الأسس العامة للإدارة الصفية:
هناك أسس عامة لإدارة الصف ينبغي على المعلم أن يأخذها بعين الاعتبار عند ممارسته لإدارة الصف، وقد أشار إلى ذلك (حميدة وآخرون، 2000م:ص 224-226) ويمكن إجمالها في:
1- إدارة الصف ليست غاية في ذاتها :
إدارة الصف جزءٌ من الأدوار الأخرى للتدريس التي يقوم بها المعلم داخل الفصل، سواءٌ أكانت علمية أم أكاديمية، فالمعلم يقوم بأدوار وعمليات متعددة مثل: التخطيط للدروس، والمهارة في جذب انتباه الطلاب، وتوزيع الوقت على أنشطة التعلم المختلفة، والقدرة على استخدام الإمكانيات المتاحة في حجرة الدراسة، وتصميم طرق التدريس المناسبة، واختيار وسائل التقويم الجيدة، كل هذه الإجراءات من شأنها أن تكون مكونات هامة تؤثر في إدارة الصف، وتضمن تعاون الطلاب، وتقلل من مشكلات الإدارة والنظام أو الضبط الفصلي بحيث تضمن إدارة فصلية جيدة.
2- تختلف مطالب إدارة الصف باختلاف نماذج التدريس:
هناك العديد من طرق التدريس المختلفة، حسب الموقف التعليمي، وتتحد نماذج التدريس حسب الأهداف، والمحتوى التعليمي، ومستوى الطلاب، وأساليب التقويم، فهناك: طريقة الوصف، والشرح، والعروض العملية، والطريقة الحوارية، وطريقة حل المشكلات، ولكل طريقة من هذه الطرق مطالبها في الإدارة الصفية، سواء من قبل المعلم أو الطلاب، فإذا أراد المعلم أن يستخدم مثلاً طريقة التعليم عن طريق الأداء العملي، فإنه يتطلب منه ومن الطلاب أنماطاً سلوكية تختلف عن استخدام طريقة الشرح مثلاً، وبهذا فإن ملاءمة أفعال إدارية صفية معينة يتحدد بالظروف التي تتعلق بدروسٍ معينةٍ وطلابٍ معينين.
3- تتأثر إدارة الصف بشخصية المعلم، وشهرته بين الطلاب، والزملاء، وإدارة المدرسة:
يستطيع المعلم من خلال خبرته، وشخصيته، أن يؤثر في إدارة الصف، والقدرة على إيجاد بيئة تعلم فعالة، وأن يحافظ على هذه البيئة، فالمعلم الذي يحظى بشهرة واسعة بين طلابه، وزملائه، وإدارة المدرسة، يساعده ذلك كثيراً على عملية إدارة الصف، وعلى الضبط اللازم لخلق جو تعليمي مناسب، لأن إدارة الصف إدارة فعالة من أكثر التحديات التي تواجه المعلم، فمتى كان المعلم يحظى بسمعة طيبة، ساعده ذلك على ضبط الصف وإدارته، حتى يمكن تحقيق تعلم صفي فعال، لأن إدارة الصف ضرورية للتعلم المعرفي الجيد، والبعد عن المشكلات التي تعوق عملية التعلم الناتجة عن قلة الضبط والإدارة الجيدة للصف الدراسي.
4- تتأثر إدارة الصف بمتغيرات مدرسية متعددة :
هناك جوانب متعددة ترتبط بالإدارة الصفية، وتؤثر فيها، وتتأثر بها، فالحالة الانفعالية، والنفسية، والاجتماعية لكل من الطلاب، والمعلمين، تختلف من إدارة صفية لأخرى، حسب المؤثرات والمتغيرات التي تؤثر فيها، ومن أهم هذه المتغيرات كما يراها (العجمي، 1428هـ:ص96) ما يلي:
أ ) أنماط الإدارة المدرسية التي تمارس في العمل المدرسي بصفة عامة (نمط تسلطي، فوضوي، تقليدي، ديمقراطي) فعندما يمارس مدير المدرسة أساليب مناسبة وجيدة، فإن ذلك سيؤثر حتماً على إدارة كثير من المعلمين للفصل، اقتداءً بمديرهم، والعكس عندما يشاهد المعلمون مديرهم يمارس أساليب فوضوية أو تسلطية، فقد يستخدمون نفس الأسلوب في إدارتهم الصفية، أو على الأقل يمارسون الحد الأدنى من بعض الأساليب الجيدة.
