نظرية توليد الأفكار Generativity
تُعد نظرية توليد الأفكار من أكثر النظريات التي يمكن الاعتماد عليها في شرح السلوك المتسم بالأصالة والجدّة ، إذ على أساسها يمكن بناء الدراسات التجريبية في مجال الإبداع والتنبؤ بالسلوك الإبداعي ، تقوم هذه النظرية على ثلاثة أبعاد رئيسية هي
1. تعدد وسائل التعبير عن السلوك
وتنطلق هذه النظرية من حقيقة مؤداها أننا قادرون على عمل أشياء عدّة سواء أكان ذلك في وقت واحد أم في أوقات مختلفة . هذه القدرة على تنوّع السلوك لدى الفرد تشير إلى القدرات التي يتمتع بها معظم الأفراد العاديين والتي تمكنهم من اكتشاف البيئة المحيطة بهم وابتداع الوسائل الملائمة لمواجهة كل موقف من المواقف . هذا التعدد في أنواع السلوك الذي يشمل الجانب الحركي والذهني تمثل البذور الأولى للعمليات والأفكار الإبداعية ، لهذا فانه كلما توسع نطاق السلوك وتعددت مجالاته كلما كان ذلك حافزاً لظهور الإمكانات الإبداعية للفرد .
2. الفروق الفردية
من المؤكد أنه لا يوجد اثنان في هذا العالم متطابقان من حيث خصائصهما أو سلوكهما . هذا الاختلاف الذي نسميه عادة "الفروق الفردية" يعود إلى تباين العوامل الوراثية والعوامل البيئية التي تتحكم في سلوك جميع الأفراد . هذا الاختلاف فيما بين الأفراد من الممكن أن نلحظه في التركيب البيولوجي للأفراد ، على سبيل المثال أن الجهاز العصبي لفرد ما يختلف إلى حد ما عن الجهاز العصبي لشخص آخر مما يؤثر بدوره على طبيعة إدراكه للأشياء وتعلمه للمواقف وطريقة معالجته للمشكلات التي تواجهه . وهذا التباين في سلوك الأفراد يقودنا إلى نقطة مهمّة وهي أنه من الممكن تدريب الأفراد وتطوير قدراتهم الإبداعية طالما أن للعوامل البيئية أو عوامل التنشئة دوراً في سلوكهم .
3. الجدة والإبداع والابتكار
يُعد السلوك المتسم بالجدة Novelty ، من وجهة نظر نظرية توليد الأفكار Generativity Theory ، النتيجة المحتومة الناجمة عن العملية الديناميكية بين أولويات السلوك . بمعنى آخر عندما نفكر في عمل شيئين في آن واحد فان التنافس بين هاتين الفكرتين قد يؤدي إلى ظهور فكرة أو سلوك جديد . ونظراً لتعدد الأفكار في حياتنا والتي تفرضها طبيعة تركيبنا البيولوجي والتنشئة الاجتماعية ، فانه من المتوقع صدور السلوك المتسم بالجدة من الأفراد ، بل يمكن القول بان معظم السلوك الإنساني متجدد ولكن بدرجات مختلفة . وهنا سؤال يطرح نفسه هو : كيف يمكننا أن ننتقل من الجدة إلى الإبداع ؟
إن سر التحول من الجدة إلى الإبداع يكمن في المحتوى Context أو الثقافة Culture التي يولد فيها السلوك الإبداعي . ذلك أن الإبداع يطلق على السلوك الذي يدرك من قبل المجتمع أنه جديد لم يسبق له مثيل كما انه مفيد .