افتراضات الاجراءات السلوكية المعرفية
يعد العلاج المعرفي السلوكي Behavior Cognitive Therapy أسلوباً علاجياً يهدف إلى المحافظة على كفايات تعديل السلوك باستخدام الأنشطة المعرفية للفرد من أجل التعامل مع السلوك، ويمثل العلاج المعرفي السلوكي المنهجية المتمثلة في التطورات الحديثة في علم النفس التجريبي، وهي تتضمن الأساليب المعرفية والسلوكية (عربيات، 2007).
وقد بدأ العلاج المعرفي السلوكي في بداية السبعينات، وكان أول من اهتم به أنصار التعلم الاجتماعي، حيث أن
تغيير الأفكار اللاعقلانية للمسترشدين كان الهدف الرئيسي لكثير من المعالجين، ومن أشهرهم اليس (Ellis ) مؤسس مدرسة العلاج العقلي العاطفي (Therapy Emotive Rational)، حيث أن هنالك تشابه بين مدرسته ومدرسة العلاج السلوكي.(Freeman & Green, 1987)
العلاج المعرفي السلوكي: يعرفه روسنهان وسيلجمان(Seligman & Rosenhan ) المشار إليهما في (الشطرات،2001) على أنه نوع من أنواع العلاج المهتم بالأساليب السلوكية والمعرفية، يهتم في تحديد وتعريف المشكلة ثم اختيار الإجراءات المناسبة لكل مستوى.
ويمكن تعريف العلاج المعرفي كما يلي: هو ذلك العلاج الذي يستند على النموذج المعرفي الذي يفترض أن انفعالات الناس وسلوكياتهم تتأثر بإدراكهم للأحداث فهو لا يحدد كيف يشعر الناس في موقف معين، بل انه يحدد الطريقة التي يتابع بها الفرد موقف ما (إبراهيم ، 2006، ص207).
ويعرف أرون بيك العلاج المعرفي بأنه طريقة بنائيه مركبة، ومحددة الوقت، وذات أثر توجيهي فعال يتم استخدامها في علاج بعض الاضطرابات النفسية مثل :القلق، والاكتئاب، والمخاوف المرضية، ومشكلات الألم وغيرها.
ويعرف أيضا بأنه شكل من أشكال العلاج النفسي، يقوم على فكرة رئيسية، مفادها إن انفعالات الفرد وسلوكه ترتبط بشكل كبير بالتفكير لديه، فإدراك وتفسير الأحداث يؤثر في الاستجابات الانفعالية والسلوكية للفرد، وان الاضطرابات الانفعالية هي نتاج تفسيرات وأفكار واعتقادات وتأويلات محرفة ومشوهة لخبرات الحياة.
معنى ذلك أن الطريقة التي يفكر بها الفرد ويدرك بها الموقف تكون مرتبطة إلى حد بعيد بإدراك الفرد لما يستطيع أدائه في الموقف، فالإنسان يفكر أولا ثم يستجيب للموقف، فهو لا يستجيب للموقف كما هو عليه بالفعل في الواقع .بل تكون استجاباته مرهونة بطريقة إدراكه للموقف(حسين ،2007، ص157)
ظهر مصطلح العلاج المعرفي السلوكي في بداية الثلث الأخير من القرن العشرين وقد جاء نتيجة الانتقادات التي وجهت للعلاج السلوكي بعدم فعاليته في علاج مرضى الاكتئاب وعدم التركيز على الأفكار السلبية المؤثرة على المشاعر، ويهتم هذا النوع من العلاج النفسي بالجانب الوجداني للمريض، وبالسياق الاجتماعي من حوله من خلال استخدام استراتيجيات معرفية وسلوكية وانفعالية واجتماعية وبيئية لإحداث التغير المرغوب فيه (المحارب ، 2000).
وكلمة "السلوكي "مأخوذة من مصطلح السلوك (Behavior) وهي الأفعال أو ردود الأفعال التي يقوم بها الشخص كاستجابة لمنبه أو مثير خارجي أو داخلي. بينما كلمة "المعرفي "فهي مشتقة من مصطلح استعراف (cognition) ويقصد به العمليات الذهنية التي تهتم بتصنيف وتخزين ودمج المعلومات التي يتعرض لها الإنسان مع المعارف الموجودة لديه مسبقا واستخدام هذه المعارف فيما بعد وهذه العمليات تشتمل على الإدراك والانتباه والتذكر والربط والحكم والتفكير الواعي(مصطفى، وعلي، 2011 ، ص191).