ب) مدى اهتمام المدرسة بالأنشطة غير الصفية (تهتم بها كثيراً، أو تهتم بها بحد أدنى، أو مهملة) فعندما تهتم إدارة المدرسة بالأنشطة بصورة عامة اهتماماً كبيراً، فإن ذلك يؤثر في مدى تفاعل المعلمين مع طلابهم في الإدارة الصفية، تنفيذاً للأنشطة التعليمية، سواءٌ أكانت صفيةً، أم غير صفيةٍ، أما إذا كانت إدارة المدرسة تهمل الأنشطة الصفية، وغير الصفية، فإن ذلك أيضاً يؤثر على عمل المعلم، بحيث يصبح في كثير من الأحيان مهملاً في تفاعله مع طلابه داخل الصف الدراسي.
ج) تتأثر إدارة الصف بالإمكانيات المتوفرة داخل المدرسة، (أدوات، أجهزة، معامل، مصادر تعلم، حجرات دراسة متوفرة فيها الشروط اللازمة من إضاءة وتهوية، سبورات) فالمعلم الذي تتوفر البيئة المناسبة لديه يساعده ذلك على الإدارة الجيدة للصف، على النقيض من ذلك قلة توفر الإمكانيات المدرسية يقلل من فاعلية المعلم في إدارة الصف، لوجود الخلل والنقص في متطلبات الإدارة الصفية مما ذكر سابقاً.
ح)مدير المدرسة قدوةٌ للعاملين معه كقائد تربوي واعي يضرب بسلوكه المثل الأعلى الذي يمكن أن يسير عليه العمل المدرسي عامة وإدارة الصف خاصة، فتوفير القيادة الصالحة في المدرسة الممثلة في مديرها عامل أساسي يمكن المدرسة من النجاح في تأدية وظيفتها.
خ) وضوح الأهداف التعليمية وتوافر المواد اللازمة لتحقيها، فالقيادة الفاعلة تحدد أهدافها لكل من المعلم والمتعلم، فعلى ضوء الأهداف العامة يتم تحديد الأهداف التعليمية الأكثر تحديداً، ويسترشد بها المعلمون في اختيارهم للأهداف المناسبة لطلابهم، ومن ثم اختيار الأنشطة والوسائل التعليمية، وموضوعات المنهج، ولأجل تحقيق إدارة صفية فاعلة ينبغي أن تتضح للمعلم الأهداف المنشودة، وكذا الطالب كي يعرف المرامي التي يقصد، والنتائج التي يسعى إلى بلوغها، وبالتالي يتوفر له الانهماك الواعي في عملية التعلم، كما أن حرصه على إيضاح ذلك كله للطلاب يؤكد على دوره الهام في تنظيم عملية التعلم، وإدارة الموقف التعليمي بشكل إيجابي.
د) استخدام التقنيات التربوية وطرائق التعليم الحديثة، فاستخدام التقنيات الحديثة يؤدي دوراً أساسياً في تحقيق النظام والانضباط الصفي بمعناه الإيجابي، ويجعل وقت الصف وقتاً ممتعاً حافلاً بالنشاطات التربوية والتفاعل البناء بين المتعلم وعناصر التعلم كما يزيد من اهتمام الطلاب وجذب انتباههم ومشاركتهم، إضافةً إلى أن التعلم الناتج يكون أكثر معنى وقابلاً للاحتفاظ لمدة أطول.
