كفايات الإدارة الصفية لدى المعلم الجديد في المدارس الأهلية:
عند استعراض المبحث الأول اتضح أهمية الإدارة الصفية، وأهمية هذه المهنة العظيمة التي ألقيت على عاتق المعلم، وحتى يقوم بدوره على الوجه الصحيح فإنه لابد أن يمتلك من الكفايات اللازمة والأساسية ما يكون كافياً لأداء واجبه والقيام بعمله خير قيام وبالتالي يعود نفعه على الطلاب، إضافة إلى أن امتلاك المعلم لأعلى قدر ممكن من الكفايات يعتبر مؤشراً قوياً على نجاحه في أداء عمله الوظيفي. إن المعلم الناجح في حقيقة الأمر هو القائد الفعال للبيئة الصفية، من خلال تهيئة بيئة صفية تعليمية إيجابية يشارك فيها الطلاب كقائد لصفهم ويضبط سلوكهم ويوفر بيئة يسودها الاحترام والتقدير، ويسهل التدريس ويؤكد على الأمن والسلامة لتكوين بيئة تعليمية إيجابية ومن ثم اتخاذ الخطوات للمحافظة عليها بتوجيه سلوك الطالب وتصحيحه. وتعد كفايات إدارة الصف المحور الرئيس لنجاح العملية التعليمية والتربوية، فإذا نجح المعلم داخل صفه فإن التربية ستحقق أهدافها وتصل إلى غاياتها بكل يسر وسهوله. ويضطلع المعلم بمهمة عظيمة تتمثل في قيادته لصفه التي تعتبر أهم عناصر الموقف التعليمي ومعيار نجاحه، وهي محط اهتمام التربويين في كل أنحاء العالم، وأفردت لها الدراسات والبحوث الخاصة، وصممت من أجلها البرامج في الجامعات وكليات المعلمين، وتزداد الأهمية إذا كان المعلم جديداً فقد دلت نتائج عدد من الدراسات إلى أنه يفتقد إلى بعض الكفايات الأساسية اللازمة لإدارة الصف، والتعامل مع التقنيات الحديثة، كما أن بعض المعلمين يعاني قلة في الخبرة العلمية والعملية في التخصص بحكم حداثتهم في المهنة؛ مما ينعكس على أدائهم داخل حجرة الصف، هذا بالإضافة إلى الضعف في بعض المهارات التربوية كمهارات التعامل مع الطلاب أو طرق التدريس أو فن الاتصال رغم تخرجهم من مؤسسات تربوية، وفي هذا المبحث سيكون الحديث عن الكفايات اللازمة التي يحتاجها المعلم الجديد في المدارس الأهلية وهي على النحو التالي:1. كفاية بناء التعليمات والإجراءات الصفية.2. كفاية تنظيم البيئة الفيزيقية(المادية) للصف.3. كفاية تنظيم البيئة الاجتماعية للصف.4. كفاية تخطيط الدرس.5. كفاية عرض الدرس.6. كفاية جذب انتباه الطلاب.7. كفاية الاتصال الصفي.8. كفاية استخدام طرق التدريس واستراتيجياته.9. كفاية استخدام الوسائل التعليمية.10. كفاية صياغة الأسئلة الصفية وتوجيهها.11. كفاية إدارة الواجبات المنزلية.12. كفاية التقويم.مفهوم الكفايات:
للكفايات عدة مفاهيم:
المفهوم الأول: "مجموعة من المهارات والقيم والاتجاهات والمعارف اللازمة للقيام بالعمل المطلوب على أكمل وجه وبمستوى معين من الأداء" (Neagley&Evans،1980م:ص284).
المفهوم الثاني: "مجموعة من المهارات والقدرات المكتسبة أثناء فترة الإعداد أو من خلال الخبرة والتوجيه وتساعد على القيام بالعمل بنجاح"(العيوني،1413هـ:ص5).
المفهوم الثالث: "مجموعة من المعارف والمفاهيم والمهارات والاتجاهات التي توجه السلوك وتساعد في أداء العمل بمستوى معين من التمكين ويمكن قياسها بمعايير خاصة متفق عليها"(اللقاني وآخرون،1990م:ص184).
المفهوم الرابع: "أهداف سلوكية محددة تحديداً دقيقاً، وتصف كل المعارف والمهارات والاتجاهات التي يعتقد أنها ضرورية "(كي 1975 Kayم:ص4).
