسان وتلقاها من ربه -سبحانه وتعالى- من ولادته إلى هذه الساعة أياً كان صغيراً كان أم كبيراً لا يمكن أن تعد ولا أن تحصى، فكيف بها وهي تتجدد في كل طرفة عين؟.. ولذلك لخص الإمام ابن عطاء الله السكندري -رحمه الله تعالى- في حكمه هذا المعنى فقال: (نعمتان ما خلا منهما موجود: نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد)، نعمة الإيجاد من العدم ونعمة الإمداد في كل طرفة عين مما به قوام حياة الإنسان واستمرار شؤونه على وجه الأرض. فماذا صنعنا بهذا الماء الذي وهبنا الله -تبارك وتعالى- إياه؟ فجره لنا ينابيع وأجراه لنا أنهاراً وأنزله من السماء أمطاراً.. ماذا صنعنا بهذا الماء؟ لا شك أن الإنسان ضيع كثيراً من نعم الله -عز وجل- ويضيع.. لكن أن يصل الأمر إلى تضييع أصل الحياة فهذا ما لا يظن بعاقل!، ولا يجدر بإنسان يعرف قيمة الماء أن يهدره وأن يضيعه وأن يسرف في استعماله! وهذا هو شأن الناس في هذه الأيام. أزمة المياه حديث الساعة، وهي أزمة عالمية، بل هي أصل الصراعات السياسية في وقتنا الحاضر وبخاصة في بلادنا في الشرق الأوسط، كان الصراع في العقود الماضية حول النفط، والصراع في هذه العقود حول مصادر المياه، وقد سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية وقوى الشر والطغيان على منابع النفط، ولكنهم يحاولون الآن السيطرة على منابع المياه لأنمهم يعلمون أن استمرار الحياة لا يكون إلا بالماء، عرفوا قدره فأوجدوا الطرق لاستخراجه، واكتشفوا مصادره وخزاناته في جوف الأرض. وقد وهبنا الله -تبارك وتعالى- أمة الإسلام مواقع استراتيجية نتحكم بمقدرات الأمن والغذاء والاقتصاد في العالم، وهبنا الله -تبارك وتعالى- المياه والأنهار، وقد جاء في أرض العرب النيل والفرات وفيهما حديث صحيح أنهما من أنهار الجنة، ووهبنا الله -تبارك وتعالى- زمزم وفي بعض الأخبار الضعيفة أنها من عين في الجنة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنها تنبع من عين في الجنة، والأحاديث كثيرة في فضائل زمزم وفي منافع زمزم (طعام طعم وشفاء سقم)، وقد ألف العلماء المصنفات والأجزاء في بيان فضائل زمزم، وهبنا الله -تبارك وتعالى- الأرض الخصبة في الشرق والغرب، في شرق العالم العربي وغربه، وفي شرق العالم الإسلامي وغربه، وبلد واحد من بلاد المسلمين يكفي لإنتاج ما يغطي العالم من القمح أو البر.
لما غزت أميركا العراق بدأ الناس بتتبع أخبار السياسة وأخبار القتلى، لكن ما لم يتنبه له الناس أعظم وأخطر، أتدرون ماذا فعل هذا اللعين (بريمر) عندما حكم العراق مدة من الزمان؟، المزارعون والفلاحون في العراق -كما هو الحال في بلادنا- يزرعون البر (القمح) ويبيعون أربعة أخماس المحاصيل ويحتفظون بخمس لتجفيفه وبذره في العام الذي يليه، فأجبر الفلاحون على بيع جميع المحاصيل بلا استثناء، وقدمت إليهم البذور في العام الذي يليه مجاناً، لكنها بذور معدلة وراثياً لا يمكن أن تزرع مرة أخرى genetically altered)) بذور معدلة وراثياً، حيث إن المحاصيل التي تأتي في الأعوام التالية لا يمكن أن تزرع مرة أخرى، فإذا أراد الفلاحون زراعة القمح من جديد لابد لهم من شراء البذور من الشركات الأمريكية، وبذلك يتحكمون بجوع الشعوب وطعام الشعوب وبخاصة المسلمين والعرب في هذه المناطق. وهبنا الله -تبارك