لقد قام رسول الله ﷺ بتبليغ الرسالة وأداء الآمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة على الوجه الذي أراده سبحانه وتعالى، ولذلك؛ فإن الحديث عن محبة رسول الله في قلوبنا دائمًا ما يُصاحبه تصارع في نبضات القلب ورهبة كبيرة ممزوجة بشوق إليه وحب له يحتل ثنايا وأعماق القلب؛ ولما لا ونحن نتحدث عن أشرف الخلق وخاتم النبيين والمرسلين ذو الخلق العظيم المكرم في الأرض وفي السماء صلوات ربي وسلامه عليه، ونظرًا إلى أن الأجيال القادمة؛ لا بُد أن تتعلم حب النبي على الوجه الذي يُرضيه، فإليكم موضوع تعبير كامل عن حب النبي ﷺ
إن محبة رسول الله تُشير إلى أن يهفو قلب المسلم إليها هفوًا ويميل إليها إليها ميلًا، ومن ثَم؛ يتحقق مبدأ الإيثار، فيكون حب رسول الله في قلبه متفوقًا على كل ما هو سواه، بل إن حب النبي الحقيقي يفوق حب الإنسان لنفسه أيضًا، وهذا بالطبع سوف يدفعه دفعًا الى الامتثال لأوامر الله ورسوله سواء في القول أو الفعل أو النية، ومن هنا يتضح لنا أن محبة النبي الكريم إنما هي من أرفع الأعمال وتدل على كمال وتحقق الإيمان، بل إنها في حقيقة الأمر واجبة على مسلم.
إن حب رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أمر واجب على كل مسلم، ولذلك؛ إذا لم يجد المسلم نفسه غارقًا في حب رسوله الكريم، فعليه أن يراجع نفسه ويُراجع سيرة نبيه الكريم، لكي يحصل على تلك الدرجة الإيمانية الهامة، ولقد جاءت الإشارة الربانية إلى عظيم ورفعة محبة رسول الله في العديد من الآيات القرآنية، مثل: قول الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}[1]، وفي موضع آخر؛ قال جل وعلا: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}[2]، وهذا يدل بالتأكيد على الأمر الرباني بحب رسول الله واتباع سنته.
من خلال الكتب والمراجع التي قد تناولت السيرة النبوية الشريفة، وردت بعض من الأحاديث النبوية التي قد أكدت على أن حب النبي صلى الله عليه وسلم هو دلالة على اكتمال الإيمان، مثل:
قال رسول الله ﷺ:{لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ}[3]
ولقد ورد عن عبد الله بن هشام أيضًا أنه قال: كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ وهو آخِذٌ بيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقالَ له عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن كُلِّ شيءٍ إلَّا مِن نَفْسِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْكَ مِن نَفْسِكَ فَقالَ له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ، واللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الآنَ يا عُمَرُ}[4].
1-سورة الأحزاب [آية: 6]
2-سورة التوبة [آية: 24]
3-رواه البخاري
4-روراه البخاري