يشير مفهوم الرضاء عن العمل إلى وجهة نظر الأفراد العاملين نحو قبولهم واستحسانهم للعمل الذي يزاولونه، فقبول الأفراد لعملهم يولد لديهم مشاعر الرضاء عنه.
فؤثر الرضاء عن العمل بدرجة كبيرة على الكثير من الظواهر في المنظمة، ومن هذه الظواهر معدلات الدوران ومعدلات الغيابات والشكاوي ومعدلات الحوادث أثناء العمل والرضاء عن العمل ومعدلات الأداء.
ولذلك فإن الكثير من المنظمات غالباً ما تجري مسوحات ودراسات دورية حول رضاء الأفراد العاملين عن أعمالهم لكي تكون أكثر معرفة وإدراكاً لحقيقة مشاعر الأفراد ولتجنب الكثير من المشاكل الناجمة عن عدم الرضاء.
إن الرضاء عن العمل، وهو جزء من الرضاء عن الحياة بصورة عامة، حيث أن البيئة الخارجية هي الأخرى تؤثر على مشاعر الأفراد نحو العمل ودرجة رضائهم.
ولقد أكدت الكثير من الدراسات حول رضاء الأفراد أن هناك مجموعة من العوامل البيئية تشكل في مجمونعها الرضاء العام للأفراد العاملين، هذه العوامل منها ما يتعلق بواقع العمل والمنظمة ومنها ما يتعلق بالأفراد العاملين أنفسهم وخصائصهم ورغباتهم ومدركاتهم.
العوامل المؤثرة على الرضا عن العمل :-
من الممكن تقسيم هذه العوامل على مجموعتين، الأولى، كمثل عوامل البيئة الداخلية للعمل والثانية تمثل العوامل الشخصية للفرد.
عوامل بيئة العمل الداخلية Wiork Environment Variables
إن الرضاء عن العمل يمثل الإشباع الذي يحصل عليه الفرد من المصادر المختلفة التي ترتبط في تصوره بالعمل الذي يؤديه، وبالتالي فيقدر ما يقدم هذا العمل من إشباعات للفرد بقدر ما يزداد رضاءه عن العمل ويزداد بالتالي اندماج الفردية. والعوامل التي تؤثر في درجة رضاء الأفراد عن العمل، هي الآتي:
1) الأجور والرواتب Wages and Salery
يعد الأجر وسيلة مهمة لإشباع الحاجات المادية والاجتماعية للأفراد العاملين. وقد أشارت الكثير من الدراسات إلى وجود علاقة طردية بين مستوى الدخل والرضاء عن العمل، حيث كلما زاد مستوى دخل الأفراد العاملين كلما زاد رضاهم عن العمل والعكس هو الصحيح.
ومن الجدير ذكره هنا أن هرزبرج خالف هذا الرأي في نظريته إذ أكد بأن الأجر وهو من الحاجات الدنيا التي لا تؤدي إلى الرضاء، وإنما فقط تمنع عدم الرضاء، وهذا الرأي عليه بعض التحفظات التي منها:
أ) أن الأفراد يختلفون في درجة تفضيلهم للحاجات، كما وأن المجتمعات والحضارات تؤثر هي الأخرى على الأفراد وحاجاتهم نحو العمل وتبرز أهمية الأجور في المجتمعات الرأسمالية بدرجة أكبر من المجتمعات النامية نظراً لأهمية الجانب الاقتصادي في حياة الأفراد في تلك المجتمعات.
ب) إن الأجور تعد إحدى المشبعات لحاجات مختلفة أخرى وغير الحاجات الاقتصادية كالحاجة للتمييز ورمز للتفوق والنجاح.
2) محتوى العمل وتنوع المهام Work content and task Verity
يمثل محتوى العمل بما يتضمنه العمل من مسئولية وصلاحية ودرجة تنوع في المهام التي يتضمنها ودرجة أهمية هذه المهام بالنسبة إلى العامل إذ أنه كلما كان العمل ذا محتوى عالي أي يتضمن عناصر إثراء والتي تسمى بالتحميل العمودي Vertical Loading كلما شعر الفرد بأهميته وهو يؤدي هذا العمل، وبالتالي يزداد رضاؤه عنه، وهذا ما أكدته تطبيقات إثراء العمل لهزربرج وهاكمان.