المفهوم الخامس: "الحد الأدنى من المهارات التي يجب اكتسابها نتيجة المرور ببرنامج معين والتي تنعكس على الأداء، وعندما يصل الفرد إلى هذا الحد، فإن هذا يعني أنه قد وصل إلى حد يساعد على أداء العمل"(محمد وحوالة،1426هـ:ص159).
المفهوم الإجرائي:
مجموعة من المهارات والمعارف التربوية التي تمكن المعلم من قيادة الصف بثقة وفاعلية لتحقيق الأهداف المنشودة.
خصائص الكفايات التعليمية:
حدد (الشهري 1427هـ:ص52) و(العتيبي 1417هـ:ص16) عدداً من الخصائص المتعلقة بالكفايات التعليمية منها:
1. أنها تشتمل على الجانب النظري من معارف ومفاهيم ومعلومات، كما تشتمل على الجانب المهاري من ممارسات سلوكية ونحوها، وعلى الجانب الوجداني من قيم واتجاهات معينة تشتق من أدوار المعلم.
2. تشتمل على قدرة المعلم على أداء سلوك ما.
3. أن الأداء هو الشكل الظاهري للكفاية بشكل يمكن ملاحظته في سلوك المعلم وقياس أثره على الطلاب.
4. الكفاية تكون قابلة للقياس.
5. تهدف الكفاية إلى تحقيق أهداف سلوكية معينة.
6. ترتبط بالمهام التعليمية للمعلم.
كفايات الإدارة الصفية:
أولاً: كفاية بناء التعليمات والإجراءات الصفية:
يعد التخطيط لإدارة الصف قبل بداية العام الدراسي انطلاقةً لعملية التعلم، حيث يرى كثير من التربويين والباحثين في مجال إدارة الصف أن الإدارة الصفية الفاعلة تقوم على اتباع التعليمات والإجراءات الصفية التي هي عبارة عن: "مجموعة مبادئ عامة للسلوك يقصد منها توجيه السلوك الفردي في محاولة لدعم ومساندة التفاعل الإيجابي، وتجنب السلوك غير السوي، وتوجه أسلوب تفاعل الطلاب مع بعضهم البعض والاستعداد للدرس والتصرف بالسلوك الحسن خلال الدرس"(سمارة والعديلي 2008م:ص131).
إن فهم الطلاب للسلوكيات المطلوبة منهم في الصف أثناء تواجد المعلم من خلال تقديمه عدداً من الإرشادات والتوجيهات الواضحة لطريقة التصرف داخل الصف كالتوجيهات عند الرغبة في الاستفسار أو طرح الأسئلة أو الحديث مع المعلم أو عند الانتقال أو الحركة إلى مكان داخل أو خارج الصف، أو تعامل الطلاب مع بعضهم، يسهل عليهم العمل والتفاعل مع معلمهم ومع بعضهم البعض دون الحاجة إلى اللجوء لاستخدام القوة أو عدم القدرة على السيطرة على الصف، كما أن وجود مجموعة من التعليمات والإجراءات الصفية التي تمثل السلوك المرغوب فيه يساعد على انطلاقة جيدة وثابتة نحو تأسيس بيئة صفية فعالة ومدارة بشكل ناجح (الجاسر1423هـ:ص44).
وقد أكد الكثير من العلماء البارزين على أهمية صياغة التعليمات والإجراءات الصفية(Canter and Canter,1992.Gordon,1980,Curwin and Mendler,1988)صياغةً إيجابيةً بحيث تتحدد أنماط السلوك المقبول المراد الالتزام به، وأنها خطوة هامة نحو بناء النظام داخل حجرة الصف، إضافةً إلى إشراك الطلاب في عملية بنائها ليصبحوا قادرين على اتباعها والالتزام بها بشكل ذاتي أكبر، ولتحقق منطقيتها وملاءمتها ومدى استجابتها لخصائصهم واحتياجاتهم.
معالم رئيسية لنظام التعليمات الصفية:
1. يجب أن يكون عدد التعليمات والإجراءات الصفية قليلاً بحيث تتراوح بين أربع وست تعليمات وذلك بوضع قواعد سلوكية عامة تنظم عدداً من السلوكيات المتشابهة.
2. يجب أن تتم صياغة التعليمات بشكل إيجابي يسهم في تعليم الطلاب السلوك المقبول المراد الالتزام به، بدلاً من تزويدهم بقائمة طويلة من الممنوعات، وفيما يلي أمثلة على تعليمات سلوكية مصاغة بالصيغتين الإيجابية والسلبية:
أمثلة على الصياغة السلبية للقاعدة:
أ- الرجاء عدم إلقاء النفايات على الأرض.
ب- ممنوع التأخر عن موعد تسليم الواجب المنزلي.
