التقنيات التربوية Educational techniques
لقد أنتشر مصطلح تقنيات التعليم منذ نحو عقدين من الزمن أو أكثر قليلاً ، واستخدام هذا المصطلح في أحيان كثيرة ، ليحل محل مصطلحات الوسائل التعليمية أو الوسائل السمعية البصرية أو الوسائل المعينة ، إلى درجة أنها قد غلب على تفكير كثير من المعلمين والمشتغلين في مجال التربية والتعليم أن مصطلح التقنيات التعليمية كثير من المعلمين والمشتغلين في مجال التربية والتعليم أن مصطلح التقنيات التعليمية ما هو إلا مرادف لمصطلح الوسائل التعليمية وأن مصدر هذا المصطلح هو رغبة المربين في تطوير مصطلح الوسائل التعليمية أو الوسائل السمعية أو الوسائل البصرية لتتماشى مع الوسائل التعليمية الحديثة ، التي أمكن التوصل إليها نتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي الناتج عن تطبيق المعارف العلمية المتقدمة / في مجال صناعة الأجهزة والمواد التعليمية خاصة في ميادين الكمبيوتر والإذاعة والتلفزيون وأجهزة العرض
المعتم و الشفاف ، أشرطة التسجيل و غير ذلك من المواد و الأجهزة التعليمية الحديثة قد يكون لإطلاق مصطلح تقنيات التعليم و انتشاره علاقة بالتطور الحادث في مجال العلوم والتقنية ،إلا أن ذلك - في واقع الأمر- ليس السبب الحقيقي أو الأساسي لولادة مصطلح تقنيات التعليم ،و انتشاره في الأوساط التربوية و لذا سنناقش في هذا الفصل أولا مفهوم تقنيات التعليم لننطلق عقب ذلك إلى توضيح موقع الوسائل التعليمية من هذا المفهوم .
وفي واقع الأمر فان إطلاق مصطلح تقنيات التعليم على الوسائل التعليمية أو البصرية إلى إضفاء الغموض على ذلك المفهوم وقد نتج هذا الغموض بسبب اقتصار إطلاق هذا المصطلح على الوسائل التعليمية السمعية البصرية ذات الأجهزة الحديثة ،وقد تساءل بعضهم عن دور الوسائل التعليمية التقليدية واستخدامها بطريقة مبتكره من اجل تحقيق نتائج تعليمية واعده عن طري استخدام مما يبشر بنتائج قد تفوق في أثارها تلك الناتجة عن استخدام الوسائل الحديثة .
لقد أدت مثل هذه التساؤلات إلى إسراع المهتمين بهذا الميدان ألي التفكير في تشكيل فرق عمل و لجان فنية متخصصة لتحديد مضمون مصطلح التقنيات التربوية بعامه وتقنيات التعليم لكونها جزءا من التقنيات التربوية بخاصة .
و مصطلح تقنيات التعليم تعريب للمصطلح الأجنبي و إذا ما رجعنا إلى المعاجم يتبين لنا أن لفظة تكنولوجيا تعني بشكل عام دراسة كيفية وضع المعرفة العلمية قي إطار الاستخدام العلمي لتوفير الوقت و الجهد فيما هو ضروري لمعيشة الإنسان ورفاهيته .
وفي ضوء ذلك فانه يمكن القول أن ( التقنيات التعليمية)لابد أن تشمل وضع الحقائق و النظريات العلمية في مجال تعلم الإنسان في مراحل نموه المختلفة ،وطرق ووسائل تعلمه في إطار الضر وف الاجتماعية التي يعيش فيها في كل مرحلة من تلك المراحل موضع التطبيق العلمي و وذلك من اجل حل المشكلات التي تعوق تربية الإنسان وتعليمه بشكل متكامل في كل مرحلة من مراحل نموه .
وبصورة أكثر إيجازا ، فان تقنيات التعليم هي نظام مخطط لتطبيق النظريات التربوية والنفسية بشكل يهدف إلى خدمة مجال تصميم و تنفيذ المنظومة التعليمية وتقنيات التعليم مكون من مكونات التربية أو جزء منها .
