طريق ثورة الياسمين للشعب الذي يقرر.. يختار.. ويريد الحياة يوما ما.
كاتب الموضوع
رسالة
مصطفى دعمس المدير العام - الأستاذ مصطفى دعمس
عدد المساهمات : 1749 تاريخ التسجيل : 15/11/2010 العمر : 53 الموقع : منتدى المعلم مصطفى دعمس
موضوع: طريق ثورة الياسمين للشعب الذي يقرر.. يختار.. ويريد الحياة يوما ما. الجمعة فبراير 11, 2011 10:35 pm
عندما أحرق الشاب التونسي محمد بوعزيزي نفسه سخطا وقهرا، فإنه لم يكن يدرك انه لم يشعل شرارة النار في نفسه فقط، وإنما أشعلها في جميع الأقطار الأخرى، ليكون رمزا للثورات الحديثة. ثورة الشاب بوعزيزي حركت الشباب الآخرين في الأماكن الأخرى لينظموا صفوفهم، ويعدوا أنفسهم، ويستعدوا للامتحان الأكبر، وحسب الظروف. وثورات شباب اليوم لا تحاك مضامينها في السراديب السرية وخلف الأبواب المغلقة، وانما تبدأ حين تتداول علنا وجهرا بأحدث وسائل الانتشار السريع وبالتقنية الحديثة المتوافرة، ليسمعهم كل العالم ويقف معهم. ثورات الشباب تختلف كثيرا عن ثورات «الجنرالات» والتي هي في العادة يسيل فيها كم هائل من الدماء المراقة لتصفية الحسابات. ثورات الشباب ثورات سلمية هادئة، هادفة، فيها مطالب مشروعة، وضد العنف حقنا للدماء، سموها: ثورة الياسمين، أو المخملية، أو البيضاء، أو الخضراء، سموها بألوان قوس قزح الجميل، والذي يظهر في سماء ملبدة بالغيوم السوداء، بعد سيل غزير من أمطار الاحتجاجات الأولية. ثورات الشباب مثل عمرهم اليانع، وعودهم الطري، ونشاطهم الزائد، واندفاعهم غير المحدود، يسيرون بها نحو هدف واحد معلن، وهو طلب العيش الكريم، والحرية التي يريدونها للتعبير عن آرائهم، لا أن تفرض عليهم قسرا. ثورات الشباب أثبتت بالحقائق الملموسة ـ كما عايشناها يوما بيوم ـ انها فاعلة، تستطيع ان تسقط أعتى نظام من على كرسيه وسلطانه، ومهما اختفى خلف ترسانة قواته وأسلحته الفتاكة التي تحمي عرشه من شعبه وليس من الأعداء الآخرين، ومهما استخدم من أدوات المصالح المشتركة ومن أدوات البطش والتعذيب والتنكيل والظلم والطغيان. ثورات الشباب تكون صادقة إذا صدقت نواياهم، وتنجح إذا نجحت مفاهيمهم، وفي كل شيء، ولكنها تسقط حين يستغلها الغير، ويتسلق من المجهول من الداخل أو من الخارج من قبل أولئك المختفين أو المنسيين الذين يخرجون فجأة من هنا وهناك، ويصبحون هم الأبطال وهم المتحدثين على شاشات الفضائيات، وهم نجوم المرحلة مستغلين الأوضاع وتردي الحال وتضحيات الشباب أنفسهم للوصول لمآربهم الخاصة، وأجندتهم المرسومة، ونواياهم المبيتة، وهم أصلا لم يفكروا حتى في مسيرة احتجاج، ولم يشاركوا في الثورة في بدايتها.. لا من قريب ولا من بعيد. رأينا هذا في ثورة شباب تونس، ورأيناها في ثورة شباب مصر، وسنراها ايضا في الثورات المقبلة، في الأقطار التي تحت رمادها جمر مؤجج. اخيرا كما قال الشاعر التونسي الراحل إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها واندثر كذلك قالت لي الكائنات وحدثني روحها المستتر ودمدمت الريح بين الفجاج وفوق الجبال وتحت الشجر: إذا ما طمحت إلى غاية ركبت المنى ونسيت الحذر ومن لا يحب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر فعجت بقلبي دماء الشباب وضجت بصدري رياح أخر وأطرقت أصغى لقصف الرعود وعزف الرياح ووقع المطر وقالت لي الأرض لما سالت: يا أم هل تكرهين البشر ؟: أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذ ركوب الخطر وألعن من لا يماشي الزمان ويقنع بالعيش ، عيش الحجر هو الكون حي يحب الحياة ويحتقر الميت مهما كبر وقال لي الغاب في رقة محببة مثل خفق الوتر يجيء الشتاء شتاء الضباب شتاء الثلوج شتاء المطر فينطفئ السحر سحر الغصون وسحر الزهور وسحر الثمر وسحر السماء الشجي الوديع وسحر المروج الشهي العطر وتهوي الغصون وأوراقها وأزهار عهد حبيب نضر ويفنى الجميع كحلم بديع تألق في مهجة واندثر وتبقى الغصون التي حملت ذخيرة عمر جميل عبر معانقة وهي تحت الضباب وتحت الثلوج وتحت المدر لطيف الحياة الذي لا يمل وقلب الربيع الشذي النضر وحالمة بأغاني الطيور وعطر الزهور وطعم المطر
طريق ثورة الياسمين للشعب الذي يقرر.. يختار.. ويريد الحياة يوما ما.