ت- يرجى عدم التدافع داخل الممرات.
ث- ممنوع الغش في الامتحان.
ج- يمنع الحضور بالجينز إلى المدرسة.
أمثلة على الصياغة الإيجابية للقاعدة:
أ- يرجى إلقاء النفايات في سلال القمامة.
ب- يرجى تسليم الواجب المنزلي في الموعد المحدد.
ت- الرجاء المشي بهدوء داخل الممرات.
ث- اعتمد على نفسك في الامتحان.
ج- يرجى الحضور إلى المدرسة بالزي الوطني.
3. يجب أن تصاغ التعليمات الصفية بمنطقية وعدالة تراعي احتياجات الطلاب وظروفهم، وتطبق على الجميع.
4. يجب أن تمتاز التعليمات الصفية بالمرونة حتى تتلاءم مع ظروف الصف واحتياجات الطلاب والمعلمين والتي تتغير من وقت لآخر(هارون2003م:ص139).
تقديم التعليمات الصفية للطلاب:
يستطيع المعلم تحقيق بداية إيجابية وذلك من خلال تعليمهم للتعليمات الصفية بطريقة منظمة، ومن المهم له أن يبدأ بهذا الأمر من أول يوم في العام الدراسي، وفيما يلي بعض التوجيهات التي تساعده في بدء تعليم الإجراءات الصفية لطلابه في الأسابيع الأربعة الأولى من العام الدراسي:(Wragg and Wood,1984a)
1. في اليوم الأول من العام الدراسي:
يحتاج المعلم إلى تعريف الطلاب بالتعليمات الصفية العامة شريطة أن يراعي الشروط المشار إليها سابقاً وبالتالي فإنه من المهم اتباع الإجراءات المساندة التالية:
أ- عرض التعليمات الصفية مكتوبةً في مكانٍ بارزٍ في غرفة الصف.
ب- وصف الطريقة المتبعة للقيام ببعض السلوكيات في الصف كتسليم الواجب المنزلي أو الخروج من غرفة الصف أو طلب مساعدة المعلم ونحو ذلك.
ت- تعريف الطلاب بالإجراءات التي ستتخذ للتعامل مع سلوك الطلاب المخالفين للتعليمات الصفية.
ث- تنفيذ الإجراءات التي حددت للتعامل مع السلوكيات المخالفة للتعليمات الصفية في أول مرة يخالف فيها أحد الطلاب ليظهر للطلاب التعليمات في صورتها التطبيقية، ويعلمهم درساً محتواه أن المعلم يعي ما يقول، وأن مخالفة التعليمات الصفية أمر لا يتم التغاضي عنه.
ج- من المفيد جداً أن يرسل المعلم نسخاً لأولياء الأمور من التعليمات الصفية.
2. أثناء الأسبوعين الأولين من العام الدراسي:
لكي ينجح المعلم في تعليم طلابه التعليمات الصفية فإنه يحتاج إلى تنفيذ الإجراءات التالية في الأسبوعين الأولين من السنة الدراسية:
أ- مراجعة التعليمات الصفية يومياً وبشكل خاص عند حدوث أي محاولة لفحص الحدود أو مخالفة التعليمات التي تم تحديدها.
ب- تخصيص وقتٍ يوميٍ لتعليم الطلاب بعض الإجراءات الروتينية كالاصطفاف الصباحي أو مغادرة الصف ونحو ذلك، ومن المهم أن تكون رسالة المعلم واضحة بهذه الإجراءات ويتم من خلال القيام بالسلوك أمام الطلاب أو تقديم نموذج يتضمن الطريقة الصحيحة للقيام بالأشياء.
3. أثناء الشهر الأول من الدراسة:
يحتاج المعلم القيام بما يلي:
أ- الاستمرار في تعليم الطلاب للتعليمات الصفية.
ب- توقع محاولات إضافية لفحص الحدود والاستعداد للتعامل معها، والتي تكثر عادة في الأسابيع الأربعة الأولى ولذلك فإن المعلم بحاجة إلى دعم تعليماته اللفظية بردود فعل مناسبة تبين إصراره على تقيد الطلاب بالتعليمات الصفية.
ت- محاولة ترتيب لقاء لأولياء أمور الطلاب الذين تتكرر مخالفتهم للتعليمات الصفية خلال الشهر الأول فالمعلم يحتاج إلى دعم الوالدين وهذا بدوره يمنع تفاقم المشكلة لدى الطلاب المعنيين من جهة أخرى.