وتجدر الإشارة إلى أن تقنيات التعليم عملية تكاملية مركبة تهدف إلى تحليل مشكلات المواقف التعليمية ذات الأهداف المحددة ،و إيجاد الحلول اللازمة لها ،وتوظيفها وتقويمها و إدارتها ، على أن تصاغ هذه الحلول في إطار مكونات منظومة كافة المكونات البشرية و المادية للموقف التعليمي ،مما يعني تأكيد تقنيات التعلم على الجوانب التالية :
r وجود الأهداف التعليمية المحددة القابلة للقياس .
r مراعاة خصائص المتعلم و طبيعته .
r مراعاة إمكانات و خصائص المعلم .
r توظيف المواد والأجهزة التعليمية التوظيف الأمثل لخدمة مواقف التعلم .
r الاستفادة من النظريات التربوية في حل المشكلات وتصميم المواقف التعليمية الناجح .
وعلى الرغم من شيوع الآراء التي ترى صعوبة إيجاد تعريف دقيق شامل لمفهوم تقنيات التعليم ، إلا أن الربط بين هذا المفهوم ومفهوم النظم قد قلل من أهمية تلك الآراء ، حيث أصبح مفهوم تقنيات التعليم يستند إلى جذور مستمدة من كل من المفاهيم التالية : مفهوم التكنولوجيا ، ومفهوم التدريس ومفهوم النظم .
ولعلنا نستخلص مما سبق أن تقنية التعليم مجال جديد بالنسبة لغيره من المجلات ، والعلوم الأكاديمية والأخرى . وقد أعتمد هذا المجال على علم النفس بفروعه المختلفة ، كم أعتمد على علم الاجتماع ، ونظرية الاتصال والإعلام ، وكثير من العلوم الطبيعية كالفيزياء .، ومجال تكنولوجيا التعليم حيوي متطور ، يكافح ليكون مجالاً علمياً في دقة العلوم الطبيعية ، مما يجعل باحثيه يجتهدون في استخدام المنهج العلمي الرصين في بحوثهم ، كما يجهدون لتحديد المصطلحات ولغة الحديث العلمي المتفق عليها .
وعلى الرغم من تعدد التعريفات الخاصة بتقنيات التعليم بمفهومها المعاصر ، والذي استفاد من جميع المفاهيم السابقة في مجال الوسائل التعليمية ، وعملية التعلم ، فإننا سنعرف تقنيات التعليم بأنها ( عملية منهجية منظمة لسير التعلم الإنساني ، تقوم على إدارة تفاعل بشري منظم مع مصادر التعلم المتنوعة من المواد التعليمية والأجهزة أو الآلات التعليمية ، وذلك بتحقيق أهداف محددة ) وإذا تفحصنا هذا التعريف يمكن أن نلاحظ مايلي :
1- أنه مشتق من فهم خصائص التقنية لكونها عملية تفاعل بين الإنسان والبيئة المحيطة بها ، والإنسان المتفاعل في تقنيات التعليم هو المعلم أو المتعلم أو فني الوسائل التعليمية ، أما البيئة هنا فهي البيئة التعليمية بما تحتويه من مواد والآلات ، وبطبيعة الحال فأن المواد هنا هي بالضرورة مواد تعليمية مثل : الكلمات المقروءة أو التسجيلات المسموعة أو المرئية ، وهكذا الحال بالنسبة للآلات فهي أيضاً آلات تعليمية تستوعب تلك المواد من مثل جهاز التسجيل أو جهاز الفيديو .
2- أنه يستفيد من جميع مراحل التطور التاريخي لمجالي التدريس والوسائل التعليمية ويشير في ثناياه إلى مدخل النظام ، كم يشير إلى عمليات التعليم الإنساني ، ويشير إلى مفهوم الاتصال على أنه أحد المفاهيم الرئيسية في ميدان التدريس والوسائل التعليمية كم يشير أيضاً إلى الوسائل السمعية البصرية سواء المواد أو الأجهزة التعليمية .
3- أنه يحدد المجالات التي ينبغي على المعلم وغيره من المربين دراستها .، كي يكتسب الكفايات المهنية الضرورية لشغل مكان التخطيط وإدارة المنظومات التعليمية ، وهذه المجالات هي :
×دراسة أنواع المواد التعليمية .
×دراسة أنواع الآلات التعليمية .
×دراسة أنماط التفاعل والعمليات اللازمة للتدريس وفق منظومة تقنيات التعليم .
