أهمية التدريس الإبداعي :
تحتم التحولات والتحديات التي تواجه التربية العربية تغييراً في إعداد المدرس ، ويبدو من أكثر الجوانب أهمية في إعداد المدرسين وتدريبهم ، ممارساتهم ومدى قربها أو بعدها عن الإبداع غاية ووسيلة .
لذلك اهتمت الدول المتقدمة بنظامها التعليمي وأولت الاهتمام الأكبر للمدرس باعتباره المسؤول عن نجاح أو فشل أي نظام تعليمي، ولهذا لا بد من الاهتمام بإعداده الإعداد الجيد، لأنه المحرك الأساسي للعملية التعليمية، ذلك الإعداد الذي يخضع لبرامج وأساليب واستراتيجيات حديثة مهما كلفت هذه الأمور، لان الإنفاق عليها يعتبر استثماراً بشرياً في مختلف مجالات الحياة
فالمدرس هو العنصر المهم والمؤثر وحجر الزاوية في العملية التعليمية والتربوية، والذي ترتبط به النواتج التعليمية المراد تحقيقها فمن الضروري أن يقوم بالأدوار التي تسهم في تحسين ممارساته التدريسية لتنعكس إيجابياً على ما يكتسبه طلابه من معارف ومهارات واتجاهات وقيم متنوعة ، ولن يستطيع المدرس أن يقوم بتلك المهام والأدوار إلا من خلال حسن إعداده وتدريبيه، ولذلك أصبحت عملية الإعداد والتدريب تشغل بال الكثيرين من التربويين والقائمين على العملية التعليمية
إذ تأخذ قضية إعداد المدرس أهمية قصوى في البرامج التعليمية على اختلاف مشاربها واتجاهاتها في السياسات التعليمية ، لجميع الأمم الناهضة ، وفي كثير من الدول ينظر إلى إعداد المدرس على انه إعداد للأجيال المقبلة ، ويرون فيه تطلعاتهم ، ويضعون عليه آمالهم ، وفي القلب من المنظومة التعليمية والمجتمعية يقف المدرس رائداً للتطوير والإبداع وقائداً للتغيير والابتكار ، ولما كانت هذه المنظومة تتعرض لضغوط عديدة في بنائها ، ومضامينها وتوجهاتها لكي تخرج من اسر التقليدية ، وتستشرف التفكير والتجديد ، فان المدرس هو أول المطالبين بتعديل ثقافته التدريسية وممارساته ، وضبط مؤشر الاستقبال ليتوجه بقوة ناحية الإبداع غاية ووسيلة . فالمعلم هو عماد العملية التعليمية وأساسها ، وهو الذي يهيئ المناخ الذي من شأنه إما أن يقوي من ثقة المتعلم بنفسه أو يزعزعها ، يشجع اهتماماته أو يحبطها ، ينمي قدراته أو يهملها ، يقدح إبداعيته أو يخمد جذوتها. فالمربي المبدع يرتقي بأبنائه إلى أن يكونوا طلاباً مبدعين ومنتجين .
أن المعلمين لهم مكانة متميزة من حيث تشجيعهم للإبداع ، وذلك من خلال قبولهم أو رفضهم الأفكار التخيلية أو غير العادية ، فضلاً عن تنمية الإبداع من خلال التفاعل اليومي مع الطلبة ، فالمعلمون يمكن أن يستعملوا العصف الذهني لإنتاج وتوليد أفكار بدون التوقف لتقويمها ، وذلك لان تقويم هذه الأفكار يوقف الإبداع .
فالمعلم يهيئ المناخ الذي يقوي ثقة المتعلم بنفسه أو يدمرها ، يقوي روح الإبداع أو يقتلها ، يثير التفكير الناقد أو يحبطه إذ أشارت نتائج الدراسات إلى دور المدرس صاحب التوجه الفلسفي المطوّر لإمكانياته الإبداعية ، وطرائق التدريس المتبعة داخل الصف الدراسي ، المبتعد عن المناحي التقليدية في التدريس في تنمية الإبداع لدى الدارسين .