4. على مدار العام الدراسي:
يحتاج المعلم إضافة إلى ما سبق إلى القيام بالإجراءات التالية على مدرار السنة الدراسية:
أ- مراجعة التعليمات الصفية من فترة إلى أخرى بهدف تذكير الطلاب بها من جهة، وتقييمها وأهمية الاستمرار في تطبيقها من جهة أخرى.
ب- الاستمرار في تنفيذ الإجراءات التي ثبت للمعلم فاعليتها، فإظهار الطلاب للالتزام بالتعليمات الصفية هو جزء من عملية تعلم مستمرة طويلة المدى.
ت- محاولة إشراك أولياء الأمور في تنفيذ خطط طويلة المدى للتعامل مع بعض الطلاب الذين لم تنجح محاولات المعلم المنفردة في تنفيذ التزامهم بالتعليمات الصفية(هارون2003م:ص159)
تحديد المسؤوليات الرئيسة للطلاب:
يعتبر تعليم الطلاب لمسؤولياتهم من أهم ما يحتاجون إليه في الصف من خلال شرح هذه المسؤوليات وممارستها، وتقديم تغذية راجعة حولها، ثم تعزيز الممارسة الصحيحة وتنفيذ إجراءات محددة في حالة عدم تحمل الطلاب لمسؤولياتهم، وفيما يلي بعض الأفكار التي يمكن للمعلم تنفيذها للمساهمة في تعلم الطلاب لمسؤولياتهم:
1) في اليوم الأول من العام الدراسي:
1. عرض المعلم لتوقعاته على الطلاب من خلال تحديده لمسؤولياتهم بصورة قصيرة ومختصرة وواضحة ومن الأمثلة على ذلك:
أ- محافظتك على كتبك ودفاترك وممتلكاتك الخاصة سلوك حضاري.
ب- طلبك للمساعدة عندما تحتاج إليها دليل على وعيك.
ت- تسليم واجباتك المنزلية في الوقت المحدد دليل على رغبك في التميز.
2. يحدد المعلم توقعاته المتعلقة بالواجبات المنزلية، وهذا يتضمن توضيح الآلية التي سيتبعها للتعامل مع حالات عدم إكمال الواجب أو التأخر عن الموعد المحدد لتسليمه.
3. توضيح المعلم للإجراءات التي سيتبعها لمساءلة الطلاب ومحاسبتهم عندما لا يتحملون أياً من مسؤولياتهم.
2) أثناء الأسبوع الأول من العام الدراسي:
أ- مراجعة لائحة مسؤوليات الطلاب يومياً للتأكد من وعيهم جميعاً بهذه المسؤوليات.
ب- مراجعة إجراءات المحاسبة والمساءلة المعتمدة.
ت- تزويد أولياء الأمور بنسخة من مسؤوليات الطلاب وتفصيلات حول الإجراءات المعتمدة لمتابعة تحمل الطلاب لهذه المسؤوليات.
ث- إطلاع أولياء أمور الطلاب على تقدم أبنائهم المتعلقة بالجوانب الأكاديمية والسلوكية وذلك في الأسبوع الأول وعلى مدار العام.
3) على مدار العام الدراسي:
أ- المراجعة المستمرة للائحة مسؤوليات الطلاب وذلك لإجراء التعديلات اللازمة.
ب- التطبيق المتسق لإجراءات المساءلة المعتمدة.
ت- عقد لقاءات دورية لأولياء أمور الطلاب للتشاور معهم وتزويدهم بتقارير حول تقدم أبنائهم في كافة المجالات.
إرشادات لاستخدام الحدود الحازمة:
لكي يستخدم المعلم الحدود بشكل حازم فإن عليه توجيه الرسالة اللفظية المناسبة للطالب وفيما يلي بعض الإرشاد التي تساعد المعلم في توجيه رسالة لفظية مناسبة:
1. أن يجعل السلوك غير المقبول هو محور الرسالة لا المشاعر أو الاتجاهات أو قيم الطالب صاحب السلوك.
2. على المعلم أن يكون مباشراً ومحدداً لما يجب عليه القيام به.
3. استخدام نبرات الصوت والنظرات المباشرة للطالب المخطئ أثناء تقديم الرسالة اللفظية وتوظيف لغة الجسد.
4. توضيح النتائج أو التوابع التي ستلحق بالطالب عند عدم تقيده بالتعليمات وتوضيحها.
5. على المعلم أن يدعم القول بالفعل لأن هناك حالات قد لا تستجيب لرسائل المعلم اللفظية الأمر الذي يجعله بحاجة إلى دعمها بردود فعل مناسبة(هارون2003م:ص164).
