مصطفى دعمس المدير العام - الأستاذ مصطفى دعمس
عدد المساهمات : 1749 تاريخ التسجيل : 15/11/2010 العمر : 53 الموقع : منتدى المعلم مصطفى دعمس
| موضوع: خلق الإنسان السبت سبتمبر 16, 2023 1:21 pm | |
| خلق الإنسانقال الله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)} [الإنسان: 2].وقال الله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)} [النحل: 4].{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)} [الطارق: 5 - 8].ولو فكر الإنسان في نفسه وجميع مراحل حياته تتلخص في أربع آيات كما قال سبحانه: { مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)} [عبس: 17 - 22].وقد بين الله عزَّ وجلَّ أطوار خلق الآدمي من ابتداء خلقه إلى آخر ما يصير إليه فقال سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} [المؤمنون: 12 - 14].فسبحان من هذا خلقه .. وهذا أمره .. وهذه قدرته.وقد خلق الله الإنسان في كبد كما قال سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)} [البلد: 4].فابن آدم يكابد مصائب الدنيا، وشدائد الآخرة، فلا تلقاه إلا في مشقة، فالإنسان مخلوق في شدة بكونه في الرحم، ثم عند ولادته، ثم هو على خطر عظيم عند بلوغه حال التكليف، ومكابدة المعيشة، والأمر والنهي، والبلاء والامتحان.ثم مكابدة الموت، وما بعده في البرزخ، ثم مكابدة أهوال يوم القيامة، ثم مكابدة العذاب في النار، ولا راحة له إلا في الجنة.فينبغي له أن يسعى في عمل يريحه من هذه الشدائد، ويوجب له الفرح والسرور الدائم في الجنة، وذلك بالإيمان والأعمال الصالحة.س1: ما هي حقيقة الإنسان في هذا الوجود ومكانته؟
- "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً" (الإسراء: 70).
- "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" (البقرة: 34).
- "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً" (لقمان 20)، "أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً" (النبأ: 6).
- التكريم الإلهي للإنسان، وتفضيله على بقية المخلوقات في عالم الشهادة وعالم الغيب، ومنحه حرية الحركة على كامل الكرة الأرضية برا وبحرا وجوا، وتوفير ما يلزمه للحياة من طيبات الحياة، التي يحصل عليها بطريقة طيبة تناسب كرامته وقيمته وقدره ومكانته بين المخلوقات.
- مهّد الله تعالى كوكب الأرض ليكون صالحا لحياة الإنسان، وقابلا لتطويرها وتحسين جودتها بشكل مستمر؛ من توفير الأوكسجين اللازم لتنفس الإنسان وحياته، مجانا على مدار الحياة، ووفر فيها سبلا متنوعة للمياه العذبة اللازمة لبث الحياة على الأرض، للإنسان وغيره من الحيوانات والطيور اللازمة لتعزيز جودة حياته وتحسينها، فيةأثناء فترة إقامتة في الأرض.
- كما ثبت الله تعالى الأرض ووزع فيها الجبال والأنهار والمحيطات، ومهّد وبسط فيها المساحات الواسعة للزراعة والحركة.. إلخ، وأثرى باطن الأرض بالكثير من المعادن والطاقة والكنوز.. إلخ؛ اللازمة لحياة الإنسان، ونظم لها قوانين تضمن استمراريتها ووفرتها عبر الأجيال المتتالية حتى نهاية الحياة.
- كما خلق الله تعالى الشمس والقمر، ونظّم حركة الأرض وسرعتها حول نفسها وبين بقية الكواكب؛ لتنظيم الحرارة والضوء وسبل الحياة، وتنظيم تعاقب حركة الزمن على الأرض.
س2: كيف خلق الله تعالى الإنسان، وحفظ تناسله واستمراريته حتى نهاية الحياة؟
- "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ" (الحجر: 26).
- "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" (المؤمنون: 12 - 14).
- "وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ" (السجدة: 7 - 9).
- "أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ" (المرسلات: 20 - 23).
- "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم: 21).
