تطوير علاقات إيجابية داخل الصف:
هناك علاقة قوية بين المناخ الصفي السائد وتحصيل الطلاب، فالمناخ الصفي الإيجابي مسؤول عن اتجاهات الطلاب نحو التعلم، وارتفاع مستويات تحصيلهم، ولذلك فإن تطوير علاقات إيجابية داخل غرفة الصف يسير ضمن محورين هما:
المحور الأول: بناء علاقة المعلم بطلابه وتطويرها:
تعتبر العلاقة الإيجابية بين المعلم وطلابه من المكونات الرئيسة في أي نظام فعال للإدارة الصفية، ويدرك المعلمون الفاعلون أن الخطوة الأولى نحو تحقيق إدارة صفية فعالة تتمثل في بناء مناخ إيجابي داعم، ومن مهام المعلم بناء بيئة صفية ملائمة لعملية التعليم والتعلم، وليس هناك أكثر أهمية من المناخ الذي يسود داخل الصف.
إن طبيعة العلاقة التي تربط المعلم بطلابه من العوامل الهامة التي تحدد مدى إشباع الطلاب لحاجاتهم الشخصية داخل غرفة الصف، خاصة وأنهم يقضون ثلث ساعات الاستيقاظ اليومي من سن (12-18) مع المعلمين، ولأن المعلمين هم المسؤولون عن تقييم أداء الطلاب وتحديد شكل الحياة في الغرفة الصفية فإنهم يمثلون شخصيات مهمة ذات تأثير مباشر على حياة الطلاب ونموهم، ومن الضروري للمعلم حتى يكون ناجحاً أن يهتم بالآثار التي يمكن له أن يتركها على طلابه وأن يوظفها ليترك آثاراً إيجابية مرضية.
من المؤكد أن علاقة المعلم الإيجابية مع طلابه تؤثر على سلوكهم بطريقة غير مباشرة من خلال تأثيرها على اتجاهاتهم نحو المعلم ونحو المدرسة بشكل عام، فالعلاقة الإيجابية مع المعلم تساهم في تشكيل اتجاهات الطلاب الإيجابية نحو المدرسة وتزيد من احتمالات تعاونهم مع المعلم واتباع تعليمات المدرسة، وفي دراسة أجراها(Reed,1983) وجد أن المعلمين الذين امتلكوا علاقات إيجابية مع الطلاب كانوا أكثر قدرةً على إدارة الصف والوقاية من حدوث مشكلات الانضباط.
إن الفكرة الرئيسة هنا هي أن الحب هو أحد أهم مفاتيح الطاعة، ويعتقد بعض المعلمين خطأً أن تطوير علاقةٍ إيجابيةٍ مع الطلاب سيضعف من موقفهم أمام الطلاب ويجعلهم غير قادرين على ضبطهم، والحقيقة أن وجود علاقة إيجابية بين المعلمين والطلاب يزيد من التعاون بينهم، ولا يعني ذلك غياب التعليمات التي ستنظم سلوكهم وهو لا يعني غياب حزم المعلم وإصراره على تنفيذ هذه التعليمات، وفي المقابل فإن المشكلات السلوكية والانضباط تزداد في الغرف الصفية التي يسودها المناخ السلبي، أو تلك التي لا تستند فيها العلاقات بين المعلم وطلابه على الثقة والاحترام والتقدير المتبادل.
وخلاصة القول أن كل المحاولات لتحقيق النظام الصفي لن تنجح وسيكون أثرها قصير المدى ما لم تصاحبها جهود المعلم الرامية إلى تطوير علاقاته بطلابه وبنائها على أسس من الاحترام المتبادل والثقة، فالوصول إلى علاقة إيجابية بين المعلم وطلابه تتم في حالة يدرك الطلاب فيها معلمهم أنه عادل ومتفهم ومهتم وودود ويسهل التواصل معه وطلب المساعدة منه، وفي المقابل فإن المعلمين الذين يركزون على أخطاء الطلاب وينتقدونهم باستمرار أو يرفضونهم ولا يظهرون الاهتمام بهم غالبا ما يفشلون في إقامة علاقة إيجابية مع طلابهم أو الحصول على تعاون منهم، ومن المؤسف أن بعض المعلمين يعتقدون أن تطوير علاقة إيجابية مع الطلاب سيؤثر سلباً على سلطتهم ويزعزع من هيبتهم أمام طلابهم وهذا يدفعهم إلى بناء موانع وحواجز بينهم وبين طلابهم(هارون2003م:ص272).
إيجاد فرص للتفاعل الشخصي بين المعلم وطلابه:
إن من المفيد جداً أن يتوفر الوقت لكلا الطرفين كي يتعرف كلٌ منهم على الآخر بهدوءٍ بعيداً عن أعباء الحياة اليومية، وهناك بعض الأساليب التي يمكن للمعلم أن يجريها بهدف إيجاد فرصٍ للتفاعل الشخصي مع الطلاب وذلك لبناء علاقة إيجابية، ويعتمد اختيار المعلم لأي من هذه المقترحات حسب المناسب له ولطلابه وهي على النحو التالي:
1. إظهار الاهتمام بنشاطات الطلاب ومشاركتهم حسب الإمكان.
2. السماح بإجراء مقابلة مع معلميهم داخل المدرسة وخارجها.
3. بعث رسائل وملحوظات لكل طالب أو كتابة ملحوظة ترحب بشخصية الطالب.
4. وضع صندوق للاقتراحات.
5. المشاركة في أنشطة المدرسة والمجتمع المحلي.
6. المشاركة في أنشطة الساحة المدرسية: حيث إن الطلاب يستمتعون بمشاركة معلميهم لهم في أنشطة الساحة المدرسية.
المحور الثاني: بناء العلاقة بين الطلاب وتطويرها:
إضافة إلى الجهود التي يحتاج إليها المعلم لتطوير علاقته بطلابه، فإنه بحاجةٍ ماسةٍ لتطوير علاقة الطلاب بعضهم ببعض لأن طلاب الصف الواحد يقضون فترةً زمنيةً طويلةً مع بعضهم وبالتالي فإنه من اللازم تطوير علاقةٍ إيجابيةٍ تجمعهم وتسهم في الربط بينهم وفي تحسين اتجاهاتهم نحو وجودهم في غرفة الصف وتعلمهم فيها، وتعمل على إشباع حاجاتهم للحب والانتماء وتعزز شعورهم بالتقبل والكفاءة، وتقلل من شعورهم بالتهديد وقلة الأمن، وتقلل من ظهور صراعات بينهم، وتسهم في تحسن مستوياتهم الدراسية.
تسهيل عملية التعارف في غرفة الصف:
إن وجود الطالب بين مجموعة لا يعرفهم يؤدي إلى شعوره بالضيق والحرج وقلة الارتياح، وفي المقابل فإن وجوده بين مجموعة من الطلاب يعرفهم ويعرفونه يشعره بالطمأنينة والارتياح، وعليه فإن على المعلم دور كبير في مساعدة الطلاب على معرفة بعضهم البعض خاصة عندما يكون عدد طلاب الصف الواحد بين الثلاثين والأربعين.