أهمية القيادة المُلهِمة
إن القيادة المُلهِمة هي الحلم الذي يطمح إليه الكثير من قادة المؤسسات ولا يحظى به إلا القليل منهم؛ فالقائد المُلهِم لديه رؤية واضحة يستطيع من خلالها أن يرى الماضي ويتعلم من أخطائه ونجاحاته، ويعيش الحاضر بكل تفاصيله ويبدع فيه، ويستعد للمستقبل بكل تحدياته وغموضه؛ فالقادة المُلهِمون هم فقط ذوي العزائم الصلبة والأفكار العظيمة الذين يجيدون فن صناعة النجاح(البارودي، 2019 :105).
القيادة المُلهِمة تعد من الممارسات القيادية ذات الأهمية حيث أشارت الدراسات الحديثة أن دور القيادات المُلهِمة هو أحد أهم أسباب زيادة محركات الإلهام، فكل من يتعرض لقائد مُلهِم وقدوة فهو يتعرض لاحتمالات كبيرة من التفاعلات التي تصنع الإلهام، فيتميز هؤلاء القادة الملهمين بأن لديهم رؤية استراتيجية مميزة لتحفيز وإلهام المرؤوسين؛ فمن خلالهم يتم التمكين المناسب للأفراد على جميع المستويات في المؤسسة، فالتفاعل الذي يحدثه القادة يؤدي إلى تقاسم المعرفة الداخلية، وجمع ودمج المعلومات الخارجية، وصناعة روح التحدي للوضع الراهن وتمكين الإبداع(بوحجي،28:2015).
وتؤكّد القيادة المُلهِمة بأن هناك رجالاً عظماء يتصفون بقدرات ومواهب غير عادية، هذه القيادة الإلهامية هي التي تحقق التغيرات في الحياة الاجتماعية وتتحرك من خلال معايير وشروط، مادية ومعنوية(العجمي، 2015 :89).
ويشير McEachern((2005 :122 إلى أنّ القيادة المُلهِمة هي" القيادة التي تتواصل مع المشاعر الايجابية للأفراد".
تؤدي القيادة المُلهِمة دورًا فعّالًا في التأثير على الآخرين من خلال التحفيز والإلهام الذي ينشأ من خلال ربط المنظمة باحتياجات الأفراد وقيمهم واهتماماتهم(Kouzer & Posner,2002 :176).
يرى Bass(2007) أنّ القيادة المُلهِمة تَخلق أسباب لتغيير طريقة التفكير واستخدام العقل لتجاوز الصعاب حيث اعتبر أنّ التحفيز الفكري أحد مكونات القيادة المُلهِمة الذي يُسهم في استقلالية المرؤوسين ويمنع التعود على التبعية، ويشير Densten(2002) إلى أن التحفيز الإلهامي يؤثر ايجابًا على بعض المتغيرات المهمة مثل: توافر السلوكات الأخلاقية للعاملين وسلوكات المواطنة التنظيمية, والتعلم التنظيمي.
وقد توصل Joshi et.al(2009) في دراسته إلى أن هناك علاقة ارتباط معنوية ايجابية بين القيادة المُلهِمة والثقة بفريق العمل، كما توصل أيضا إلى وجود علاقة ارتباط موجبة بين القيادة المُلهِمة والانتماء التنظيمي .
ويشير(Goldsmith, et.al. 2010:56) إلى أن هناك عدة أسباب تجعل الإلهام عنصر مهم في القيادة حيث تتميز المنظمات التي تجعل القيادة المُلهِمة جزء منها بما يلي:
1. تشجع احترام الذات: حيث يعمل القائد المُلهِم على بث روح قيمة الذات والثقة بالنفس في أتباعه العاملين وبالتالي عندما يشعر العاملين بالثقة وتقدير المنظمة؛ فأنهم سيسعون إلى تحقيق أفضل ما لديهم.
2. تخلق معنى جديد للعمل: حيث يستطيع القائد المُلهِم أن يجعل العمل ذو معنى وقيمة عالية لدى أتباعه .
3. زيادة التعاون: حيث يعمل القائد المُلهِم على بث روح التعاون بين العاملين, والعمل على نشر ثقافة مصلحة الجماعة قبل مصلحة الفرد.
4. تُشجع الأهداف العالية: حيث تعمل القيادة المُلهِمة على تشجيع العاملين في وضع أهداف عالية المستوى من خلال بث روح الطموح والإصرار وإثبات الذات.
5. زيادة الإبداع: يعمل القائد المُلهِم على تشجيع العاملين على الإبداع والإبتكار في أداء الأعمال المختلفة.
6. تَحمل المخاطرة: يشجع القائد الملهم العاملين على تحمل المخاطرة كالبحث عن الفرص المتاحة أمام المنظمة واستغلالها لتحقيق أقصى قدر من المنافع للمنظمة.
7. زيادة الإنتاجية: تعمل القيادة المُلهِمة على زيادة معدلات الإنتاجية عن طريق بث روح العمل الجاد, وتحدى الصعوبات وتخطي العقبات التي تواجه العاملين.
8. التواصل مع المنظمة: حيث تقوم القيادة المُلهِمة على زيادة التواصل والإنسجام بين المنظمة والعاملين حيث يعمل القائد المٌلهِم على تحقيق التواصل والتوافق بين أهداف المنظمة وأهداف العاملين فيها.
القيادة المُلهِمة لها القدرة على التأثير بشكل إيجابي على من حولهم وتحفيز الآخرين على النجاح، مع توفر فرصاً لتطوير طموحاتهم بناءً على أفعال ومواقف القائد نفسه.
يمكن للقادة المُلهِمين تمكّين الآخرين من تطوير شغفهم بعملهم وكيفية تحقيقه؛ فالموظفون يستمتعون بالعمل مع الأشخاص الذين يلهمونهم؛ فيجعلوهم يلتزمون بالعمل إلى حد كبير بسبب وجود قادة مُلهِمون(Indeed,2023). وتشجع القيادة المُلهِمة الآخرين على البقاء والاستمرار بالعمل بمهامهم الفردية وزيادة السلوكيات الناجحة(Master Class,2022).
فلا يخفى عن أحد أهمية وجود القادة المُلهِمين في حياتنا، والدور الرئيس الذي يقومون به في تشكيل واقع مجتمعاتنا, لذا يشير مصطلح القيادة المُلهِمة إلى قيادة الآخرين نحو الأهداف من خلال رسم صورة أفضل للمستقبل؛ حيث يتمتع القائد المُلهِم بالقدرة على رؤية المستقبل والتنبؤ به وتحفيز الموظفين نحو الرؤية الطموحة للشركة، كما يستمتع الموظفون الذين يقودهم قائد مُلهِم، ويطّورون من قدراتهم الذاتية ومن حياتهم الوظيفية، وذلك لأن القائد المُلهِم يستخدم التحفيز في أسلوبه القيادي، والتشجيع للقيام بالمهام، والتقدير بعد إنجازها(الزغبي،2021). كما أن القائد يوفر الجو المناسب لخلق الإبداع والإبتكار لدى الأفراد، وذلك عن طريق تشجيع مبادرة العاملين، وديمقراطية القيادة وإتباع أساليب المشاركة وإدارة الدوافع للإنجاز، كما يساعد على تنمية أساليب التفكير الخلّاق لدى العاملين وشحذ قدراتهم على الاقتراح والإبداع والتطوير لبناء القدرات التنافسية، ليتميز القائد بوضوح الرؤية وتحديد الأهداف من خلال الخبرة والمعرفة المتراكمة(السكارنه،2014: 102).
اعداد / أ. مصطفى دعمس