ويرى قطامي إن التدريب على الإبداع مهمة وطنية ، إذ أن تدريب الطلبة على معالجة القضايا التي يعاصرونها بأساليب وطرق جديدة بعيدة عن التقليد ، يسهم في تسليح الطلبة بقيم المعاصرة وتساعدهم على التكيف بطريقة ناجحة ومتفوقة ، والتكيف صفة شخصية ايجابية يسعى كل فرد إلى تحقيقها ، وتستحق أن تبذل من اجل تحقيقها الفعاليات المدرسية وأجهزة الإعلام ووسائط المعرفة المختلفة .
أن احد الأدوار الحديثة للمدرس في الألفية الثالثة هو أن يكون مدرساً مبدعاً . من حيث التزود بالمعرفة الحديثة المتجددة عبر التقنيات الحديثة ولعل أهمها في الوقت الراهن الحاسوب والشبكة العالمية للانترنت ، والعمق المعرفي ، ومن ثم توافر ذخيرة من الاستراتيجيات التي يمكن أن تثير عمليات التفكير الإبداعي لدى الطلبة .
فالمعلم المبدع هو معلم يقاوم العزلة والاغتراب ، ويدرك أهمية المعرفة والتفكير وشجاعة التعبير كأسس تقوم عليها كل ممارساته وأنشطته التربوية .
فالمعلم يهيئ المناخ الذي يقوي ثقة المتعلم بنفسه أو يدمرها ، يقوي روح الإبداع أو يقتلها ، يثير التفكير أو يحبطه .
ویشجع التدریس الإبداعي على الاكتشاف والمعالجة وإثارة الأسئلة، والتجریب واختیار الحلول والأفكار وتعدیلها ، كما یدعم القدرة على إعادة تعریف المفاهيم والعناصر والموضوعات ، فالتدریس الإبداعي یتفوق على التدریس التقلیدي ؛ إذ أن التدریس التقلیدي یدعم عدداً محدوداً من القدرات العقلیة وبالتحدید التذكر والتفكیر المنطقي .
ولتربية متعلم مبدع لابد أولاً من تخريج معلم مبدع ، معلم يمتلك على الأقل مقومات وصفات المعلم الكفء القادر على ممارسة تربية وتعليم التفكير الإبداعي والناقد .
وفي هذا الصدد تؤكد تيبر(Tepper 2004) على أهمية الإعداد قبل الخدمة في تنمية مهارات وممارسات داعمة للتدريس الإبداعي لدى المعلمين ، وعدم توفير هذا التدريب على فنيات وطرائق التعليم والتعلم والتقويم الإبداعي يعد معوقاً للتدريس الخلاق .
إذ يؤدي التدريس الإبداعي إلى تغير وتطوير في الأفراد ، كما يؤدي إلى تغيرات جذرية ومنتظمة في المجتمع نفسه
أن نوعية المدرس متغير أساسي في تنمية القدرات الإبداعية لدى الطلبة ، أن المدرسين الذين يبدون سلوكاً أكثر أصالة وإثارة يكون طلابهم أكثر قدرة على المبادرة ، وأكثر قدرة على القيام بأنشطة من النوع الإبداعي ، فمن يمتلك يستطيع أن يعطي ، كما أن المبدع لا يبدع من ذاته بل يستثيره الآخرون ، ففي كل طالب طاقة إبداع ، وقوة تدفعه في طريقها الصحيح ، وعلية فان المدرس الناجح هو الذي يخلق جوّاً في قاعة الدرس يساعد على ممارسة الإبداع ، كما تتنوع ادوار المدرس المبدع ليشكل البيئة المناسبة للإبداع والتي تدعم تلك القدرة لدى الطلبة وترعاها ، ويخلق المواقف التعليمية الطبيعية التي تفجر طاقات الإبداع وتثير المتعلم وتتحدى قدراته
فالمدرس الذي لا يتمكن من التعرف على الإبداعية لدى طلابه ، من غير المحتمل أن ينجح في تصميم برامج التدريس .