الخلاصة:
تعد القواعد والتعليمات الصفية مهمة لكل من المعلم والمتعلم، حيث إن التربية الحديثة لم تعد تركز على الأساليب التقليدية في الضبط الخارجي للسلوك لأن أثر هذه الأساليب ضعيف وسلبي في تعلم الطلاب لأنماط السلوك الإيجابي المقبول ولكن تحديد المعلم لمجموعة من التعليمات يسهم في تعلم الطالب أسلوب تحمل المسؤولية تجاه أفعاله وتصرفاته وفقاً للعواقب التي يتم الاتفاق عليها، بالإضافة إلى أن ذلك يساعد في تعزيز الضبط الذاتي عند الطالب، وغرس أسلوب حل المشكلات الاجتماعية والتنظيم الذاتي، كما أن تحديد التعليمات الصفية يؤكد على المحافظة على كرامة الطالب وكرامة المعلم حيث إن كلاً منهما يحاول احترام الآخر من خلال الاتفاق على التعليمات الصفية والعواقب المترتبة على مخالفتها منذ بداية العام الدراسي ضماناً لحقوق الطرفين، كما أن ذلك يسهم في الوصول إلى التعليم الفعلي والتقليل من الضوضاء والفوضى وبالتالي ملء وقت الحصة بالمناشط المتعددة وتقديم التغذية الراجعة للطلاب، بالإضافة إلى تدريبهم على السلوكيات المناسبة للإسهام في تحقيق الأهداف التعليمية التي يضعها المعلم وتسهل العمل بين المعلم وطلابه (طوالبة وآخرون1430هـ:ص86) (توملنسون و إمبيو 2012م: ص156).
إن بعض المعلمين يرى أن لديه من المشاغل والهموم ما يصرفه عن التفكير في التخطيط لتلك التعليمات الصفية قبل بداية العام الدراسي، وأنه يجب أن يصرف وقته في التخطيط لمادته الدراسية لأنه مسؤول عن إنهائها في وقت محدد، إضافة إلى أن بعض المعلمين يعتقد أن من الصعوبة تطبيق هذه التعليمات بدقة وبدون تحيز وأن توفير الجهد والوقت للمادة الدراسية أجدى وأنفع؛ لذا يفضل التخلص فوراً من الطالب المشاغب بالطرد من الصف وعدم الانشغال به ليضمن استفادة بقية الطلاب من الشرح!!.
ثانياً: كفاية تنظيم البيئة الفيزيقية (المادية) للصف:
إن كثيراً من الأمور التي تحدث داخل الصف توضح ضرورة الاهتمام بجانب البيئة المادية من قبل المعلم ليتمكن من إدارة صفه، فقد يتضجر الطلاب أحياناً من حرارة الصيف أو برودة الشتاء، أو عدم رؤيتهم لما كتب على السبورة، أو عدم القدرة على المرور بين المقاعد لتأدية نشاط معين، أو عدم القدرة على متابعة المعلم بسبب الضوضاء خارج الصف، ولذا فإن مثل هذه الأشياء يترتب عليها تعطيل عملية التعليم والتعلم أو عدم حدوثها على الوجه المطلوب، إضافة إلى بروز بعض المشكلات التي تسبب صعوباتٍ للمعلم في إدارة صفه (العجمي 2008م:ص116).
مفهوم البيئة الفيزيقية (المادية) للصف:
ذكرت الجاسر أن المقصود بتنظيم البيئة الصفية: "تهيئة الظروف الفيزيقية والاستفادة من كل ركنٍ من أركان الغرفة دون ازدحامها بأشياء لا ضرورة لها، وتوزيع الأثاث والتجهيزات والمواد والوسائل التعليمية بما يتناسب مع طبيعة المتعلمين واحتياجاتهم، وأساليبهم في العمل وبما يتناسب وطبيعة المناشط والخبرات التعليمية"(الجاسر1423هـ:ص69).
إدارة البيئة المادية لغرفة الصف:
هناك تجاهل كبير من قبل بعض المعلمين لدور البيئة الصفية وآثارها على سلوكهم وسلوك طلابهم من جهة، وعلى عمليتي التعليم والتعلم من جهة أخرى، فبعض المعلمين لا يعيرون العوامل المادية للبيئة الصفية انتباههم إلا عندما يصبح المكان حاراً جداً أو بارداً جداً، أو عندما تصبح الغرفة شديدة الزحام أو الفوضى، والواقع أن التخطيط بعناية بهدف التعامل مع العوامل المادية للبيئة الصفية هو أحد ركائز إدارة الصف.