- كشف الله تعالى للإنسان عن أصل خلقه من الطين، ثم جعل نسله وتكاثره من ماء مهين، وبين أطوار تخلقه في رحم الأم حتى يخرج للحياة.
- حدد الله تعالى المسار الطبيعي الصحيح المكرم من الله تعالى، الذي يليق بقيمة الإنسان وكرامته؛ أفضل مخلوقات الله تعالى، وهو مسار الزواج المعنون بالسكن والمودة والرحمة.
س3: ما هو سبب تكريم الله تعالى للإنسان ومنحه قيمة مركزيه في الكون؟
- "هوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" (هود 61).
- "كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ" (الروم 9).
- "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" (البقرة 30).
- اصطفاء إلهي رحمة من الله تعالى بهذا الإنسان.
- منح الإنسان رسالة الاستخلاف في الأرض عن الله تعالى.
- تكليف الإنسان بمهمة عظيمة وهي عمارة الحياة؛ معنويا بالمعتقدات والمفاهيم والقيم والتشريعات الربانية، وماديا تقنيات الحياة دائمة التحديث.
- منح الإنسان حرية التصرف والاعتقاد والقول والعمل.
س4: كيف ينفذ الإنسان رسالة ومهمة العمارة والاستخلاف في الحياة؟
- "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ" (الذاريات 56 - 58).
- بعبادة الله تعالى بالإيمان به والتزام أوامره ونواهيه.
- بعبادة الله تعالى المطلقة، التي تتضمن الشعائر التعبدية المقررة، والتي من حكمتها ضمان جودة الاتصال المباشر بين الإنسان وربه عز وجل على مدار الساعة، فيحفظ بذلك نفسه عن الزلل والشرود والانحراف والنكوص عن مهمته.
- تمنحه الحافزية والطاقة والقوة على العبادة المفتوحة من العمل والإبداع والابتكار في عمارة الحياة.
س5: لماذا خلق الله تعالى الحياة والموت ثم البعث والحياة مرة أخيرة؟
- "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" (الملك: 2).
- "إِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلأَرۡضِ زِينَةٗ لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَيُّهُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلا" (الكهف: 7).
- "مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ" (فصلت: 46).
- "تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" (القصص: 83).
- بيّن الله تعالى أسباب خلق الموت والحياة في ثلاثة أسباب:
الأول: تكريم الإنسان بما منحه الله تعالى من عقل بشري وقدرة على صناعة واتخاذ القرار بكامل حريته بالإيمان بالله تعالى: "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (البقرة: 256).
الثاني: استنفار الإنسان لمواهبه وملكاته وقدراته وممكناته، وتقديم أفضل ما لديه والتنافس في عمارة الحياة وتحسين جودتها للناس كافة، معبرا بذلك عن قدراته الإنسانية العامة، وقدراته الشخصية الخاصة والقابلة للتعليم والتدريب والتأهيل والترقي المستمر، ومعتزا بكرامته الإنسانية في تفضيل الله تعالى له عن بقية المخلوقات، وقدرته على تحقيق الإنجازات.
الثالث: اختبار إرادة وهمة وعزيمة وطموح الإنسان وبيان تمايزه الفردي في العمل وتجويده؛ من إبداع وابتكار بشري عبر طلاقة مفتوحة للإنسان في العمل الصالح لعمارة الكون، في ظل وفرة وثراء لموارد الكون المتنوعة.
س6: لماذا صعوبات ومتاعب ومشات ونكبات الحياة وقسوتها؟
- "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ" (العنكبوت: 2).
- "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ (الأنفال: 60).
- "وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرً" (الحج: 40).
- "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ" (الشورى: 39).
- فقد قامت الدنيا كلها على قانون التدافع المستمر، فما هي إلا [size=16]تحديات تستنفر القدرات البشرية الكامنة والراكدة داخل النفس البشرية، لتختبر وتمايز بين الناس في التعاطي مع تحديات الحياة وترتقي بروح ومشاعر وعلوم ومعارف ومهارات وخبرات وقدرات وممكنات الإنسان؛ مُعَظِّمة قيمته المضافة في الحياة، وكلها استحقاقات وسبيل للوصول إلى الحياة الحقيقية في الجنة.[/size] | |
|