وتعالى- أمة الإسلام ما لم يهب أمة من الأمم، ولكننا نضيع نعم الله -تبارك وتعالى- أفراداً وحكومات، إذا نظرنا في النفط وحكومات دول الخليج وما يجري من أحوال النفط نرى العجب العجاب، وإذا نظرنا في تبذير الحكومات في شرق العالم العربي وغربه وفي هدر الأموال وفي تضييع الاقتصاد وفي خراب الدول نرى ما يشيب له شعر الولدان.. كان شيخنا العلامة الطبيب الشيخ محمد أبو اليسر عابدين آخر المفاتي العظام في بلاد الشام يقول: (ثلاثة أنصاف تخرب الدنيا: نصف طبيب ونصف عالم ونصف سياسي؛ فنصف الطبيب يفتك بالأبدان، ونصف العالم يهدم الأديان، ونصف السياسي يخرب البلدان) ثلاثة أنصاف تخرب الدنيا وهذا ما جرى لأمة العرب من حولنا. لكن دعونا نتكلم على مستوى الأفراد؛ لأن الأمم إنما تتكون من الأفراد، ماذا صنعنا للمحافظة على نعم الله عز وجل علينا؟.. أمام أزمة المياه الآن الكل يتحدث عن الاقتصاد وعن التوفير، أنا أحب أن أخاطب الأفراد والحكومات، عندنا أزمة في المياه يجب أن ننظر في سبب هذه الأزمة، أنا لا أرى أن سبب هذه الأزمة ازدياد عدد السكان؛ لأن الله -تبارك وتعالى- عدل حكيم خبير لا يمكن أن يخلق من البشر ما لم يخلق له ما يكفيه من الطعام والشراب، في الأرض ما يكفي وما يسع الناس والحيوان جميعاً من الطعام والشراب وما يزيد، إذن الأزمة ليست ازدياد عدد السكان، الأزمة ليست أزمة اقتصادية، لأن الموارد الاقتصادية واسعة، وبفضل الله -عز وجل- علينا في هذه البلاد أن المخزون الاستراتيجي من العملات الصعبة في البنك المركزي يفوق مخزونات كثير من دول العالم، وقد سددنا ما علينا من الديون، وعندنا ما يكفي لإنشاء المشاريع الواسعة بفضل الله -عز وجل-.. المشكلة مشكلة دينية.. المشكلة هي مشكلة علاقة الإنسان بربه -سبحانه وتعالى-.. لأن الله -تبارك وتعالى- حكم -وهو أحكم الحاكمين- أن من أطاع الله -سبحانه وتعالى- أحياه حياة طيبة ﴿من عمل منكم صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة..﴾ (النحل، من الآية: 97) حكم -سبحانه وتعالى- أنه من أطاعه لا بد أن يحيا حياة طيبة.. وعد -سبحانه وتعالى- بالثواب الجزيل على الطاعة.. وجعل سنة الحياة الدنيا الانتقام من أعداء الله -عز وجل-.. جعل سنة الحياة الدنيا التضييق على المؤمنين إذا خرجوا عن الجادة.. قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿وألَّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً * لنفتنهم فيه..﴾ (الجن، الآية: 16-17)، الاستقامة على طريقة التوحيد.. على عبادة الله -تبارك وتعالى-، ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض..﴾ (الأعراف، من الآية:96). ربما يقول قائل: الحمد لله الأمة بخير، نحن مسلمون والمساجد ملأى.. نحن نتحدث عن المجاهرة بالمعاصي في الطرقات.. نحن نتحدث عما يقطع الرزق.. هناك أنواع من المعاصي تقطع الرزق.. هناك صنوف من الذنوب تفقر.. تجدب الأرض كالزنا مثلاً.. الزنا يفقر ويقطع الرزق وبخاصة إذا انتشر وعم ولم تسن القوانين لمنعه..
كان الناس فيما مضى من الزمان يستترون بالمعصية وكانت الأمة بخير.. بل فيما قرأت من الأخبار أنه وُجِدَتْ في بعض خزائن بني أمية صرة فيها قمح كل حبة بمقدار تمرة، ومعها ورقة كتب عليها (هكذا كان البر لما لم يكن الناس يجاهرون بالمعصية).