من المهم ملاحظة أن البيئة المادية لغرفة الصف تؤثر في سلوك الطلاب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فعلى سبيل المثال: إذا تم ترتيب الطلاب في مقاعدهم على شكل مجموعات عندما تدعو الحاجة لذلك فإنه قد ينقل ترتيب المقاعد بهذه الطريقة رسالة ضمنية للطلاب توضح توقعات المعلم منهم، وبأنه لا يشجع التفاعل أو النقاش الجماعي، وتكون مثل هذه الرسالة واضحة إذا قصد المعلم فعلاً ترتيب المقاعد بهذه الطريقة بهدف تقليل فرص حديث الطلاب فيما بينهم، وقد يكون المعلم راغباً في أن يتفاعل الطلاب فيما بينهم، لكنه لم يتنبه أنه أعاق ذلك دون قصد منه، عندما رتب المقاعد ضمن صفوف، وهنا يقال أنه غير واع بأثر العوامل البيئية الصفية على سلوك الطلاب.
التحكم في البيئة المادية لغرفة الصف لا يهدف فقط إلى تقليل احتمالات ظهور التشويش أو الفوضى، بل يتجاوز هذا ويهدف إلى توفير بيئة آمنة ومريحة للطلاب، بيئة صفية تنجح في إشباع حاجاتهم وتشتمل على درجة من الجاذبية والتشويق لجذبهم ورفع دافعيتهم للتعلم، إضافة إلى ما سبق فإنه من المسلمات أن الأفراد ينتجون أفضل في بيئات العمل التي يرتاحون فيها والتي تساعدهم في إشباع حاجاتهم، ومن هنا وجب على المعلم أن ينظم البيئة المادية لغرفة الصف بطريقة تساعد في إشباع حاجات الطلاب وتعطيهم الشعور بالراحة والرضا (هارون2003م:ص412).
تنظيم مقاعد الطلاب في غرفة الصف:
لم تعد الجلسة المنظمة على شكل صفوف متناسقة من الطاولات الثابتة، والتي يجلس عليها الطلاب لساعات طويلة هي الجلسة المناسبة، إذ أصبح المفهوم الحديث للتربية الشاملة، ومع انتشار مفاهيم التعليم بالاكتشاف، والتعلم الذاتي، والتعلم الفردي، والتعلم التعاوني، إلى غير ذلك من أساليب التعليم والتعلم، يرى أن حركة المتعلمين عنصر هام وتعول كثيراً على الطريقة التي يتم بها تنظيمهم، ومن الأساليب الحديثة في التربية تقسيم الصف إلى مراكز اهتمام يزود كل مركز بما يحتاجه من أدوات ومواد وخامات يعمل فيه الطلاب بشكل فردي أو جماعي تحت إشراف المعلم، وهناك مراكز تعلم مثل(مراكز اللغة، الرياضيات، الطبيعة، التعبير الفني) وتضاف إليه مراكز أخرى تلبي احتياجات المتعلمين الفردية، كما يتم توزيع الطلاب على هذه المراكز وفق أسس معينة.
إضافة إلى ذلك فقد برزت عدة تنظيمات للتغلب على بعض الظواهر السلبية التي تسود الصفوف نتيجة ارتفاع كثافة المتعلمين، وازدحامهم في غرفة الصف، حيث ينتج غالباً من هذا الازدحام ازدياد حالات الاستفزاز وانتشار بعض المشكلات الصفية التي يصعب ملاحظتها وسرعة علاجها، وبناءً على ذلك فهذه بعض التنظيمات التي يستطيع المعلم أن يختار منها ما يتناسب مع الموقف التعلمي بغرض تحقيق الأهداف التعليمية ومن تلك التنظيمات:
1. تنظيم الطلاب في مجموعات حسب قدرتهم التحصيلية.
2. تنظيم الطلاب في مجموعات حسب ذكائهم واستعدادهم.
3. تنظيم الطلاب في مجموعات حسب مصدر الإدراك لديهم.
4. تنظيم الطلاب في مجموعات حسب رغبتهم في اختيار أقرانهم والدراسة معهم.
5. تنظيم الطلاب في مجموعات حسب نوع الإعاقة الفردية عندهم(سمعية، بصرية، لفظية، سلوكية، حركية).
6. تنظيم الطلاب في مجموعات حسب نوع هدف التعلم كمنافسة أفراد الصف لبعضهم البعض أو تنمية تعاونهم مع بعضهم.
7. تنظيم الطلاب في مجموعات حسب الخصائص النفسية التي يتميزون بها كالمتفوقين والمستقلين تحصيلياً والمنعزلين والهادئين والمعتمدين على غيرهم.