وتجدر الإشارة إلى تأثر مفهوم تقنيات التعليم بالاتجاهات الحديثة التي نادت باستخدام مداخل النظام لتحليل النظام التربوي إلى عناصره الرئيسة . ومدخل النظام هو عبارة عن محاولة لتنسق جميع مظاهر أو مكونات أي ظاهرة بشكل موجه نحو هو تحقيق أهداف محددة . والمقصود بالنظام هنا ) مجموعة من العناصر المتفاعلة أو المستقلة ، والتي تشكل معناً كلاً واحداً تتكامل مكوناته (
يبدو أن مجال الوسائل التعليمية قد مرّ في ثلاثة مراحل تطورية (ساتلر، 1968): الأسلاف الأوائل (حتى عام 1700)، والمشاركون المتأخرون (حتى عام 1900)، والفترة العلمية في التعليم التكنولوجي (القرن العشرين). وتشير الدراسات إلى تضاعف تطورات الوسائط خلال الفترة الأخيرة خاصة بعد أن أصبح التعليم الثانوي إلزامياً في الدول الغربية؛ وتزايد التفتيش عن مصادر وطرق تدريس جديدة بسبب تزايد أعداد الطلاب المقيدين في المدارس والجامعات. وقد أشار تاكر واصفاً الكليات التقنية المتوسطة polytechnics: "وكنتيجة للضغط الناتج عن الزيادة في أعداد الطلاب فقد أصبح من الضروري تلمس بدائل إيجابية للتدريس الصفي التقليـدي. وبدا أن الوسائط التعليمية هي التي تمثل بديلاً مناسباً لمشاكل تدريس الأعداد المتزايدة من الطلاب." (تاكر، 1990: 112)ويعتبر ماكنزي وزملاؤه أن الوسائط قد أنجزت للمدارس "أربعة أهداف رئيسية: الحاجة إلى الوصول إلى عدد أكثر من الطلاب، وأن تصلهم في إطار مجموعة محسـنة من المواد التعليمية، ولتقديم فرص أكبر للدراسة الذاتية، وأن تسمح على الأقل باستجابة محدودة للطلاب. " (ماكنزي وزملاؤه، 1970: 93) الأسس النفسية والتربوية لوسائل التعليم التكنولوجية المبرمجة :
وجه التربويون جل اهتمامهم إلى العناية بكيفية إعداد المواد المتعلقة بالوسائل التكنولوجية وإنتاجها بطريقة عالية الكفاءة تحقيقا للأهداف التربوية السليمة كما انصب اهتمامهم باستراتيجية استخدام هذه الوسائل . إذ لم يعد الاهتمام مقتصرا فقط على العناية بكيفية استخدام الوسائل التكنولوجية في العملية التعليمية وهذا ما استدعى مراعاة جملة من الأسس النفسية والتربوية أشار إليها أحمد خيري (1970) والتي يمكن استعراضها كما يلي :
أولا:
إن الأثر التعليمي لدى المتعلم يرتبط ارتباطا طرديا بمدى مساهمته في العملية التعليمية فكلما زادت مساهمته فيها كلما زاد أثر التعليم في تغيير سلوكه وتعديله لذا أصبح تصميم البرامج التعليمية يعتمد على أسلوب "الوسائل التكنولوجية المبرمجة للتعليم" مما يستدعي بالمقابل من المتعلم أن يساهم مساهمة فعالة ودائمة في العملية التربوية وعلى أن يكون طوال مدة تعلمه ناشطا إيجابيا في برنامجه التعليمي .
ثانيا:
أن يكون للتعلم أثر حياتي واجتماعي كبير فينتقل المتعلم بهذا الأثر التعلمي من مجتمع المدرسة والصف إلى مجتمع الحياة لكي يستفيد المتعلم مما تعلمه في مواجهة ظروفه الحياتية إذ للوسائل التكنولوجية التربوية دور متميز في تضييق المساحة بين عالم المدرسة والعالم الخارجي للمتعلم .
ثالثا:
إن أثر الاتصال عن طريق الكلام وحده لا يساعد التلميذ على الاحتفاظ به إلا إذا تم تعزيزه بالتعليم عن طريق استخدام أكبر عدد ممكن من الحواس وهذا ما يمكن تحقيقه من خلال الوسائل التكنولوجية المبرمجة للتعليم .