3) الاستقلالية ودرجة السيطرة على العمل Autonomy and Work control
تختلف الأعمال في درجة سيطرة الفرد على أدائها حيث كلما زادت حرية الفرد في اختيار طرق أداء العمل ومتى يبدأ ينتهي من العمل أي له الحرية في جدولة عمله كلما زاد رضاؤه عنه أي عن العمل.
4) إمكانية الفرد وقدراته ومعرفته بالعمل Personel Ability and Knowledge
حيث كلما كان العمل وفقاً لإمكانيات وقدرات ومعارف الأفراد كلما أدى إلى إمكانية واحتمال الأداء الأفضل، وهذا يؤثر على درجة رضاء الأفراد بشكل إيجابي. حيث أن الدراسات تشير إلى وجود علاقة بين مستوى الأداء ودرجة الرضاء عن العمل وتتحدد درجة الأداء بمقدرة الفرد وقابلياته.
5) فرص التطور والترقية المتاحة للفرد Development and Promotional Opportunities
إن المنظمة التي تتيح للأفراد العاملين فرصة للترقية وفقاً لكفاءتهم في الأداء تحقق درجة رضاء عالية لهم، حيث أن الأفراد الكفوئين لديهم طموحات وتصورات عن العمل والأداء لا بد أن تقابل من قبل المنظمة كسياسات للتطور والترقية تتوافق مع معدلات أداء الأفراد وطموحاتهم.
6) نمط القيادة Style of headship
هناك علاقة بين نمط القيادة ورضاء العاملين عن أعمالهم، فالرئيس الذي يتبع الأسلوب البيروقراطي في قيادة مرؤوسه لا يكسب ولاءهم ويؤدي إلى مشاعر الاستياء تجاهه، أما القائد أو الرئيس الذي يعتمد الأسلوب الديمقراطي في القيادة إذ يجعل المرؤوسين موضع اهتمامه في القرارات التي يتخذها يؤدي إلى تطوير علاقات الدعم والولاء بينهم للعمل والمنظمة وهذا له تأثيره على رضاهم عن العمل.
7) علاقة الفرد بالأفراد الآخرين The Relationship with Work Group
إن العلاقة الإيجابية للفرد العامل مع مجموعة العمل توفر به إشباعاً لحاجاته الاجتماعية وتحقق تبادل المنافع بينهما، ولذلك فإن المنظمة والعمل الذي يتيح للأفراد فرصة التفاعل والاتصال مع الأفراد الآخرين فإن رضاء الأفراد عن عملهم سيكون مرتفعاً والعكس هو الصحيح ومن الجدير ذكره في المجال أن قوة العلاقة بين رضاء الفرد عن عمله وعلاقته بالآخرين تعتمد على درجة تفضيله الانتماء وقوة الحاجة الاجتماعية لديه.
ظروف العمل المادية Physieal Working Conditions
تؤثر ظروف العمل المادية من تهوية وإضاءة ورطوبة وحرارة وضوضاء ونظافة على درجة تقبل الفرد لبيئة العمل، ورضاه عنها، كما وتؤثر هذه الظروف ومعدلات الحوادث والأمراض. فكلما كانت ظروف العمل جيدة كلما زاد رضاه الأفراد عن العمل.
9) عدالة العائد Reward Equity
لقد أوضح آدمز Adams في نظرية عدالة العائد بأن الفرد غالباً ما يقارن معدل عوائده المستلمة قياسياً بمدخلاته (مهارته، قابلياته، خبراته، مستوى تعليمه، ... إلخ) مع معدل عوائد الأفراد العاملين معه قياساً بمدخلاتهم.