ويستخدم مصطلح "معرفي – سلوكي "ليشير بصفة عامة إلى العلاج النفسي الذي يتبنى الافتراضات التالية كافتراضات أساسية لدراسة وعلاج الاضطرابات النفسية متضمنة فيها العلاج المعرفي الذي وصفه بيك عام 1979.
تلك الافتراضات الأساسية هي:
1. الأنشطة المعرفية تؤثر في السلوك.2. الأنشطة المعرفية من الممكن مراقبتها وتغيرها.3. التغير المرغوب للسلوك قد يتم من خلال التغيير المعرفي(إبراهيم ، 2006، ص221).كما يمثل الإرشاد السلوكي المعرفي "السلوكية المنهجية "Methodological Behaviorsm التي جاءت نتيجة التطورات الحديثة في علم النفس التجريبي، وهي تتضمن الأساليب المعرفية والسلوكية معا . وبذلك يعد الإرشاد المعرفي السلوكي حلقة وصل بين الإرشاد السلوكي الذي يهتم بالأحداث الخارجية (السلوك الظاهر) والإرشاد المعرفي الذي يهتم بالأحداث الداخلية (العمليات المعرفية ) معتبرا أن السلوك الظاهري وعملية الإدراك والتفكير يشكلان معا حلقة وصل. وقد اشترك المنهجان المعرفي والسلوكي في أن كلا منها: مليكة ، 1990، ص244)
- يركز على الأعراض الظاهرة أكثر مما يركز على أسباب دينامية مفترضة.
- يؤكد على السلوك الظاهر في الحاضر (هنا والآن) أكثر مما يركز على خبرات الماضي (أول واهم هذه التغيرات هو ما حدث في النظرية السلوكية الإكلينيكية والإرشاد السلوكي والتي مهدت الطريق للتأكيد على العمليات المعرفية، من النقاط الزمنية المميزة لهذا التغير هي نشر عالم النفس" .ألبرت باندورا " A,Bandura لكتابة "مبادئ تعديل السلوك "عام(1969 ) وكتاب "نظرية التعلم الاجتماعي 1971 "تلك الأعمال وهكذا نجد أن العلاج المعرفي السلوكي قد بدأ في بداية السبعينات وقد اتسع الاهتمام بالعلاج المعرفي السلوكي بين أنصار التعلم الاجتماعي، حيث نجد نظرية "باندورا "للتعلم الاجتماعي وكذلك الصياغات المعرفية لنظريات التعلم الأخرى مثل نظرية "ابرامسون ."وآخرين 1978 ABramson" سليجمان "وآخرين (1979 Seligman) أدت إلى فتح الباب أمام انبثاق النظرية المعرفية والعلاج المعرفي(الخطيب ، 2016، 334)
الجانب الثاني الأساسي لارتقاء النظرية المعرفية – السلوكية والنظرية المعرفية والأساليب العلاجية المشتقة منها كما يؤرخ لها كلارك وآخرون (1991) أتى نتيجة الممارسة الاكلينيكية، فلقد ظهر في نهاية الستينات وبداية السبعينات اثنان من التوجهات العلاجية، هذه التوجهات هي توجهات "ألبرت إليس "A.ELLIS و "أرون بيك "A.BECK الذين هجرا توجهاتهما التحليلية وتوجها للعلاج المعرفي، وتزامن ذلك مع ماحدث من بعض علماء النفس ذوي التوجه السلوكي والذين تدربوا على المناحي السلوكية مثل "ماهوني "Mahony و "ميكينبوم "Meicheinbaum و "دافيدسون "Davidson و "جولد فريد "goldfreid فلقد تضمنت كتابتهم حديثا عن دور العوامل المعرفية، وأساليبهم العلاجية هدفت إلى إحداث تعديل سلوكي – معرفي للمريض.
وقد ميز اليس (Ellis ) بين العلاج المعرفي والعلاج السلوكي، فالاتجاه المعرفي يرى إن الأحداث في حد ذاتها لا تؤدي إلى المشاعر والسلوكيات المضطربة، وانما الطريقة التي يفسر بها الفرد تلك الأحداث، وقد افترض الاتجاه المعرفي أن تغير طريقة التفكير يمكن أن ينجم عنه تغير في المشاعر والسلوك، أما الاتجاه السلوكي يهتم بالفرد من وجهة نظر آلية، ويهتم أيضاً بالمدخلات والمخرجات، (1992 ,Sdrow). كما يعتبر الاتجاه السلوكي المعرفي إتجاهاً حديثا ًنسبيا ًيعمل على الدمج بين العلاج المعرفي بمفاهيمه وأساليبه والعلاج السلوكي بما يتضمنه من فنيات، لمعالجة السلوكيات غير السوية (محمد، 2000).