رابعا:
إن الإعداد الذهني المسبق لدى المتعلم من أجل استقبال المعلومات أمر أكدته التربويات الحديثة فكان لابد لمصمم الوسيلة التكنولوجية من تضمينها الحوافز التي تتمكن من تعزيز قدرة المتعلم على مراقبة ومتابعة العناصر المعرفية المراد له تعلمها مما يسهل عليه توقع هذه المثيرات ومن ثم الاستجابة لها لمساعدته فيما بعد بإعادة وترتيب المجال الادراكي عنده .
خامسا:
إنّ إتاحة الفرصة للمتعلم للقيام بجملة استجابات منشطة تحقيقا لعملية تعليمية له اثر شديد في إدراك ما يتعلم لذا كان من المحتم على من يصمم الوسيلة التكنولوجية أن تحتوي على مواقف وخبرات تشجع المتعلم وتمنحه الفرصة بأن يمارس نشاطات فعالة للمادة التعليمية وبذلك تضمن له المشاركة في العملية التعليمية مشاركة جادة .
سادسا:
لابد من اشتمال الوسيلة التكنولوجية على ما يعزز السلوك المرغوب لدى المتعلم لذا لزم على مصمم الوسيلة أن يستخدم من خلالها عبارات التشجيع والاستحسان للاستجابات السليمة والصحيحة ويمكن إعطاء الاستجابات الصحيحة ليقارن المتعلمون بينها وبين استجاباتهم .
مما تقدم ذكره يمكننا التوصل إلى نتيجة مفادها إن من الأسس النفسية والتربوية للإعداد الجيد للوسائل التكنولوجية للتعليم ما يلي :
(1) تحديد الأهداف التربوية بدقة على المستوى السلوكي وبالتفصيل .
(2) ارتباط الوسيلة بالمنهج وطرق التعليم وعلم النفس .
(3) الأخذ بخصائص المتعلمين من العمر الزمني والعقلي وميله ورغباته وخبراته وبيئته .
(4) الأخذ بخصائص المعلم من حيث معرفة قدرته على استخدام الوسيلة بالإطلاع على أنواعها ومصادرها وطرق إنتاجها وكيفية تشغيلها .
(5) تجربة الوسيلة عمليا من خلال مرحلة الإعداد لها وقبل مرحلة استخدامها وحتى قبل مرحلة إنتاجها للتأكد من صلاحيتها .
(6) توفير المناخ المناسب لاستعمال الوسيلة من مراعاة للظروف الطبيعية المحيطة باستخدام الوسيلة كالإضاءة والتهوية وتوفير الأجهزة وطريقة وضعها .
(7) عدم ازدحام الدرس بالوسائل التكنولوجية ويتحقق هذا من خلال اختيار المعلم للوسيلة المناسبة لدرسه وطلابه وعلى ضوء الأهداف التربوية .
(8) تقويم وتقدير قيمة الوسيلة ومدى ملاءمتها للدرس وللدارسين بمرحلتين :
الأولى: التقويم الداخلي للوسيلة ويعني التقويم عند الإعداد والتصميم والتنفيذ للوسيلة
ثانيا: التقويم الخارجي والذي يعني تجريب الوسيلة على عينة ممثلة لمن يتعلم بهذه الوسائل التكنولوجية والتي تختار عشوائيا فإن حققت الوسيلة أهدافها تم تعميمها وإن فشلت يمكن مراجعتها للتعديل .
(9) استمرارية الوسيلة وذلك بأن تضمن الوسيلة مقترحات ببعض الانشطة التعليمية التي يمكن للمتعلمين تنفيذها بعد استخدام الوسيلة بمعنى الحرص على عدم انتهاء الفائدة من الوسيلة بانتهاء استعمالها .