ذ) ازدحام الصفوف وإدارتها وحفظ النظام فيها، فغرفة الصف المزدحمة هي التي يكون عدد الطلاب فيها أكبر مما يتسع له المكان، بمعنى أنه لا يتوفر للطالب المكان الذي يحتاجه لممارسة ألوان النشاط التعليمي التي يحتاجها، ولا تسمح للمعلم بالحركة لتنظيم خبرات التعلم ولا للإشراف على عمل الطلاب وتوجيههم.
ر) من العوامل المؤثرة في الإدارة الصفية حجم المدرسة، وعدد الصفوف، وسعة الصف، وموقع المدرسة، وإمكانياتها، ومستوى التحصيل لدى الطلاب، واتجاهاتهم الشخصية، وتأهيل المعلم الأكاديمي والتربوي، واتجاهاته نحو التدريس (عبد الله، 1428هـ:ص64)، كما يذكر (أبو نمرة، 2006م:ص30) أن مما يؤثر على الإدارة الصفية:( خصائص المعلمين والمتعلمين، سلوك المعلمين والمتعلمين، الخصائص المادية للمدرسة وتجهيزاتها، خصائص المادة الدراسية، خصائص المجموعة، العوامل الخارجية).
ويذكر (علي والديلمي،2006م:ص51) أن هناك عوامل تلعب دوراً في التعلم الصفي منها:
1. النضج فالتعلم نمو مكتسب يتطلب من الطالب أن يتدرب ويلاحظ من أجل التعلم، ويتوقف ذلك على بلوغه مستوى معيناً من النضج ينبغي أن يصل إليه.
2. الدافعية التي تدفع بالطالب ليسلك سلوكاً معيناً في موقف معين، فهي تجعل السلوك حماسياً، كما توجه السلوك، وتجعل الطالب يستجيب أو لا يستجيب.
3. الخبرات فهي أساس لاكتساب المعلومات والمهارات والاتجاهات.
4. التخطيط للدرس فهو يخفف من درجة القلق، ويساعد في تنظيم الوقت، ويساعد في تنفيذ الدرس بدرجة فاعلة.
ويضيف (الطيطي،2004م:ص22) عوامل أخرى تؤثر في الإدارة الصفية منها:
1. الانضباط الصفي فلا بد أن يتوفر في غرفة الصف مستوى من النظام والانضباط الذي يلتزم به الطلاب، وهذا يعني وجود بعض التعليمات والإجراءات الصفية المنظمة لذلك والمتفق عليها لتوفير مناخ صفي مساعد على التعلم.
2. التعزيز والإثابة لا التجاهل والعقاب، فالتعزيز يعني الاعتراف بالسلوك المرغوب فيه والصادر عن المتعلم وتقبله والثناء عليه بعد ملاحظته منه، وهو يلعب دوراً فاعلاً في تحقيق النظام والانضباط الصفي من خلال أثره الإيجابي على نفس المتعلم وحفزه إلى تكرار السلوك المعزَّزُ رغبة في الحصول على المزيد من التعزيز والإثابة.
3. النقد البناء لا الانتقاد الساخر فالمعلم الواعي هو الذي يتسع صدره لأخطاء طلابه السلوكية فيستوعبها، ويعالجها بحنكة ودراية، بعد تعرف أسبابها ودوافعها، دون أن يتسبب لأي إحراج للطالب.
4. الصمت الفعال لا السلوك القسري، ففترات الصمت التي تتخلل الموقف التعليمي والتعلمي تكون مقبولةً وفاعلةً بالقدر الذي يمارس فيه الطلاب التفكير أو العمل والتأمل أو القراءة الصامتة، أما الصمت الذي يتولد عنه الخوف من بطش المعلم والذي يعقب عمليات التوبيخ والعقاب التي يمارسها بعض المعلمين فهو غير مرغوب فيه وينظر إليه بسلبية نحو المعلم والمدرسة والتعلم، بل قد يؤدي إلى التسرب والانسحاب من المدرسة.