فتربية الإبداع تعتمد بصورة كلية على دور المدرس ومدى إعداده ليقوم بهذه المهمة بمعرفة كافية ، وصبر ، ومثابرة . كما يجب أن تُعد الدروس بطريقة مفتوحة ، تسمح أن يتولى الطلبة التفكير في المسائل المطروحة واقتراح الحلول لها بصورة حرة ومستقلة ، ودون خوف من الوقوع في الخطأ
يرى تورانس أن تعلم الإبداع يتم عن طريق التعرف على طرق الاكتشاف والممارسة والمغامرة ومعرفة الفرضيات حول المشكلة وفحص الفرضيات واكتشاف شيء نرغب أن نخبر عنه الآخرين ، وعند تعليم الإبداع لابد من مراعاة قضايا هامة مثل : الحفاظ على حماس المعلمين ، تقبل ومراعاة الفروق الفردية ، مرونة المنهج ، دعم وتشجيع الطلبة عند تعرضهم للضغوطات ، تشجيع عمليات التعلم الذاتي ، وعدم الانخداع باختبارات الذكاء .
أن التدریس المبدع یرتبط بطرائق التدریس المثیرة للتفكیر ، وإدارة دیمقراطیة للنقاش ، وتحقیق الدافعیة للتعلم الذاتي ، ویرتبط بالتدریس المنظم الذي یسیر وفق خریطة من مهارات التدریس الأساسیة لتحقیق التدریس المتمیز ، ونماذج التدریس
يعد الإبداع من الموضوعات المعقدة التي تشكل بؤرة اهتمام العديد من علماء النفس المعرفيين والطفولة والنمو ، وكل من له صلة بالنظام المعرفي ( الذهني ) للفرد المتعلم . إذ قدّموا إسهامات واضحة حول العمليات الذهنية الإبداعية ، والكيفية التي يتعلم بها الأفراد الإبداع ، وطرق تعليمه وتطويره وتنميته ، والمراحل الذهنية الخاصة بالعملية الإبداعية ، وبالتالي كيفية تكييف تدريسنا مع الإبداع للطلبة ، ومن كافة المراحل التعليمية .
يعتقد جاردنر (Gardner ,2001 ) هناك تحديان يواجهان التعليم في المدارس هما :
التحدي الأول : ما الذي يجب أن يتم تدريسه ؟ وما هي نوع المعرفة الملائمة للإبداع ؟
التحدي الثاني : يرتبط بطرق تدريس الطلبة ، بيئة التعلم ، وقت التعلم ، التحفيز ، قدرة المتعلم ، فردية التعلم ، المسئولية تجاه التعلم ، ..الخ .
التدريس الإبداعي هو أن نناشد الجانب المبدع من عقول الطلبة ، ويمكن أن يأخذ التدريس الإبداعي أشكال عديدة . قد يكون الطلبة جالسين على مقاعد الدراسة أو خارجها ، ربما يتكلمون أو يعملون بصمت ، ويمكن أن يعملوا مع المدرس أو لوحدهم . التدريس الإبداعي لا يعني بالضرورة انك تحتاج إلى ساعات من الاستعداد لكل نشاط فردي تريد عمله ، أو عمل بطاقات ، حقائب النشاط وما شابه . هذا يكون في الحقيقة خطة رديئة ، كالجهد الذي يزيل قدرة الطلبة للعيش خارج غرفة الصف .
إن الغرض من التدريس الإبداعي هو أن يحسّن عملية التعلم ، وهذا في حد ذاته يحسّن عملك أيضاً . يجب أن يكون التدريس الإبداعي تجربة مُرضية وممتعة لك كمدرس فضلا عن طلابك .
