توالت الأيام والليالي ولا زال المعلمون معتصمون رغم المرارة التي يذوقونها من جراء تلك الاعتصامات فلم يطمح المعلم في أي يوم من الأيام بأن يخرج إلى الشارع معتصما مطالبا بحقوقه ، فجميع العقائد تحت السماء تحترم المعلم وتقدره وتقدس رسالته وتعتبره شخصا لا يجوز المساس به ولا بمهنته ولكن للأسف الشديد في وطننا غدا المعلم مهمشا مهضوم الحقوق مسلوب الإرادة فهذا كله من نتاج الفساد والمفسدين والذين بات همهم الأول والأخير هو دمار أردننا حتى تكون الفرصة سانحة لهم بالهروب بفعلتهم والتخلص من مثولهم أمام العدالة فلذلك هم الآن يفكرون ويخططون ويدبرون ليبعثروا الأوراق كي يستطيعوا إخفاء أوراقهم الخبيثة وهذا ما سيحصل إذا لم يتدارك الشرفاء في هذا الوطن الوضع وينظروا للمشهد العام نظرة تأملية عميقة .
والناظر المتأمل لتصريحات الحكومة والمتمثلة بكلمات وزير التربية والتعليم عيد الدحيات الغير موزونة والتي لا تبشر بخير يجد أنها كلمات تصعيدية تزيد الطين بِلة ، ألا يعلم عيد أن كلماته تلك يعتبرها المفسدين عيدا يستقبلونها بكل فرح وسرور واحتفال لأنه إن حول كلماته تلك إلى أفعال فسيذهب بوطننا إلى دوامة غير معلومة النهاية ؟
ليعلم كل من تسول له نفسه الدنيئة بأن اعتصام المعلمين سيكون بداية الطريق لدمار هذا الوطن بأن نفسه قد خدعته شر خديعة وأنه خاب وخسر ، وليعلم بأننا نحن المعلمون درع الوطن وحصنه الحصين والذي لا يهين ولا يلين في وجه كل من يريد لهذا الوطن الدمار وأننا الجند الأوفياء لمليكنا وقائدنا ، كيف لا ونحن في كل يوم نبتديء أداء واجبنا برفع العلم مصاحبا للسلام الملكي ، وما جاء اعتصامنا هذا إلا رفضا للظلم مطالبين بتنفيذ أوامر مليكنا لكم بتحسين ظروف المعلم وتحسين معيشته في جميع النواحي ، نحن أبناء الوطن وبناؤه المتين ، وفيما سبق خرجنا من اعتصاماتنا وفاءا للمليك ولكن صدق مليكنا حينما قال أن هنالك أشخاص يختبؤون خلف عباءته ونحن أخذنا على عاتقنا أن نكون عباءة الملك الجديدة وسنلقي بكل ما علق بالعباءة القديمة من أوساخ لا تليق بأن تكون موجودة في عباءته وسننهي عصر البرامكة هذا الذي نعيش الآن .
انتفض المعلم ولن يوقف انتفاضته هذه إلا باسترداد الحقوق والمظالم ، وحتى تعلم جميع الأقطار بأن المعلم الأردني صاحب كرامة ، مغمور بحب الوطن ، وأنه لا يقبل بالظلم بشتى أشكاله ، وأن رسالته لا تقف حدودها داخل أسوار المدارس لا بل تتعدى ذلك ، فالمعلم الأردني الآن يثبت للجميع بأنه يعي اسم الوزارة التي ينتمي لها جيدا فالتربية قبل التعليم وهو الآن يربي أبناء الوطن بأنه لا سكوت عن الظلم ولا يجب أن يتم استيعابه ، وبعد أن يعلم طلبتنا هذه السجية جيدا سيحين بعدها مرحلة التعليم ليخرج لنا في المستقبل جيلا يعي جيدا حقوقه وواجباته متسلحا بالمعلومة القيمة ليبدأ مشواره في بناء الوطن بقوة واقتدار ، حينها سنكون قد تخطينا الكثير من المشكلات والتي اصطدمنا بها الآن نتيجة صمتنا فيما مضى ، فالجيل القادم يعلم علم اليقين بأن الفساد سيؤول بأصحابه إلى الدمار ويذهب بهم إلى مزبلة التاريخ ، وهذه بشرى خير نستبشر بها بأن الأردن بالمستقبل سيكون أقوى وهذا هو الهم الأول والأخير لكل أردني شريف .
بقلم : إياس المطارنة