الأسباب الدافعة إلى استخدام الوسائل التكنولوجية في التعليم
هناك جملة من الأسباب الدافعة إلى استخدام الوسيلة التكنولوجية المبرمجة بحيث أصبح هذا الاستعمال ضرورة لا غنى عنها في تحقيق الأهداف المعرفية والسلوكية للنشاط التربوي ومن هذه الأسباب ما يلي :
أولا: الانفجار المعرفي
تعيش البشرية الآن زمن صنع المعرفة بشكل متزايد وسريع حيث تطل علينا في كل يوم اختراعات واكتشافات وأبحاث جديدة في كافة المجالات المعرفية ولما كان الهدف من التربية في الأساس نقل المعرفة من الجيل الذي توصل إليها للجيل الذي بعده أصبحت التربية تتسم بالاستمرارية ولكي تحافظ على هذه الاستمرارية كان لابد عليها استخدام الوسائل التكنولوجية المبرمجة ويمكن تصنيف الانفجار المعرفي من عدة زوايا :
1. النمو المتضاعف وزيادة حجم المعارف .
2. استحداث تصنيفات وتفريعات جديدة للمعرفة الواحدة .
3. ظهور مجلات تقنية جديدة بدأ استعمالها في العملية التعليمية لنقل المعلومة والاحتفاظ بها مثل التلفاز والفيديو والسبورة الضوئية والكومبيوتر .
4.زيادة في عدد المتعلمين مما أدى إلى زيادة الإقبال على البحث العلمي الذي أدى بدوره إلى زيادة حجم المعرفة .
ثانيا: الانفجار السكاني
يعيش عالمنا اليوم مشكلة حادة وخطيرة تتمثل بزيادة عدد السكان وما يرافق هذه الزيادة من مشكلات اقتصادية واجتماعية وتربوية ولعل المشكلة التربوية من أهم تحديات العصر الراهن حيث تواجه التربية في كل مكان مشكلة زيادة عدد طالبي العلم والمعرفة لادراك الأمم ما في المعرفة من فائدة ونفع تقف عليه أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والانتقال بهم إلى أعلى درجات السلم الاجتماعي ولعلمها بأن أرقى أنواع الاستثمار هو الاستثمار العلمي الذي يقود إلى الاستثمار البشري فاتاحت الفرصة للتعليم أمام كل المواطنين بغض النظر عن ظروفه المادية والصحية والاجتماعية ليصبح واحدا من حقوق المواطنة التي تقاس بها حضارية الامة مما دفع بتلك الأمم إلى فتح مدارس جديدة وتسخير الامكانيات الطبيعية والمادية لكل مدرسة والامكانات البشرية والعلمية قدر الامكان مما ألجأها بالتالي إلى استخدام الوسائل التكنولوجية المبرمجة في التعليم لأجل تأمين فرص التعليم واتاحته لاكبر عدد ممكن من طالبيه .
ثالثا: انخفاض الكفاءة في العملية التربوية
إن انخفاض الكفاءة في العملية التربوية عملية معقدة ومركبة تتضمن مناحٍ عديدةً وفي كل منحى نجد مفقودا :التلاميذ ينسلون هاربين من مدارسهم والذين حاربوا أميتهم عادوا إلى أميتهم مرة أخرى والذين ينتهون من مرحلة تعليمية لا يتأقلمون بسرعة مع المرحلة التي تليها أما الذين أكتفوا بما حصلوه من معارف وخرجوا إلى الحياة لم يجدوا فيما تعلموه ما يرتبط بحياتهم اليومية العملية أو ما يعينهم على مواجهة الحياة . كما أن تركيز المعلمين في تعليمهم على هدف تحصيل المعلومات وحفظها من أجل الامتحان فقط وإهمالهم المهارات العقلية والحركية والخلقية وتكوين القيم والمثل والتدريب على التفكير السليم كل هذه أمور فشلت كثير من تربيات الامم في تحقيقها ولكي تراجع التربيات أهدافها وتطور أساليبها لزيادة كفاءتها وعائدها وجب عليها استخدام الوسائل التكنولوجية المبرمجة للتعليم في العملية التربوية لربط التربية بالحياة وإثارة الدافع لدى المتعلم على التعلم وتكوين المهارات السليمة والتدريب على انماط العقل النقدي التحليلي الابتكاري .
رابعا: الفروق الفردية بين المتعلمين
قاد الانفجار السكاني واهتمام الأمم بالتعليم باعتباره أرقى أنواع الاستثمار الإنساني إلى اتساع القاعدة الطلابية وهذا قاد بدوره إلى عدم تجانس الفصول التعليمية فظهرت الفروق الفردية للمتعلمين داخل الفصل الدراسي الواحد فقد يتفقون في العمر الزمني إلا أنهم يختلفون في العمر العقلي مما يؤدي بالنتيجة إلى اختلاف القدرات والاستعدادات والميول والرغبات .