8. تنظيم الطلاب في مجموعات حسب أسلوب التعليم كالمناقشة والمحاضرة والتعلم الفردي والتعلم الخاص والمشاريع الجماعية والفردية.
وفيما يلي مجموعة من النماذج التنظيمية التي توضحها الأشكال التالية:
لقد أكدت دراسة وشبورن وهيل (washbourne, Heil 1960) ودراسة جريمز وآلان سميث (Allinsmith, Grimes1961) أن المناخ الصفي الذي يكونه المعلم داخل الصف يؤثر على تحفيز الطلاب وقلقهم ووجود مجموعات ضعيفة من الطلاب، كما أن توفر المناخ المنظم بشكل يساعد على رفع أداء الطلاب وارتياح المعلم وبعده عن التوتر والقلق.
مهارات تساعد على تنظيم التعليمات الصفية:
أولاً: تنظيم أثاث الصف بطريقة تساعد على سهولة جلوس الطلاب وحركة المعلم، ويمكن تحقيق ذلك عبر النقاط التالية:
1. جعل حجرة الصف قابلة للتغيير وذلك من خلال:
أ- تنظيم المقاعد والمناضد وفق معايير معينة يتم الاتفاق عليها مع الطلاب.
ب- ترك ممرات بين المقاعد تسهل حركة المعلم بين طلابه لمتابعتهم وتقديم المساعدة لهم ورصد جميع الحركات التي تدور بين المقاعد.
2. تنظيم الحركة داخل الصف بشكل مناسب يسهل انتقال الطلاب من مقاعدهم لتأدية أي نشاط صفي سواءٌ كان فردياً أم جماعياً.
3. يتطلب التنظيم الفعال أن يكون بشكل يساعد على الاتصال بين المعلم وطلابه.
4. أن يكون مساعداً على إثارة انتباه الطلاب، وحائلاً دون تعبهم وباعثاً على السرور في أنفسهم.
5. أن يتوفر في المقاعد والمناضد الشروط الصحية والأمان بحيث تكون مصممة بشكل يتناسب مع طبيعة المتعلمين.
6. أن تكون المقاعد والمناضد خفيفة سهلة الحركة في الصف ليسهل على الطلاب تحريكها وفقاً للنشاط المطلوب.
7. ترتيب الغرفة الدراسية بطريقة تساعد المعلم على رؤية الصف بأكمله ورصد جميع حركاته، تفادياً لحدوث المشكلات الصفية أو تفاقمها نتيجة لعدم تحرك المعلم بين الصفوف وبقائه على مكتبه طويلاً.
ثانياً: تنظيم الأثاث بطريقة تتناسب مع طبيعة الطلاب وطبيعة الدرس:
تهتم هذه المهارة بطريقة تنظيم الطلاب من عدة جوانب، منها الجانب النفسي وأهميته وعدم التقليل من تأثيره في إدارة الصف، وذلك بضرورة ترك المجال للطالب من وقت لآخر في اختيار من يفضل العمل معه أو الجلوس بجانبه، لأن ذلك يلبي حاجته لتكوين الصداقات والشعور بالقبول، شريطة ألا يكون لذلك تأثير على سير العمل داخل الصف، كما يتوجب على المعلم تنظيم جلوس الطلاب بطريقة تربوية تتماشى مع طبيعة النشاط المطلوب وأن يكون الأثاث سهل التحريك لتنفيذ المناشط الفردية والجماعية، كما ينبغي مراعاة الجانب الصحي والمتمثل في إرشاد المعلم المستمر للطلاب إلى طريقة الجلوس الصحية حيث تكون ظهورهم للخلف محافظة على استقامة العمود الفقري، كما يتطلب هذا الجانب من المعلم أن يكون متيقظاً لأية مشكلات صحية لدى الطلاب فيتعرف على من لديه ظروف صحية سمعية أو بصرية أو حركية ليتم وضعهم في المكان المناسب من غرفة الصف، كما ينبغي مراعاة وضع الطلاب وفق القامة حتى يتمكن الجميع من الرؤية والمتابعة تفادياً لكثرة الشكاوى من الطلاب وظهور المشاحنات والخصومات لهذا السبب، ويتعلق بهذا الجانب أمر مهم وهو مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، وذلك بوضع الطلاب ذوى القدرة الاستيعابية الضعيفة بجانب طالب أعلى قدرة منه حتى يحصل بينهما نوع من التعاون في عملية التعلم بمساعدة القادر للضعيف وذلك تحت إشراف المعلم ومتابعته، أو بتوزيع الطلاب على هيئة الحرف(T) بحيث يوزع الطلاب المتفوقين في الصف الأول بعرض الصف وفي الوسط(مركز الصف) طولياً ويسمى هذا التنظيم( منطقة التفاعل T في حجرة الدراسة.