التدريس الإبداعي هو الفكر للدخول في : دخول الشعور في ما ادعوه الحالة المبدعة . انه كيف تقدم نفسك كشخص يهتم ويتمتع بتقديم موضوعه ؛ كيف تحفز طلابك للمشاركة والفهم ؛ كيف تستمر بجعل التعلم أكثر مرحاً أو جذاباً . فالتدريس الإبداعي يشجع الطلبة على تحمل المسؤولية للقيام بواجباتهم بطريقة لا تولد الشعور بالإرهاق ( لكل من المدرس والطلبة ) فالمدرس المبدع مهتم بالمجموعات وبالمجتمع الكبير فضلاً عن الفرد .
أن النقطة الأولى في التدريس الإبداعي هي أن يدرك الفرد بان كل شخص قادر على أن يتعلم ويكتشف( .
أن المدرس المبدع يثير طلابه نحو الهدف النبيل( .
المدرس المبدع هو الشخص الذي يفهم طلابه ، يعمل من خلال مصالحهم وطموحاتهم ، مشكلاتهم وحاجاتهم يحفزهم ويوجههم للكفاح وراء الأهداف الكبرى( .
ويرى (Woolfolk ,2001)أن أهم خطوة يمكن للمدرس أن يتخذها لتشجيع العملية الإبداعية في غرفة الصف هي الحرص على تعريف الطلبة بأنه سيتم تقدير الإبداع ، فالأطفال يحققون تقدماً مفاجئاً ، إذ يميلون منذ طفولتهم المبكرة إلى الاستكشاف والإبداع ، وغالباً ما يتم تفسير روح المغامرة لديهم بعدم الإذعان . فالمدرس في وضع ممتاز لتشجيع أو إخماد الإبداعية من خلال قبوله أو رفضه لما هو غير طبيعي وخيالي . وتسهم استراتیجیات التدریس الإبداعي في تنمیة إمكانات العقل البشري ؛ لأنها تعتمد في مجملها على التفكیر المتشعب ، وهو التفكیر الذي یسمح بإجراء وصلات جدیدة بین الخلایا العصبیة وما تحمله من معلومات ، كما أن هذه الاستراتیجیات تؤكد على وجود علاقة بین التعلم الأكادیمي والمناخ الانفعالي السائد في مواقف التعلیم و التعلم .
وتذكر حاجي أن أهمیة التدريس الإبداعي تكمن فیما یأتي :
1. قیام نهضة فكریة ثقافیة ، قوامها التألیف ، والإبداع ، والتهذیب ، والتنقیح ، والنقد .
2. تزوید المجتمع بثروة بشریة حقیقة ومبدعة تصنع الحضارة المادیة ، والروحیة ، تسهم في حل المشاكل الاجتماعیة ، والاقتصادیة ، والتقنیة ، والسیاسة ، والصراعات الدولیة ، بطریقة جدیدة ، تتناسب مع روح العصر ، ومتطلباته .
3. تخلیص المجتمع من التبعیة ، وتقلید الآخرین ، فالتقلید مانع للعقل من الانطلاق ، ومعوق له عن التفكير .
4. مساعدة الطالب على فهم أعمق للمحتوى المعرفي الذي یتعلمه ؛ ذلك أن التعلم في أساسه عملیة تفكیر ، وتوظیف التفكیر في التعلیم ، یحول عملیة اكتساب المعرفة من عملیة خاملة إلى نشاط عقلي یفضي إلى إتقان أفضل للمحتوى المعرفي ، وإلى ربط عناصره بعضها ببعض .
5. تلبیة حاجة مهمة عند المتعلم ألا وھي النزوع إلى الاستقلالیة ، والاستطلاع ، والفضول ، والاكتشاف ، والتجریب بأسالیب علمیة . فالفرد عندما یشعر بأن شیئاً ما مفقود ، أو غیر معروف ، أو مبهم یتوتر ، ویقلق ، هذا الشعور یدفعه للتقصي والتمحیص حتى یصل إلى حالة الارتیاح .