وقد لا تكون مشكلة الفروق الفردية واضحة المعالم في المرحلة التعليمية الأولى إلا أن ظهورها يتوالى بروزها منذ المرحلة المتوسطة ثم تشتد في المرحلة الثانوية لتكون في المرحلة الجامعية على أشدها .
وحتى تتجاوز النظم التربوية إشكالية الفروق الفردية لابد من اللجوء إلى استخدام الوسائل التكنولوجية المبرمجة للتعليم لما توفره هذه الوسائل من مثيرات متعددة النوعية وعرضها لهذه المثيرات بطرق وأساليب مختلفة تتيح للمتعلم فرصة الاختيار المناسب منها الذي يتفق مع قابلياته ورغباته وميوله .
خامسا: تطوير نوعية المعلم
المعلم المعاصر يواجه تحديات عديدة تتمثل بالتطور التكنولوجي ووسائل الإعلام وازدحام الفصول والقاعات الدراسية وتطور فلسفة التعليم مما جعل اعداده عملية معقدة وطويلة ولا يمكن أن يكتفي بهذا الاعداد قبل الخدمة بل أصبح يدرب ويعاد تدريبه أثناء الخدمة ليساير هذه التطورات ويتمكن من مواجهة تحديات العصر .
لم تعد التربية الحديثة تنظر إلى المعلم نظرة "الملقن والمحفظ" للمتعلمين بل ترى فيه الموجه والمرشد والمصمم للمنظومة التعليمية داخل الفصل التعليمي بما يقوم به من تحديد الاهداف الخاصة بالدرس وتنظيم الفعاليات والخبرات واختيار أفضل الوسائط لتحقيق اهدافه التربوية ووضع استراتيجية تمكنه من استخدامها في حدود الامكانات المتاحة له داخل البيئة المدرسية.
إذا تم النظر إلى المعلم بهذا التوصيف التربوي المعاصر ستظهر مشكلة هامة تتمثل بقلة عدد المعلمين المتصفين بهذه الصفات علميا وتربويا ومن أجل معالجة هذه الاشكالية كان لابد من اللجوء إلى التقنية المبرمجة للتعليم .
سادسا: تشويق المتعلم في التعلم
إن طبيعة الوسائل التكنولوجية سواء أكانت مواد تعليمية متنوعة أو اجهزة تعليمية أو أساليب عرض طبيعة تتصف بالاثارة لأنها تقدم المادة التعليمية باسلوب جديد يختلف عن الطريقة اللفظية التقليدية وهذا ما يحبب إلى نفس المتعلم ما يتعلم ويثير لديه الرغبة فيه كما أن التعليم التكنلوجي يتيح للمتعلم انماطا عديدة من طرق العرض مما يتيح له حرية الاختيار للخبرات التعليمية ولأسلوب تعلمه بما يتفق وميوله وقدراته فيزيد هذا من مشاركته في العملية التعليمية وبناء المفاهيم المفيدة لديه .
سابعا: جودة طرق التعليم
يساعد استعمال الوسائل التقنية المبرمجة على تكوين مدركات ومفاهيم علمية سليمة مفيدة فمهما كانت اللغة واضحة في توصل المعلومة للمتعلم يبقى أثرها محدودا ومؤقتا بالمقارنة مع أثر استخدام الوسائل التقنية التي تزيد القدرة على الاستيعاب والتذوق وتعين على تكوين الاتجاهات والقيم بما تقدمه لهم من امكانية على دقة الملاحظة والتمرين على اتباع أسلوب التفكير العلمي للوصول إلى حل المشكلات وترتيب واستمرار الافكار التي يكونها المتعلم . كما أنها توفر لديه خبرات حقيقية تقرب واقعه إليه مما يؤدي إلى زيادة خبرته فتجعله أكثر استعدادا للتعلم .
من كتاب:( تكنولوجيا التعلم وحوسبة التعليم ) دار غيداء ، الأردن – عمان/ 2007.
للاستاذ : مصطفى نمر دعمس