فإذا زاد معدل ما يستلمه سوف يشعر بالذنب وإذا نقص معدل ما يستلمه الرضاء وتدر الإشارة هنا بأن مشاعر التوتر الناتجة عن الشعور بالذنب فمن الممكن بسهولة التغلب عليها وتطويعها وتفسير الموقف المسبب لها، أما مشاعر التوتر الناتجة عن الغبن وعدم العدالة فهي أصعب على الفرد وتولد لديه مشاعر سلبية وسلوكيات سلبية أيضاً.
العوامل المرتبطة بالأفراد العاملين Personal Variable
هناك عوامل محددة ترتبط بالأفراد أنفسهم ولها تأثير على درجة رضاهن عن العمل من هذه العوامل ما يلي:
1) الجنس Sex
إن العلاقة بين جنس الفرد والفرد كونه رجلاً أم امرأة وبين رضاه عن العمل ليست علاقة ثابتة وإنما تعتمد على درجة التمييز بين كلا الجنسين من قبل الإدارة وفي العمل، ففي الكثير من الأحيان يقارن أداء المرأة وخبراتهما بالرجل وأدائه وخبراته على أساس القيم الاجتماعية والتصورات السائدة على أن الرجل أفضل أداء من المرأة العاملة وليس على أساس الخبرة والأداء الفعلي.
وهذه الظواهر السلبية تجاه عمل المرأة تؤثر بالنتيجة على رضاها عن عملها، إذ كلما زاد التغيير ضدها كلما قل رضاؤها عن العمل.
2) العمــر Age
بصورة عامة توجد علاقة إيجابية بين العمر عن العمل؛ إذ أن الأفراد العاملين الأكبر سناً يكونوا أكثر رضاء عن عملهم الأكبر سناً قد أصبحوا أكثر تكليفاً من الأفراد الأصغر سناً.
ومن الجدير بالذكر في هذا المجال أن بعض الدراسات وجدت بأن هذه العلاقة الإيجابية لا تستمر إلى ما لا نهاية وإنما تبقى إلى "5" سنوات قبل سن التقاعد ومن ثم يبدأ عدم الرضا.
إن انخفاض الرضا في سن ما قبل التقاعد يمكن أن يعزى إلى زيادة حاجات الأفراد للإشباع.
3) طول فترة الخدمة Tenure
إن العلاقة بين طول هذه الخدمة أو العمل بشكل مستقر والرضا عن العمل ترتبط بنفس العلاقة بين العمر والرضا عن العمل، فكلما زاد عدد السنوات التي يمضيها الفرد في العمل كلما أصبحت لديه خبرة ومعرفة تكيف أعلى للعمل مما يؤدي ذلك إلى زيادة رضاه عنه، وهذه النتيجة ترتبط أيضاً بعوامل أخرى كمعدلات العوائد التي يستلمها الفرد مقابل خبرته ومعرفته المتطورة، وكذلك فرص الترفيه المتاحة له في العمل.
ففي إحدى الدراسات حول العلاقة بين مدة الخدمة والرضا عن العمل أشارت النتائج إلى أن هذه العلاقة سلبية فيما يتعلق بالرضا عن الترقية أنه كلما زاد عدد سنوات عمل الأفراد كلما قل الرضا عن الترقية في العمل.
هذا يمكن تفسيره إلى أن طموح الأفراد يزداد بزيادة خبرتهم ومعرفتهم مما يؤدي إلى انخفاض رضاهم عن العمل.
4) المستوى التعليمي Educational Level
إن دراسات الرضا عن العمل تعتبر المستوى التعليمي كعامل مؤثر في الرضا عن العمل، إذ كلما زاد المستوى التعليمي للأفراد العاملين كلما زاد ضمانهم في العمل والاستقرار فيه ومن ثم يزداد رضاهم عنه. عن هذه النتيجة مرهونة ومرتبطة بعوامل عديدة منها، مدى الاستفادة من الكفاءات المتعلمة في أعال ذات متطلبات تتناسب، وهذه الكفاءات، كذلك العوامل الأخرى المرتبطة بالعمل والمنظمة كنظام الدفع وعدالة العائد والظروف البيئية للمنظمة.
هذه العوائد تحدد درجة العلاقة بين المستوى التعليمي للأفراد العاملين والرضا عن العمل.