ثالثاً: الاستخدام الأمثل للسبورة:
ويتم ذلك من خلال الإضاءة الكافية فوق السبورة حتى يستطيع الطلاب قراءة الملحوظات والمعلومات التي تكتب عليها، كما ينبغي التأكد من نظافة السبورة باستمرار، لأنها إذا كانت مليئة بالمعلومات والرسومات والملحوظات فإنها ستكون في أذهان الطلاب بنفس الحال من الفوضى، ومن الخطوات العملية في نظافتها توزيع ذلك وفق جدول منظم بين الطلاب يومياً اعتماداً على مبدأ التعاون وتحمل المسؤوليات بين أفراد الصف.
ويندرج تحت هذه المهارة تنظيم السبورة بالطريقة التي تتناسب مع طبيعة الدرس، مع مراعاة تخصيص الجزء الأيسر من السبورة للرسوم، وتخصيص جزءٍ للأفكار والعناوين الرئيسة، وجزءٍ للشرح والتفسير، كما يراعي المعلم الكتابة على السبورة بخط واضح ومقروء.
رابعاً: تنظيم سائل ومصادر التعلم:
الاستعانة بالوسائل التعليمية ومصادر التعلم من شأنه مساعدة المعلم والمتعلم في عملية التعليم والتعلم وإثارة اهتمام المتعلمين، وتوضيح خطوات الدرس، وتوضيح المعلومات بشكل أفضل ومراعاة الفروق الفردية، ولذلك يجب تقديمها للطالب في الوقت المناسب والتدرج عند عرضها التسلسل حسب الأفكار المتعلقة بها، كما ينبغي على المعلم التأكد من وجود أجهزة ومصادر تعلم صالحة للاستخدام وجاهزة في أي وقت وكل ما يتعلق بها حتى لا يقع المعلم في حرج أمام الطلاب عند نقص هذه الأجهزة ومتطلباتها، مما قد يحدث الفوضى أو الملل أو الضجر من الانتظار حتى تكتمل للاستخدام.
خامساً: مراعاة الظروف المادية بما يناسب راحة الطلاب وجودة العمل خلال الدرس:
إن التربية الصفية عملية إنسانية، ولهذا يراعي هذا الجانب جميع العناصر التي تساعد على راحة المتعلمين وما يترتب عليه من جودة في العمل، ولذلك ينبغي على المعلم في هذا الجانب مراعاة أمور أساسية منها:
1. تعديل ضوء الغرفة بحيث لا يكون ساطعاً جداً، ولا معتماً يتعب البصر وذلك بتخصيص الإضاءة الكهربائية المناسبة.
2. التحكم في تعديل ضوء وحرارة غرفة الصف من خلال وضع ستائر أو لوحات من الورق المقوى بشكل جميل.
3. تغيير أماكن جلوس الطلاب بحيث لا تكون أشعة الشمس مباشرة على مقاعدهم إذا وردت شكوى من شدة الحرارة أو ضوء أشعة الشمس.
4. تعديل درجة الحرارة المناسبة للصف بما يتناسب مع الطقس بصفة عامة.
5. تجديد الهواء باستمرار داخل غرفة الصف لضمان دخول كمية كافية من الأكسجين مما يساعد على تنشيط الطلاب ويقظتهم الفكرية وذلك من خلال فتح النوافذ والأبواب.
6. زخرفة غرفة الصف أو تجميل جدرانها بتغطيتها بورق خاص لاصق لونه فاتح مريح للنفس والبصر ويساهم في هدوء الأعصاب.
7. أن تكون السبورة مطلية باللون الأخضر بدلاً من اللون الأسود (الجاسر1423هـ:ص81).
ثالثاً: كفاية تنظيم البيئة الاجتماعية للصف:
تشتمل مهنة التعليم على مستويات عالية من التفاعل البشري، فعمليات التعليم والتعلم تقوم كلها على التفاعل بين المعلم وطلابه أو بين الطلاب أنفسهم، ومن المعلوم أن عمليات التفاعل الهادفة تتأثر بشكل كبير بطبيعة العلاقة التي تربط بين المتفاعلين، وبالتالي فإن التركيز على المناخ النفسي السائد في غرفة الصف أمر مهم، وذلك لتوجيهه لتحقيق الأهداف المطلوبة من المعلم والطالب.