نحن نقرأ التاريخ وننظر فيما نقرؤه من الأخبار فنرى العجب العجاب من الخيرات مما كان قديماً ومما نسمعه من آبائنا وأجدادنا.. نقول أين هذا وأين ذاك؟.. أين ذهبت تلك الثمار؟.. تلك الخيرات؟.. تلك الينابيع؟.. مثل واحد: نهر بردى هذا.. من خمسين سنة والناس يصيحون لإنقاذ نهر بردى.. وقد كتب نقيب الأشراف في الشام السيد محمد سعيد حمزة -رحمه الله تعالى- مقالة في ذلك وهي وصيته قبل وفاته وضع فيها خطة شاملة لإنقاذ نهر بردى والينابيع التي على طرفيه، ولكن: لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
الينابيع والأنهار التي حول دمشق لماذا تقوم عليها المطاعم التي تقدم الخمر؟.. هل هذا هو شأن أمة الإسلام؟.. هل هذا هو تاريخنا؟.. هل هذه هي حضارتنا؟.. الخمر ليست جزءاً من حضارتنا!.. غناء الجواري والرقص المتعري والرذيلة لسيت جزءاً من حضارة العرب ولا جزءاً من حضارة المسلمين لا قبل الإسلام ولا بعد الإسلام!.. كان من أصيب بشيء من ذلك قبل الإسلام يستتر به ويُزَنُّ به.. كان من يصنع شيئاً من ذلك قبل خمسين سنة يعيَّر به ويتستر ويتخفى.. سبب شح المياه إنما هي الذنوب إنما هي المعاصي والمجاهرة بها أشد من ذلك وأعظم.. رمضان على الأبواب، قريباً يأتي رمضان وترون المجاهرة بالإفطار في طرقات الشام!.. وترون التفاخر بذلك والتباهي به بين ثلة من أبناء دمشق!.. عندما نتحدث عن المياه وأحكام المياه ما أظن أن واحداً منا يغيب عنه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، هذا من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، قد يقول قائل: هل يمكن هذا؟.. نقول: هذا يمكن -وقد اضطررت مرة فاغتسلت بأقل من ليتر من الماء-، الصاع أربعة أمداد والمد ما يملأ الكفين المعتدلتين، يمكن للإنسان أن يغتسل بهذا الماء القليل، نحن لا نقول أن علينا أن نغتسل بهذا القليل، هذا ربما لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة، ولكن لا تغتسل كل يوم بالقلل الواسعة.. لا تهدر المياه وتترك الصنابير (هذا الصنبور اسمه (بيشون) عند العرب قديماً) لا تترك هذا الصنبور هدراً.. لا خوفاً من الدولة وسلطان الدولة، ولا خوفاً من هدر المال، فربما أعطاك الله -سبحانه وتعالى- من المال ما يكفيك لو عشت ألف سنة.. ولكن خوفاً من الله -تبارك وتعالى- وتقديراً لنعم المولى -سبحانه وتعالى- عليك وحفاظاً على هذه النعمة. في حديث عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى كسرة من الخبز على الأرض فأخذها ووضعها على عينه وقال -عليه الصلاة والسلام-: (يا عائشة أكرمي مجاورة نعم الله؛ فإن النعمة قلما خرجت من بيت ثم عادت إليه) إذاً محافظةً على نعم المولى -سبحانه- لا لأن العداد يدور،ولا لأنك ستدفع المزيد من المال إذا استهلكت المزيد من الماء، ولا لأن الأمر جاء من السلطان -وقد طبع الناس على كراهية أن يفرض عليهم شيء-، في كثير مما يأتينا من القرارات خير، لأن الدولة إنما تسهر على راحة الناس، إنما تحاول قدر المستطاع أن تقوم بشؤون هذه الأمة، وفي الوزارات والإدارات رجال خير ورجال فضل ورجال خبرة يسهرون على راحة الناس. لذلك ينبغي لنا أن نتنبه إلى المحافظة على المياه قدر المستطاع، وأن نتأسى بسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي عد المبالغة في الضوء سرفاً (أفي الوضوء سرف يا رسول الله؟ قال: نعم ولو كنت على نهر جار) والوضوء عبادة، وبخاصة إذا اقترن بالنية، لا خلاف بين الفقهاء أن الوضوء إذا اقترن بالنية فهو عبادة وقربة إلى الله -تبارك وتعالى-، والله -سبحانه وتعالى- نهانا عن التبذير: ﴿..ولا تبذر تبذيراً * إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً﴾(الإسراء، الآية: 26-27) ، ﴿وكلوا واشربوا ولا تسرفوا﴾ (الأعراف، الآية: 31) كلوا واشربوا، نعم: ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾ (الأعراف: الآية:32) لكن كلوا واشربوا ولا تسرفوا: أمر من الله -تبارك وتعالى- بالأكل والشرب ونهي عن الإسراف فيهما. أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يوفقنا لطاعته، وأن يعيننا على اتباع سنة نبيه سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأن يبارك لنا في أرزاقنا، وأن يبارك لنا في بلادنا، وأن يجعل الخير في بلادنا وبلاد المسلمين إنه سميع قريب مجيب والحمد لله رب العالمين…………[/right] | |
|